الباحث القرآني
﴿فَرِحِينَ﴾ جُوِّزَ أنْ يَكُونَ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ في (يُرْزَقُونَ) أوْ مِنَ الضَّمِيرِ في (أحْياءٌ) أوْ مِنَ الضَّمِيرِ في الظَّرْفِ، وأنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلى المَدْحِ، أوِ الوَصْفِيَّةِ لِأحْياءٍ في قِراءَةِ النَّصْبِ ومَعْناهُ مَسْرُورِينَ.
﴿بِما آتاهُمُ اللَّهُ﴾ بَعْدَ انْتِقالِهِمْ مِنَ الدُّنْيا ﴿مِن فَضْلِهِ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِآتاهم، و(مِن) إمّا لِلسَّبَبِيَّةِ أوْ لِابْتِداءِ الغايَةِ أوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ المَحْذُوفِ العائِدِ عَلى المَوْصُولِ، و(مِن) لِلتَّبْعِيضِ، والتَّقْدِيرُ بِما آتاهُمُوهُ حالَ كَوْنِهِ كائِنًا بَعْضُ فَضْلِهِ.
والمُرادُ بِهَذا المُؤْتى ضُرُوبُ النِّعَمِ الَّتِي يَنالُها الشُّهَداءُ يَوْمَ القِيامَةِ أوْ بَعْدَ الشَّهادَةِ، أوْ نَفْسُ الفَوْزِ بِالشَّهادَةِ في سَبِيلِ اللَّهِ تَعالى.
﴿ويَسْتَبْشِرُونَ﴾ أيْ يُسَرُّونَ بِالبِشارَةِ، وأصْلُ الِاسْتِبْشارِ طَلَبُ البِشارَةِ وهو الخَبَرُ السّارُّ إلّا أنَّ المَعْنى هُنا عَلى السُّرُورِ اسْتِعْمالًا لِلَّفْظِ في لازِمِ مَعْناهُ، وهو اسْتِئْنافٌ أوْ مَعْطُوفٌ عَلى فَرِحِينَ لِتَأْوِيلِهِ بِيَفْرَحُونَ.
وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ وهم يَسْتَبْشِرُونَ فَتَكُونَ الجُمْلَةُ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ في ﴿فَرِحِينَ﴾ أوْ مِن ضَمِيرِ المَفْعُولِ في آتاهم، وإنَّما احْتِيجَ إلى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ عِنْدَ جَعْلِها حالًا لِأنَّ المُضارِعَ المُثْبَتَ إذا كانَ حالًا لا يَقْتَرِنُ بِالواوِ.
﴿بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ أيْ بِإخْوانِهِمُ الَّذِينَ لَمْ يُقْتَلُوا بَعْدُ في سَبِيلِ اللَّهِ تَعالى فَيَلْحَقُوا بِهِمْ ﴿مِن خَلْفِهِمْ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِيَلْحَقُوا، والمَعْنى أنَّهم بَقُوا بَعْدَهم وهم قَدْ تَقَدَّمُوهم.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ حالًا مِن فاعِلِ يَلْحَقُوا أيْ لَمْ يَلْحَقُوهم مُتَخَلِّفِينَ عَنْهم باقِينَ بَعْدُ في الدُّنْيا.
﴿ألا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هم يَحْزَنُونَ﴾ بَدَلٌ مِنَ الَّذِينَ بَدَلُ اشْتِمالٍ مُبَيِّنٌ لِكَوْنِ اسْتِبْشارِهِمْ بِحالِ إخْوانِهِمْ لا بِذَواتِهِمْ، أيْ يَسْتَبْشِرُونَ بِما تَبَيَّنَ لَهم مِن حُسْنِ حالِ إخْوانِهِمُ الَّذِينَ تَرَكُوهم أحْياءً، وهو أنَّهم عِنْدَ قَتْلِهِمْ في سَبِيلِ اللَّهِ تَعالى يَفُوزُونَ كَما فازُوا، ويَحُوزُونَ مِنَ النَّعِيمِ كَما حازُوا، وإلى هَذا ذَهَبَ ابْنُ جُرَيْجٍ وقَتادَةُ، وقِيلَ: إنَّهُ مَنصُوبٌ بِنَزْعِ الخافِضِ أيْ لِئَلّا، أوْ بِأنْ لا وهو مَعْمُولٌ لَيَسْتَبْشِرُونَ واقِعٌ مَوْقِعَ المَفْعُولِ مِن أجْلِهِ أيْ يَسْتَبْشِرُونَ بِقُدُومِ إخْوانِهِمُ الباقِينَ بَعْدَهم إلَيْهِمْ لِأنَّهم لا خَوْفٌ عَلَيْهِمُ إلَخْ، فالِاسْتِبْشارُ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِالأحْوالِ.
