الباحث القرآني

( ﴿تِلْكَ﴾ ) أيِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُها وعَظُمَ قَدْرُها ﴿آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ﴾ أيْ نَقْرَؤُها شَيْئًا فَشَيْئًا، وإسْنادُ ذَلِكَ إلَيْهِ تَعالى مَجازٌ إذِ التّالِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأمْرِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى، وفي عُدُولِهِ عَنِ الحَقِيقَةِ مَعَ الِالتِفاتِ إلى التَّكَلُّمِ بِنُونِ العَظَمَةِ ما لا يَخْفى مِنَ العِنايَةِ بِالتِّلاوَةِ والمَتْلُوِّ عَلَيْهِ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ في مَوْضِعِ الحالِ مِنَ الآياتِ، والعامِلُ فِيها مَعْنى الإشارَةِ. وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ في مَوْضِعِ الخَبَرِ لِتِلْكَ، و( آياتُ ) بَدَلٌ مِنهُ، وقُرِئَ ( يَتْلُوها ) عَلى صِيغَةِ الغَيْبَةِ. ( ﴿بِالحَقِّ﴾ ) أيْ مُتَلَبِّسَةً أوْ مُتَلَبِّسِينَ بِالصِّدْقِ أوْ بِالعَدْلِ في جَمِيعِ ما دَلَّتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الآياتُ ونَطَقَتْ بِهِ، فالظَّرْفُ في مَوْضِعِ الحالِ المُؤَكَّدَةِ مِنَ الفاعِلِ أوِ المَفْعُولِ ﴿وما اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِينَ﴾ (801) بِأنْ يُحِلَّهم مِنَ العِقابِ (p-27)ما لا يَسْتَحِقُّونَهُ عَدْلًا أوْ يَنْقُصَهم مِنَ الثَّوابِ عَمًّا اسْتَحَقُّوهُ فَضْلًا، والجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِ ما قَبْلَها عَلى أتَمِّ وجْهٍ حَيْثُ نَكَّرَ ظُلْمًا ووَجَّهَ النَّفْيَ إلى إرادَتِهِ بِصِيغَةِ المُضارِعِ المُفِيدِ بِمَعُونَةِ المَقامِ دَوامَ الِانْتِفاءِ، وعَلَّقَ الحُكْمَ بِآحادِ الجَمْعِ المُعَرَّفِ والتَفَتَ إلى الِاسْمِ الجَلِيلِ، والظُّلْمُ وضْعُ الشَّيْءِ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ اللّائِقِ بِهِ أوْ تَرْكُ الواجِبِ وهو يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ تَعالى؛ لِلْأدِلَّةِ القائِمَةِ عَلى ذَلِكَ، ونَفْيُ الشَّيْءِ لا يَقْتَضِي إمْكانَهُ، فَقَدْ يُنْفى المُسْتَحِيلُ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ﴾، وقِيلَ: الظّاهِرُ أنَّ المُرادَ أنَّ اللَّهَ لا يُرِيدُ ما هو ظُلْمٌ مِنَ العِبادِ فِيما بَيْنَهم لا أنَّ كَلَّ ما يَفْعَلُ لَيْسَ ظُلْمًا مِنهُ؛ لِأنَّ المَقامَ مَقامُ بَيانٍ أنَّهُ لا يُضِيعُ أجْرَ المُحْسِنِينَ ولا يُهْمِلُ الكافِرَ ويُجازِيهِ بِكُفْرِهِ، ولَوْ كانَ المُرادُ أنَّ كُلَّ ما يَفْعَلُ لَيْسَ ظُلْمًا لا يُسْتَفادُ هَذا، وفِيهِ ما لا يَخْفى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب