الباحث القرآني
﴿هَذا بَيانٌ لِلنّاسِ وهُدًى ومَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (138) الِإشارَةُ إمّا إلى القُرْآنِ وهو المَرْوِيُّ عَنِ الحَسَنِ وقَتادَةَ، وخُدِشَ بِأنَّهُ بَعِيدٌ عَنِ السِّياقِ، وإمّا إلى ما لَخَّصَ مِن أمْرِ الكُفّارِ والمُتَّقِينَ والتّائِبِينَ، وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿قَدْ خَلَتْ﴾ الآيَةُ اعْتِراضٌ لِلْحَثِّ عَلى الإيمانِ والتَّقْوى والتَّوْبَةِ - كَما قِيلَ - ووَجْهُ الِاعْتِراضِ لِدَفْعِ الِاعْتِراضِ بِأنَّ المُعْتَرِضَةَ مُؤَكِّدَةٌ لِلْمُعْتَرَضِ فِيهِ، وهُنا لَيْسَ كَذَلِكَ بِأنَّ تِلْكَ الآياتِ وارِدَةٌ عَلى سَبِيلِ التَّرْغِيبِ والتَّرْهِيبِ لِآكِلِي الرِّبا، وهَذِهِ الآيَةُ دَلَّتْ عَلى التَّرْهِيبِ، ومَعْناهُ راجِعٌ إلى التَّرْغِيبِ بِحَسَبِ التَّضادِّ، كَما أنَّ بَعْضَ الآياتِ الوارِدَةِ في الرَّحْمَنِ لِلْوَعِيدِ تُعَدُّ مِنَ الآلاءِ بِحَسَبِ الزَّجْرِ عَنِ المَعاصِي فَيَتَأتّى التَّوْكِيدُ دُونَ نَقْصٍ، واعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأنَّهُ تَعَسُّفٌ، وإمّا إلى ما سَلَفَ مِن قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ( قَدْ خَلَتْ ) إلَخْ، وهو المَرْوِيُّ عَنْ أبِي إسْحاقَ واخْتارَهُ الطَّبَرِيُّ والبَلْخِيُّ وكَثِيرٌ مِنَ المُتَأخِّرِينَ – وألْ - في النّاسِ لِلْعَهْدِ، والمُرادُ بِهِمُ المُكَذِّبُونَ، والظَّرْفُ إمّا مُتَعَلِّقٌ بِبَيانٍ أوْ بِمَحْذُوفٍ (p-66)وقَعَ صِفَةً لَهم أيْ هَذا إيضاحٌ لِسُوءِ عاقِبَةِ ما هم عَلَيْهِ مِنَ التَّكْذِيبِ، فَإنَّ الأمْرَ السّابِقَ وإنْ كانَ خاصًّا بِالمُؤْمِنِينَ عَلى المُخْتارِ، لَكِنَّ العَمَلَ بِمُوجِبِهِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِمْ فَفِيهِ حَمْلٌ لِلْمُكَذِّبِينَ أيْضًا عَلى أنْ يَنْظُرُوا في عاقِبَةِ أسْلافِهِمْ لِيَعْتَبِرُوا بِذَلِكَ، والمَوْعِظَةُ ما يُلِينُ القَلْبَ ويَدْعُو إلى التَّمَسُّكِ بِما فِيهِ طاعَةٌ، والهُدى بَيانُ طَرِيقِ الرُّشْدِ لِيُسْلَكَ دُونَ طَرِيقِ الغَيِّ، والفَرْقُ بَيْنَهُ وبَيْنَ البَيانِ أنَّ الثّانِي إظْهارُ المَعْنى كائِنًا ما كانَ، ولِكَوْنِ المُرادِ بِهِ هُنا ما كانَ عارِيًا عَنِ الهُدى والعِظَةِ خَصَّهُ بِالنّاسِ مَعَ أنَّ ظاهِرَهُ شامِلٌ لِلْمُتَّقِينَ.
والمُرادُ بِهِمْ مُقابِلُ المُكَذِّبِينَ وكَأنَّهُ وُضِعَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ بِناءً عَلى أنَّ المَعْنى وزِيادَةُ بَصِيرَةٍ ومَوْعِظَةٍ لَكم لِلْإيذانِ بِعِلَّةِ الحُكْمِ، فَإنَّ مَدارَ ذَلِكَ كَوْنُهُ هُدًى ومَوْعِظَةً لَهم، إنَّما هو تَقْواهم وعَدَمُ تَكْذِيبِهِمْ، وقَدَّمَ بَيانَ كَوْنِهِ بَيانًا لِلْمُكَذِّبِينَ مَعَ أنَّهُ غَيْرُ مَسُوقٍ لَهُ عَلى بَيانِ كَوْنِهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ مَعَ أنَّهُ المَقْصُودُ بِالسِّياقِ لِأنَّ أوَّلَ ما يَتَرَتَّبُ عَلى مُشاهَدَةِ آثارِ هَلاكِ أسْلافِهِمْ ظُهُورُ حالِ أخْلافِهِمْ، وأمّا الهُدى فَأمْرٌ مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ، والِاقْتِصارُ عَلى الأمْرَيْنِ في جانِبِ المُتَّقِينَ مَعَ تَرَتُّبِهِما عَلى البَيانِ لِما أنَّهُما المَقْصِدُ الأصْلِيُّ، وقِيلَ: ألْ في النّاسِ لِلْجِنْسِ.
والمُرادُ بَيانٌ لِجَمِيعِ النّاسِ لَكِنَّ المُنْتَفِعَ بِهِ المُتَّقُونَ لِأنَّهم يَهْتَدُونَ بِهِ ويَنْتَجِعُونَ بِوَعْظِهِ، ولَيْسَ بِالبَعِيدِ، وجَوَّزَ بَعْضُهم أنْ يُرادَ مِنَ المُتَّقِينَ الصّائِرُونَ إلى التَّقْوى فَيَبْقى الهُدى والمَوْعِظَةُ بِلا زِيادَةٍ، وإنْ يُرادُ بِهِمْ ما يَعُمُّهم وغَيْرَهم مِنَ المُتَّقِينَ بِالفِعْلِ، فَيَحْتاجُ الهُدى وما عُطِفَ عَلَيْهِ إلى اعْتِبارِ ما يَعُمُّ الِابْتِداءَ والزِّيادَةَ فِيهِ، ولا يَخْفى ما في الثّانِي مِن زِيادَةِ البُعْدِ لِارْتِكابِ خِلافِ الظّاهِرِ في مَوْضِعَيْنِ، وأمّا الأوَّلُ فَفِيهِ بُعْدٌ مِن جِهَةِ الِارْتِكابِ في مَوْضِعٍ واحِدٍ وهو وإنْ شارَكَ ما قُلْناهُ مِن هَذِهِ الحَيْثِيَّةِ، إلّا أنَّ ما ارْتَكَبْناهُ يَهْدِي إلَيْهِ في الجُمْلَةِ التَّنْوِينُ الَّذِي في الكَلِمَةِ ولا كَذَلِكَ ما ارْتَكَبُوهُ، بَلِ اعْتِبارُ الكَمالِ المُشْعِرُ بِهِ الإطْلاقُ رُبَّما يَأْباهُ، ولَعَلَّهُ لِمَجْمُوعِ الأمْرَيْنِ هانَ أمْرُ نَزْعِ الخُفِّ.
{"ayah":"هَـٰذَا بَیَانࣱ لِّلنَّاسِ وَهُدࣰى وَمَوۡعِظَةࣱ لِّلۡمُتَّقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق