الباحث القرآني
﴿قُلْ أأُنَبِّئُكم بِخَيْرٍ مِن ذَلِكُمْ﴾ تَقْرِيرٌ وتَثْبِيتٌ لِما فُهِمَ مِمّا قَبْلُ مِن أنَّ ثَوابَ اللَّهِ تَعالى خَيْرٌ مِن مُسْتَلِذّاتِ الدُّنْيا، والمُرادُ مِنَ الإنْباءِ الإخْبارُ و﴿ذَلِكُمْ﴾ إشارَةٌ إلى المَذْكُورِ مِنَ النِّساءِ وما مَعَهُ، والقُرّاءُ فِيما إذا اِجْتَمَعَ هَمْزَتانِ أُولاهُما مَفْتُوحَةٌ والثّانِيَةُ مَضْمُومَةٌ كَما هُنا وكَما في سُورَةِ ص [8] ﴿أأُنْزِلَ﴾ وسُورَةِ القَمَرِ [25] ﴿أأُلْقِيَ﴾ عَلى خَمْسِ مَراتِبَ: إحْداها: مَرْتَبَةُ قالُونَ وهي تَسْهِيلُ الثّانِيَةِ بَيْنَ بَيْنَ وإدْخالُ ألِفٍ بَيْنِ الهَمْزَتَيْنِ. الثّانِيَةُ: مَرْتَبَةُ ورْشٍ وابْنِ كَثِيرٍ وهي تَسْهِيلُ الثّانِيَةِ أيْضًا بَيْنَ بَيْنَ مِن غَيْرِ إدْخالٍ ألِفٍ بَيْنَهُما. الثّالِثَةُ: مَرْتَبَةُ الكُوفِيِّينَ وابْنِ ذَكْوانَ عَنِ اِبْنِ عامِرٍ وهي تَحْقِيقُ الثّانِيَةِ مِن غَيْرِ إدْخالِ ألِفٍ. الرّابِعَةُ: مَرْتَبَةُ هِشامٍ وهي أنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: الأوَّلُ: التَّحْقِيقُ وعَدَمُ إدْخالِ ألِفٍ بَيْنَ الهَمْزَتَيْنِ، الوَجْهُ الثّانِي: التَّحْقِيقُ وإدْخالُ ألِفٍ بَيْنَهُما في السُّوَرِ الثَّلاثِ، الوَجْهُ الثّالِثُ: (p-101)التَّفْرِقَةُ بَيْنَ السُّوَرِ فَيُحِقِّقُ ويُقَصِّرُ هُنا ويَمُدُّ في الأخِيرَتَيْنِ. الخامِسَةُ: مَرْتَبَةُ أبِي عَمْرٍو وهي تَسْهِيلُ الثّانِيَةِ مَعَ إدْخالِ الألِفِ وعَدَمِهِ، والظَّرْفُ الأوَّلُ: مُتَعَلِّقٌ بِالفِعْلِ قَبْلَهُ، والثّانِي: مُتَعَلِّقٌ بِأفْعَلِ التَّفْضِيلِ ولا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ صِفَةً كَما قالَ أبُو البَقاءِ لِأنَّهُ يُوجِبُ أنْ تَكُونَ الجَنَّةُ وما فِيها مِمّا رَغِبُوا فِيهِ بَعْضًا لَمّا زَهِدُوا عَنْهُ مِنَ الأمْوالِ ونَحْوِها.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّاتٌ﴾ اِسْتِئْنافٌ مُبَيِّنٌ لِذَلِكَ الخَيْرِ المُبْهَمِ عَلى أنَّ ﴿لِلَّذِينَ﴾ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، و﴿جَنّاتٌ﴾ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ، و﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ كَوْنُهُ ظَرْفًا لِلِاسْتِقْرارِ وكَوْنُهُ صِفَةً لِلْجَنّاتِ في الأصْلِ قُدِّمَ فانْتَصَبَ حالًا مِنها، وفي ذِكْرِ ذَلِكَ إشارَةٌ إلى عُلُوِّ رُتْبَةِ الجَنّاتِ ورِفْعَةِ شَأْنِها، وفي التَّعَرُّضِ لِعُنْوانِ الرُّبُوبِيَّةِ مَعَ الإضافَةِ إلى ضَمِيرِ المُتَّقِينَ إيذانٌ بِمَزِيدِ اللُّطْفِ بِهِمْ، والمُرادُ مِنهُمُ المُتَبَتِّلُونَ إلَيْهِ تَعالى المُعْرِضُونَ عَمَّنْ سِواهُ كَما يُنْبِئُ عَنْ ذَلِكَ الأوْصافُ الآتِيَةُ وتَعْلِيقُ حُصُولِ الجَنّاتِ وما يَأْتِي بَعْدُ بِهَذا العُنْوانِ لِلتَّرْغِيبِ في تَحْصِيلِهِ والثَّباتِ عَلَيْهِ، وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ اللّامُ مُتَعَلِّقَةً بِخَيْرٍ أيْضًا أوْ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٍ لَهُ، و(جَنّاتٌ) حِينَئِذٍ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ أيْ هي جَنّاتٌ والجُمْلَةُ مُبَيِّنَةٌ لِ (خَيْرٍ) و(عِنْدَ رَبِّهِمْ) حِينَئِذٍ إمّا أنْ يَتَعَلَّقَ بِالفِعْلِ عَلى مَعْنى ثَبُتَ تَقْواهم عِنْدَهُ شَهادَةً لَهم بِالإخْلاصِ، وجازَ أنْ يُجْعَلَ خَبَرًا مُقَدَّمًا فَلا يَحْتاجُ إلى حَذْفِ المُبْتَدَأِ، واعْتُرِضَ بِأنَّهُ يُقالُ: عِنْدَ اللَّهِ تَعالى الثَّوابُ ولا يُقالُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى الجَنَّةُ، وبِذَلِكَ يُصَرِّحُ كَلامُ السَّعْدِ وغَيْرِهِ وفي النَّفْسِ مِنهُ شَيْءٌ، وقُرِئَ (جَنّاتٍ) بِكَسْرِ التّاءِ، وفِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ مَجْرُورٌ عَلى البَدَلِيَّةِ مِن لَفْظِ خَيْرٍ، وثانِيهُما: أنَّهُ مَنصُوبٌ عَلى إضْمارِ (أعْنِي مَثَلًا) أوِ البَدَلِيَّةِ مِن مَحَلِّ بِخَيْرٍ.
﴿تَجْرِي﴾ في مَحَلِّ الرَّفْعِ أوِ النَّصْبِ أوِ الجَرِّ صِفَةٌ لِجَنّاتٍ عَلى القِراءَتَيْنِ ﴿مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ تَقَدَّمَ ما فِيهِ ﴿خالِدِينَ فِيها﴾ حالٌ مُقَدَّرَةٌ مِنَ المُسْتَكِنِّ في (لِلَّذِينَ) والعامِلُ ما فِيهِ مِن مَعْنى الِاسْتِقْرارِ، وجَوَّزَ أبُو البَقاءِ كَوْنَهُ حالًا مِنَ الهاءِ في تَحْتِها أوْ مِنَ الضَّمِيرِ في اِتَّقَوْا ولا يَخْفى ما فِيهِ.
﴿وأزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ أيْ مُنَزَّهَةٌ مِمّا يُسْتَقْذَرُ مِنَ النِّساءِ خَلْقًا وخُلُقًا، والعَطْفُ عَلى جَنّاتٍ عَلى قِراءَةِ الرَّفْعِ وأمّا عَلى قِراءَةِ النَّصْبِ فَلا بُدَّ مِن تَقْدِيرِ لَهم في الكَلامِ ﴿ورِضْوانٌ﴾ أيْ رِضًا عَظِيمٌ عَلى ما يُشْعِرُ بِهِ التَّنْوِينُ، وقَرَأهُ عاصِمٌ بِضَمِّ الرّاءِ وهُما لُغَتانِ وقِراءَتانِ سَبْعِيَّتانِ في جَمِيعِ القُرْآنِ إلّا في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ﴾ فَإنَّهُ بِالكَسْرِ بِالِاتِّفاقِ، وقِيلَ: المَكْسُورُ اِسْمٌ والمَضْمُومُ مَصْدَرٌ، وهو قَوْلٌ لا ثَبْتَ لَهُ ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ صِفَةٌ لِرِضْوانٍ مُؤَكِّدَةٌ لِما أفادَهُ التَّنْوِينُ مِنَ الفَخامَةِ.
﴿واللَّهُ بَصِيرٌ بِالعِبادِ﴾ [ 15 ] أيْ خَبِيرٌ بِهِمْ وبِأحْوالِهِمْ وأفْعالِهِمْ فَيُثِيبُ المُحْسِنَ فَضْلًا ويُعاقِبُ المُسِيءَ عَدْلًا، أوْ خَبِيرٌ بِأحْوالِ الَّذِينَ اِتَّقَوْا فَلِذَلِكَ أعَدَّ لَهم ما أعَدَّ، فالعِبادُ عَلى الأوَّلِ: عامَّ؛ وعَلى الثّانِي: خاصٌّ.
وقَدْ بَدَأ سُبْحانَهُ في هَذِهِ الآيَةِ أوَّلًا بِذِكْرِ المَقَرِّ وهو الجَنّاتُ، ثُمَّ ثَنّى بِذِكْرِ ما يَحْصُلُ بِهِ الأُنْسُ التّامُّ وهو الأزْواجُ المُطَهَّرَةُ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِذِكْرِ ما هو الإكْسِيرُ الأعْظَمُ والرُّوحُ لِفُؤادِ الوالِهِ المُغْرَمِ وهو رِضا اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ. وفي الحَدِيثِ: «أنَّهُ سُبْحانَهُ ”يَسْألُ أهْلَ الجَنَّةِ هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ ما لَنا لا نَرْضى يا رَبُّ وقَدْ أعْطَيْتَنا ما لَمْ تُعْطِ أحَدًا مِن خَلْقِكَ فَيَقُولُ جَلَّ شَأْنُهُ ألا أُعْطِيكم أفْضَلَ مِن ذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ يا رَبُّ وأيُّ شَيْءٍ أفْضَلُ مِن ذَلِكَ قالَ: أُحِلُّ عَلَيْكم رِضْوانِي فَلا أسْخَطُ عَلَيْكم أبَدًا“».
{"ayah":"۞ قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَیۡرࣲ مِّن ذَ ٰلِكُمۡۖ لِلَّذِینَ ٱتَّقَوۡا۟ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتࣱ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَا وَأَزۡوَ ٰجࣱ مُّطَهَّرَةࣱ وَرِضۡوَ ٰنࣱ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِیرُۢ بِٱلۡعِبَادِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