ويُؤَيِّدُ هَذا ما رُوِيَ عَنِ السُّدِّيِّ أنَّهُ يُؤْتى الشَّهِيدُ بِكِتابٍ فِيهِ ذِكْرُ مَن يَقْدَمُ عَلَيْهِ مِن إخْوانِهِ يُبَشَّرُ بِذَلِكَ فَيَسْتَبْشِرُ كَما يَسْتَبْشِرُ أهْلُ الغائِبِ بِقُدُومِهِ في الدُّنْيا، فَضَمِيرُ (عَلَيْهِمْ) وما بَعْدَهُ عَلى هَذا راجِعٌ إلى (الَّذِينَ) الأوَّلِ، وعَلى الأوَّلِ إلى الثّانِي.
ومِنَ النّاسِ مَن فَسَّرَ - الَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا - بِالمُتَخَلِّفِينَ في الفَضْلِ عَنْ رُتْبَةِ الشُّهَداءِ وهُمُ الغُزاةُ الَّذِينَ جاهَدُوا في سَبِيلِ اللَّهِ تَعالى ولَمْ يُقْتَلُوا بَلْ بَقُوا حَتّى ماتُوا في مَضاجِعِهِمْ، فَإنَّهم وإنْ لَمْ يَنالُوا مَراتِبَ الشُّهَداءِ إلّا أنَّ لَهم أيْضًا فَضْلًا عَظِيمًا بِحَيْثُ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هم يَحْزَنُونَ لِمَزِيدِ فَضْلِ الجِهادِ، ولا يَخْفى أنَّهُ خِلافُ الظّاهِرِ مِنَ الآيَةِ، وإنْ كانَ فَضْلُ الغُزاةِ وإنْ لَمْ يُقْتَلُوا مِمّا لا يَتَناطَحُ فِيهِ كَبْشانِ.
و(أنْ) عَلى كُلِّ تَقْدِيرٍ هي المُخَفَّفَةُ واسْمُها ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وخَبَرُها الجُمْلَةُ المَنفِيَّةُ، والمَعْنى (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) فِيمَن خَلَّفُوهُ مِن ذُرِّيَّتِهِمْ فَإنَّ اللَّهَ تَعالى يَتَوَلّاهم.
﴿ولا هم يَحْزَنُونَ﴾ عَلى ما خَلَّفُوا مِن أمْوالِهِمْ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى قَدْ أجْزَلَ لَهُمُ العِوَضَ، أوْ (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) فِيما يَقْدَمُونَ عَلَيْهِ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى مَحَّصَ ذُنُوبَهم بِالشَّهادَةِ، ﴿ولا هم يَحْزَنُونَ﴾ عَلى مُفارَقَةِ الدُّنْيا فَرَحًا بِالآخِرَةِ، أوْ (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) في الدُّنْيا مِنَ القَتْلِ فَإنَّهُ عَيْنُ الحَياةِ الَّتِي يَجِبُ أنْ يُرْغَبَ فِيها فَضْلًا عَنْ أنْ يُخافَ ويُحْذَرَ ﴿ولا هم يَحْزَنُونَ﴾ عَلى المُفارَقَةِ، وقِيلَ: إنَّ كِلا هَذَيْنِ المَنفِيَّيْنِ فِيما يَتَعَلَّقُ بِالآخِرَةِ، والمَعْنى أنَّهم لا يَخافُونَ وُقُوعَ مَكْرُوهٍ مِن أهْوالِها، ولا يَحْزَنُونَ (p-124)مِن فَواتِ مَحْبُوبٍ مِن نَعِيمِها وهو وجْهٌ وجِيهٌ.
والمُرادُ بَيانُ دَوامِ انْتِفاءِ ذَلِكَ لا بِيانُ انْتِفاءِ دَوامِهِ كَما يُوهِمُهُ كَوْنُ الخَبَرِ في الجُمْلَةِ الثّانِيَةِ مُضارِعًا، فَإنَّ النَّفْيَ وإنْ دَخَلَ عَلى نَفْسِ المُضارِعِ يُفِيدُ الدَّوامَ والِاسْتِمْرارَ بِحَسَبِ المَقامِ، وقَدْ تَقَدَّمْتِ الإشارَةُ إلَيْهِ.
{"ayah":"فَرِحِینَ بِمَاۤ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَیَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِینَ لَمۡ یَلۡحَقُوا۟ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











