الباحث القرآني
﴿الَّذِينَ قالُوا﴾ مَرْفُوعٌ عَلى أنَّهُ بَدَلٌ مِن واوِ يَكْتُمُونَ كَأنَّهُ قِيلَ: واللَّهُ أعْلَمُ بِما يَكْتُمُ الَّذِينَ قالُوا، أوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ هُمُ الَّذِينَ، وقِيلَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قُلْ فادْرَءُوا بِحَذْفِ العائِدِ أيْ قُلْ لَهم إلَخْ، أوْ مَنصُوبٌ عَلى الذَّمِّ، أوْ عَلى أنَّهُ نَعْتٌ لِلَّذِينَ نافَقُوا، أوْ بَدَلٌ مِنهُ، أوْ مَجْرُورٌ عَلى أنَّهُ بَدَلٌ مِن ضَمِيرِ أفْواهِهِمْ أوْ قُلُوبِهِمْ، وجاءَ إبْدالُ المُظْهَرِ مِن ضَمِيرِ الغَيْبَةِ في كَلامِهِمْ، ومِنهُ قَوْلُ الفَرَزْدَقِ:
؎عَلى حالَةٍ لَوْ أنَّ في القَوْمِ حاتِمًا عَلى جُودِهِ لَضَنَّ بِالماءِ حاتِمُ
بِجَرِّ حاتِمٍ بَدَلًا مِن ضَمِيرِ جُودِهِ لِأنَّ القَوافِيَ مَجْرُورَةٌ، والمَعْنى يَقُولُونَ بِأفْواهِ الَّذِينَ قالُوا، أوْ يَقُولُونَ بِأفْواهِهِمْ ما لَيْسَ في قُلُوبِ الَّذِينَ قالُوا، والكَلامُ عَلى الوَجْهَيْنِ مِن بابِ التَّجْرِيدِ كَقَوْلِهِ:
؎يا خَيْرَ مَن يَرْكَبُ المَطِيَّ ولا ∗∗∗ يَشْرَبُ كَأْسًا مِن كَفِّ مَن بَخِلا
والقائِلُ كَما قالَ السُّدِّيُّ وغَيْرُهُ هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وأصْحابُهُ، وقَدْ قالُوا ذَلِكَ في يَوْمِ أُحُدٍ ﴿لإخْوانِهِمْ﴾ أيْ لِأجْلِ إخْوانِهِمُ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ وقُتِلُوا في ذَلِكَ اليَوْمِ، والمُرادُ لِذَوِي قَرابَتِهِمْ أوْ لِمَن هو مِن جِنْسِهِمْ ﴿وقَعَدُوا﴾ حالٌ مِن ضَمِيرِ ( قالُوا ) وقَدْ مُرادُهُ أيْ قالُوا وقَدْ قَعَدُوا عَنِ القِتالِ بِالِانْخِذالِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلى الصِّلَةِ فَيَكُونَ مُعْتَرِضًا بَيْنَ قالُوا ومَعْمُولِها وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَوْ أطاعُونا﴾ أيْ في تَرْكِ القِتالِ ﴿ما قُتِلُوا﴾ كَما لَمْ نُقْتَلْ، وفِيهِ إيذانٌ بِأنَّهم أمَرُوهم بِالِانْخِذالِ حِينَ انْخَذَلُوا، ويُؤَيِّدُ ذَلِكَ ما أخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ قالَ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ في ألْفِ رَجُلٍ وقَدْ وعَدَهُمُ الفَتْحَ إنْ صَبَرُوا، فَلَّما خَرَجُوا رَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ في ثَلَثِمِائَةٍ، فَتَبِعَهم أبُو جابِرٍ السَّلَمِيُّ يَدْعُوهم، فَلَمّا غَلَبُوهُ وقالُوا لَهُ: ﴿لَوْ نَعْلَمُ قِتالا لاتَّبَعْناكُمْ﴾ قالُوا لَهُ: ولَئِنْ أطَعْتَنا لَتَرْجِعَنَّ مَعَنا»، فَذَكَرَ اللَّهُ تَعالى نَعْيَ قَوْلِهِمْ لَئِنْ أطَعْتَنا لَتَرْجِعَنَّ مَعَنا بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ( الَّذِينَ قالُوا ) إلَخْ، وبَعْضُهم حَمَلَ القُعُودَ عَلى ما اسْتَصْوَبَهُ ابْنُ أُبَيٍّ عِنْدَ المُشاوَرَةِ مِنَ المُقامَةِ بِالمَدِينَةِ ابْتِداءً، وجَعَلَ الإطاعَةَ عِبارَةً عَنْ قَبُولِ رَأْيِهِ والعَمَلِ بِهِ - ولا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ - بَلْ قالَ مَوْلانا شَيْخُ الإسْلامِ: يَرُدُّهُ كَوْنُ الجُمْلَةِ حالِيَّةً فَإنَّها لِتَعْيِينِ ما فِيهِ العِصْيانُ والمُخالَفَةُ مَعَ أنَّ ابْنَ أُبَيٍّ لَيْسَ مِنَ القاعِدِينَ فِيها بِذَلِكَ المَعْنى عَلى أنَّ تَخْصِيصَ عَدَمِ الطّاعَةِ بِإخْوانِهِمْ يُنادِي بِاخْتِصاصِ الأمْرِ أيْضًا بِهِمْ، فَيَسْتَحِيلُ أنْ يُحْمَلَ عَلى ما خُوطِبَ بِهِ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِنْدَ المُشاوَرَةِ.
﴿قُلْ﴾ يا مُحَمَّدُ تَبْكِيتًا لَهم وإظْهارًا لِكَذِبِهِمْ ﴿فادْرَءُوا عَنْ أنْفُسِكُمُ المَوْتَ﴾ أيْ فادْفَعُوا عَنْها ذَلِكَ وهو جَوابٌ لِشَرْطٍ قَدْ حُذِفَ لِدَلالَةِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ (168) عَلَيْهِ، كَما أنَّهُ شَرْطُ حَذْفِ جَوابِهِ لِدَلالَةِ ﴿فادْرَءُوا﴾ عَلَيْهِ، ومَن جَوَّزَ تَقَدُّمَ الجَوابِ لَمْ يَحْتَجْ لِما ذُكِرَ، ومُتَعَلِّقُ الصِّدْقِ هو ما تَضَمَّنَهُ قَوْلُهم مِن أنَّ سَبَبَ نَجاتِهِمُ القُعُودُ عَنِ القِتالِ، والمُرادُ أنَّ ما ادَّعَيْتُمُوهُ سَبَبَ النَّجاةِ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ، ولَوْ فُرِضَ اسْتِقامَتُهُ فَلَيْسَ بِمُفِيدٍ، أمّا الأوَّلُ فَلِأنَّ أسْبابَ النَّجاةِ كَثِيرَةٌ غايَتُهُ أنَّ القُعُودَ (p-121)والنَّجاةَ وُجِدا مَعًا وهو لا يَدُلُّ عَلى السَّبَبِيَّةِ، وأمّا الثّانِي فَلِأنَّ المَهْرُوبَ عَنْهُ بِالذّاتِ هو المَوْتُ الَّذِي القَتْلُ أحَدُ أسْبابِهِ، فَإنْ صَحَّ ما ذَكَرْتُمْ فادْفَعُوا سائِرَ أسْبابِهِ، فَإنَّ أسْبابَ المَوْتِ في إمْكانِ المُدافِعَةِ بِالحِيَلِ وامْتِناعِها سَواءٌ، وأنْفُسَكم أعَزُّ عَلَيْكم، وأمْرَها أهَمُّ لَدَيْكم، وقِيلَ: مُتَعَلِّقُ الصِّدْقِ ما صُرِّحَ بِهِ مِن قَوْلِهِمْ ﴿لَوْ أطاعُونا ما قُتِلُوا﴾ والمَعْنى أنَّهم لَوْ أطاعُوكم وقَعَدُوا لَقُتِلُوا قاعِدِينَ كَما قُتِلُوا مُقاتِلِينَ، وحِينَئِذٍ يَكُونُ ﴿فادْرَءُوا﴾ إلَخِ اسْتِهْزاءً بِهِمْ أيْ إنْ كُنْتُمْ رِجالًا دَفّاعِينَ لِأسْبابِ المَوْتِ ﴿فادْرَءُوا﴾ جَمِيعَ أسْبابِهِ حَتّى لا تَمُوتُوا كَما دَرَأْتُمْ بِزَعْمِكم هَذا السَّبَبَ الخاصَّ، وفي الكَشّافِ: رُوِيَ أنَّهُ ماتَ يَوْمَ قالُوا هَذِهِ المَقالَةَ مِنهم سَبْعُونَ مُنافِقًا بِعَدَدِ مَن قُتِلَ بِأُحُدٍ.
{"ayah":"ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ لِإِخۡوَ ٰنِهِمۡ وَقَعَدُوا۟ لَوۡ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا۟ۗ قُلۡ فَٱدۡرَءُوا۟ عَنۡ أَنفُسِكُمُ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











