الباحث القرآني

﴿الحَقُّ مِن رَبِّكَ﴾ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ أيْ هو الحَقُّ، وهو راجِعٌ إلى البَيانِ والقَصَصِ المَذْكُورِ سابِقًا، والجارُّ والمَجْرُورُ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في الخَبَرِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ ﴿الحَقُّ﴾ مُبْتَدَأً، و﴿مِن رَبِّكَ﴾ خَبَرَهُ، ورَجَّحَ الأوَّلَ بِأنَّ المَقْصُودَ الدَّلالَةُ عَلى كَوْنِ عِيسى مَخْلُوقًا كَآدَمَ عَلَيْهِما السَّلامُ هو ”الحَقُّ“ لا ما يَزْعُمُهُ النَّصارى، وتَطْبِيقُ كَوْنِهِما مُبْتَدَأً وخَبَرًا عَلى هَذا المَعْنى لا يَتَأتّى إلّا بِتَكَلُّفِ إرادَةِ أنَّ كُلَّ حَقٍّ أوْ جِنْسِهِ مِنَ اللَّهِ تَعالى، ومِن جُمْلَتِهِ هَذا الشَّأْنُ أوْ حِمْلُ اللّامِ عَلى العَهْدِ بِإرادَةِ ”الحَقِّ“ المَذْكُورِ، ولا يَخْفى ما في التَّعَرُّضِ لِعُنْوانِ الرُّبُوبِيَّةِ مِنَ الإضافَةِ إلى ضَمِيرِهِ ﷺ مِنَ اللَّطافَةِ الظّاهِرَةِ. ﴿فَلا تَكُنْ مِنَ المُمْتَرِينَ﴾ [ 60 ] خِطابٌ لَهُ ﷺ، ولا يَضُرُّ فِيهِ اِسْتِحالَةُ وُقُوعِ الِامْتِراءِ مِنهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ بَلْ قَدْ ذَكَرُوا في هَذا الأُسْلُوبِ فائِدَتَيْنِ؛ إحْداهُما: أنَّهُ ﷺ إذا سَمِعَ مِثْلَ هَذا الخِطابِ تَحَرَّكَتْ مِنهُ الأرْيَحِيَّةُ فَيَزْدادُ في الثَّباتِ عَلى اليَقِينِ نُورًا عَلى نُورٍ وثانِيَتُهُما: أنَّ السّامِعَ يَتَنَبَّهُ بِهَذا الخِطابِ عَلى أمْرٍ عَظِيمٍ فَيَنْزِعُ ويَنْزَجِرُ عَمّا يُورِثُ الِامْتِراءَ لِأنَّهُ ﷺ مَعَ جَلالَتِهِ الَّتِي لا تَصِلُ إلَيْها الأمانِيُّ إذا خُوطِبَ بِمِثْلِهِ فَما يَظُنُّ بِغَيْرِهِ فَفي ذَلِكَ زِيادَةُ ثَباتٍ لَهُ صَلَواتُ اللَّهِ تَعالى وسَلامُهُ عَلَيْهِ ولُطْفٌ بِغَيْرِهِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ خِطابًا لِكُلِّ مَن يَقِفُ عَلَيْهِ ويَصْلُحُ لِلْخِطابِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب