الباحث القرآني

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿الم﴾ ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾ [ 2 ] قَرَأ أبُو جَعْفَرٍ والأعْمَشُ والبُرْجُمِيُّ عَنْ أبِي بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ بِسُكُونِ المِيمِ وقَطْعِ الهَمْزَةِ ولا إشْكالَ فِيها، لِأنَّ طَرِيقَ التَّلَفُّظِ فِيما لا تَكُونُ مِن هَذِهِ الفَواتِحِ مُفْرَدَةً كَ (ص) ولا مُوازِنَةً المُفْرَدِ كَ (حم) حَسْبَما ذُكِرَ في «اَلْكِتابِ» الحِكايَةُ فَقَطْ ساكِنَةُ الإعْجازِ عَلى الوَقْفِ، سَواءٌ جُعِلَتْ أسْماءً أوْ مَسْرُودَةً عَلى نَمَطِ التَّعْدِيدِ وإنْ لَزِمَها اِلْتِقاءُ السّاكِنَيْنِ لِما أنَّهُ مُغْتَفَرٌ في بابِ الوَقْفِ قَطْعًا، ولِذا ضُعِّفَتْ قِراءَةُ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ بِكَسْرِ المِيمِ، والجُمْهُورُ يَفْتَحُونَ المِيمَ ويَطْرَحُونَ الهَمْزَةَ مِنَ الِاسْمِ الكَرِيمِ، قِيلَ: (p-74)وإنَّما فُتِحَتْ لِإلْقاءِ حَرَكَةِ الهَمْزَةِ عَلَيْها لِيَدُلَّ عَلى أنَّها في حُكْمِ الثّابِتِ لِأنَّها أُسْقِطَتْ لِلتَّخْفِيفِ لا لِلدَّرَجِ فَإنَّ المِيمَ في حُكْمِ الوَقْفِ، كَقَوْلِهِ: (واحِدِ اِثْنانِ) لا لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ كَما قالَ سِيبَوَيْهِ، فَإنَّهُ غَيْرُ مَحْذُورٍ في بابِ الوَقْفِ ولِذَلِكَ لَمْ تُحَرَّكْ في لامٍ وإلى ذَلِكَ ذَهَبَ الفَرّاءُ، وفي «اَلْبَحْرِ» إنَّهُ ضَعِيفٌ لِإجْماعِهِمْ عَلى أنَّ الألِفَ المَوْصُولَةَ في التَّعْرِيفِ تَسْقُطُ في الوَصْلِ وما يَسْقُطُ لا تُلْقى حَرَكَتُهُ كَما قالَهُ أبُو عَلِيٍّ، وقَوْلُهُمْ: إنَّ المِيمَ في حُكْمِ الوَقْفِ وحَرَكَتُها حَرَكَةُ الإلْقاءِ مُخالِفٌ لِإجْماعِ العَرَبِ، والنُّحاةُ أنَّهُ لا يُوقَفُ عَلى مُتَحَرِّكٍ البَتَّةَ سَواءٌ في ذَلِكَ حَرَكَةُ الإعْرابِ والبِناءِ والنَّقْلِ والتِقاءِ السّاكِنَيْنِ والحِكايَةِ والِاتِّباعِ، فَلا يَجُوزُ في ”قَدْ أفْلَحَ“ إذا حُذِفَتِ الهَمْزَةُ ونُقِلَتْ حَرَكَتُها إلى الدّالِ أنْ تَقِفَ عَلى دالِ (قَدْ) بِالفَتْحَةِ بَلْ تُسَكِّنَها قَوْلًا واحِدًا، وأمّا تَنْظِيرُهم بِ (واحِدِ اِثْنانِ) بِإلْقاءِ حَرَكَةِ الهَمْزَةِ عَلى الدّالِ فَإنَّ سِيبَوَيْهِ ذَكَرَ أنَّهم يَشُمُّونَ آخِرَ واحِدٍ لِتَمَكُّنِهِ ولَمْ يُحْكَ الكَسْرُ لُغَةً فَإنْ صَحَّ الكَسْرُ فَلَيْسَ واحِدٌ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ كَما زَعَمُوا، ولا حَرَكَتُهُ حَرَكَةَ نَقْلٍ مِن هَمْزَةِ الوَصْلِ ولَكِنَّهُ مَوْصُولٌ بِقَوْلِهِمُ: اِثْنانِ، فالتَقى ساكِنانِ دالُ واحِدٍ وثاءٌ اِثْنَيْنِ فَكُسِرَتِ الدّالُ لِالتِقائِهِما وحُذِفَتِ الهَمْزَةُ لِأنَّها لا تَثْبُتُ في الوَصْلِ، وأمّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ غَيْرُ مَحْذُورٍ في بابِ الوَقْفِ ولِذَلِكَ لَمْ يُحَرَّكْ في لامٍ، فَجَوابُهُ أنَّ الَّذِي قالَ: إنَّ الحَرَكَةَ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ لَمْ يُرِدْ بِهِما اِلْتِقاءَ الياءِ والمِيمِ مِن (ألم) في الوَقْفِ بَلْ أرادَ المِيمَ الأخِيرَ مِن (ألم) ولامَ التَّعْرِيفِ، فَهو كالتِقاءِ نُونِ مَن ولامِ الرَّجُلِ إذا قُلْتَ (مَنِ الرَّجُلُ؟) عَلى أنَّ في قَوْلِهِمْ تَدافُعًا فَإنَّ سُكُونَ آخِرِ المِيمِ إنَّما هو عَلى نِيَّةِ الوَقْفِ عَلَيْها وإلْقاءَ حَرَكَةِ الهَمْزَةِ عَلَيْها إنَّما هو عَلى نِيَّةِ الوَصْلِ، ونِيَّةُ الوَصْلِ تُوجِبُ حَذْفَ الهَمْزَةِ، ونِيَّةُ الوَقْفِ عَلى ما قَبْلَها تُوجِبُ ثَباتَها وقَطْعَها، وهَذا مُتَناقِضٌ، ولِذا قالَ الجارَبَرْدِيُّ: الوَجْهُ ما قالَهُ سِيبَوَيْهِ، والكَثِيرُ مِنَ النُّحاةِ أنَّ تَحْرِيكَ المِيمِ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ واخْتِيارُ الفَتْحِ لِخِفَّتِهِ ولِلْمُحافَظَةِ عَلى تَفْخِيمِ الِاسْمِ الجَلِيلِ، واخْتارَ ذَلِكَ اِبْنُ الحاجِبِ وادَّعى أنَّ في مَذْهَبِ الفَرّاءِ حَمْلًا عَلى الضَّعِيفِ لِأنَّ إجْراءَ الوَصْلِ مَجْرى الوَقْفِ لَيْسَ بِقَوِيٍّ في اللُّغَةِ. وقالَ غَيْرُ واحِدٍ: لا بُدَّ مِنَ القَوْلِ بِإجْراءِ الوَصْلِ مَجْرى الوَقْفِ، والقَوْلُ: بِأنَّهُ ضَعِيفٌ غَيْرُ مُسَلَّمٍ ولَئِنْ سُلِّمَ فَغَيْرُ ناهِضٍ لِأنَّهُ قَوّى فِيما المَطْلُوبُ مِنهُ الخِفَّةُ كَثَلاثَةٍ أرْبَعَةٍ وهَهُنا الِاحْتِياجُ إلى التَّخْفِيفِ أمَسُّ ولِهَذا جَعَلُوهُ مِن مُوجِباتِ الفَتْحِ، وإنَّما قِيلَ ذَلِكَ لِأنَّ هَذِهِ الأسْماءَ مِن قَبِيلِ المُعْرَباتِ وسُكُونُها سُكُونُ وقْفٍ لا بِناءٍ وحَقُّها أنْ يُوقَفَ عَلَيْها، و(الم) رَأْسُ آيَةٍ ثُمَّ إنْ جُعِلَتِ اِسْمَ السُّورَةِ فالوَقْفُ عَلَيْها لِأنَّها كَلامٌ تامٌّ وإنْ جُعِلَتْ عَلى نَمَطِ التَّعْدِيدِ لِأسْماءِ الحُرُوفِ إمّا قَرْعًا لِلْعَصا أوْ مُقَدِّمَةً لِدَلائِلَ الإعْجازِ فالواجِبُ أيْضًا القَطْعُ والِابْتِداءُ بِما بَعْدَها تَفْرِقَةً بَيْنِها وبَيْنَ الكَلامِ المُسْتَقِلِّ المُفِيدِ بِنَفْسِهِ فَإذَنِ القَوْلُ بِنَقْلِ الحَرَكَةِ هو المَقْبُولُ لِأنَّ فِيهِ إشْعارًا بِإبْقاءِ أثَرَ الهَمْزَةِ المَحْذُوفَةِ لِلتَّخْفِيفِ المُؤَذِنِ بِالِابْتِداءِ والوَقْفِ ولا كَذَلِكَ القَوْلُ بِأنَّ الحَرَكَةَ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ وحَيْثُ كانَتْ حَرَكَةُ المِيمِ لِغَيْرِها كانَتْ في حُكْمِ الوَقْفِ عَلى السُّكُونِ دُونَ الحَرَكَةِ كَما تُوُهِّمَ لِئَلّا يَلْزَمَ المُحَذَّرُ، وكَلامُ الزَّمَخْشَرِيِّ في هَذا المَقامِ مُضْطَرِبٌ فَفي «اَلْكَشّافِ» اِخْتارَ مَذْهَبَ الفَرّاءِ، وفي «اَلْمُفَصَّلِ» اِخْتارَ مَذْهَبَ سِيبَوَيْهِ، ولَعَلَّ الأوَّلَ: مَبْنِيٌّ عَلى الِاجْتِهادِ، والثّانِيَ: عَلى التَّقْلِيدِ والنَّقْلِ، لِما في «اَلْكِتابِ» لِأنَّ «اَلْمُفَصَّلَ» مُخْتَصَرُهُ، فَتَدَبَّرْ. وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى ما يَتَعَلَّقُ بِالفَواتِحِ مِن حَيْثُ الإعْرابُ وغَيْرُهُ، وفِيهِ كِفايَةٌ لِمَن أخَذَتِ العِنايَةُ بِيَدِهِ، والِاسْمُ الجَلِيلُ مُبْتَدَأٌ وما بَعْدَهُ خَبَرُهُ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ أيْ هو المُسْتَحِقُّ لِلْعُبُودِيَّةِ لا غَيْرَ، و﴿الحَيُّ القَيُّومُ﴾ خَبْرٌ بَعْدَ خَبَرٍ لَهُ أوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ هو الحَيُّ القَيُّومُ لا غَيْرَ، وقِيلَ: هو صِفَةٌ لِلْمُبْتَدَأِ أوْ بَدَلٌ مِنهُ أوْ مِنَ الخَبَرِ الأوَّلِ أوْ هو الخَبَرُ وما قَبْلَهُ اِعْتِراضٌ بَيْنَ المُبْتَدَأِ والخَبَرِ مُقَرِّرٌ لِما يُفِيدُهُ الِاسْمُ الكَرِيمُ، أوْ حالٌ مِنهُ عَلى رَأْيِ مَن يَرى صِحَّةَ ذَلِكَ وأيًّا ما كانَ فَهو كالدَّلِيلِ (p-75)عَلى اِخْتِصاصِ اِسْتِحْقاقِ المَعْبُودِيَّةِ بِهِ سُبْحانَهُ، وقَدْ أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِن حَدِيثِ أبِي أُمامَةَ مَرْفُوعًا «”إنَّ اِسْمَ اللَّهِ الأعْظَمَ في ثَلاثِ سُوَرٍ سُورَةِ البَقَرَةِ وآلِ عِمْرانَ وطَهَ، وقالَ أبُو أُمامَةَ: فالتَمَسْتُها فَوَجَدْتُ في البَقَرَةِ [255] ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾ وفي آلِ عِمْرانَ ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾ وفي طَهَ [111] ﴿وعَنَتِ الوُجُوهُ لِلْحَيِّ القَيُّومِ﴾» وقَرَأ عُمَرُ وابْنُ مَسْعُودٍ وأُبَيُّ وعَلْقَمَةُ (اَلْحَيُّ القَيّامُ) وهَذا رَدٌّ عَلى النَّصارى الزّاعِمِينَ أنَّ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ رَبًّا، فَقَدْ أخْرَجَ اِبْنُ إسْحاقَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قالَ: ««قَدِمَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ وفْدُ نَجْرانَ وكانُوا سِتِّينَ راكِبًا فِيهِمْ أرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِن أشْرافِهِمْ فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنهم أبُو حارِثَةَ بْنُ عَلْقَمَةَ والعاقِبُ وعَبْدُ المَسِيحِ والأيْهَمُ السَّيِّدُ وهو مِنَ النَّصْرانِيَّةِ عَلى دِينِ المَلِكِ مَعَ اِخْتِلافِ أمْرِهِمْ يَقُولُونَ: هو اللَّهُ تَعالى، ويَقُولُونَ: هو ولَدُ اللَّهِ تَعالى، ويَقُولُونَ: هو ثالِثُ ثَلاثَةٍ، كَذَلِكَ قَوْلُ النَّصْرانِيَّةِ، وهم يَحْتَجُّونَ لِقَوْلِهِمْ يَقُولُونَ: هو اللَّهُ تَعالى فَإنَّهُ كانَ يُحْيِي المَوْتى ويُبْرِئُ الأسْقامَ ويُخْبِرُ بِالغُيُوبِ ويَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَيَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا، ويَحْتَجُّونَ في قَوْلِهِمْ إنَّهُ ولَدُ اللَّهِ تَعالى: بِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أبٌ يَعْلَمُ وقَدْ تَكَلَّمَ في المَهْدِ وصَنَعَ ما لَمْ يَصْنَعْهُ أحَدٌ مِن ولَدِ آدَمَ قَبْلَهُ، ويَحْتَجُّونَ في قَوْلِهِمْ إنَّهُ ثالِثُ ثَلاثَةٍ: إنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ فَعَلْنا وأمَرْنا وخَلَقْنا وقَضَيْنا فَلَوْ كانَ واحِدًا ما قالَ إلّا فَعَلْتُ وأمَرْتُ وخَلَقْتُ وقَضَيْتُ، ولَكِنَّهُ هو وعِيسى ومَرْيَمَ، فَفي كُلِّ ذَلِكَ مِن قَوْلِهِمْ نَزَلَ القُرْآنُ وذَكَرَ اللَّهُ تَعالى لِنَبِيِّهِ ﷺ فِيهِ قَوْلَهم فَلَمّا كَلَّمَهُ الحَبْرانِ وهُما العاقِبُ والسَّيِّدُ كَما في رِوايَةِ الكَلْبِيِّ والرَّبِيعِ عَنْ أنَسٍ قالَ لَهُما رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أسْلِما قالا: قَدْ أسْلَمْنا قَبْلَكَ، قالَ: كَذَبْتُما مَنَعَكُما مِنَ الإسْلامِ دُعاؤُكُما لِلَّهِ تَعالى ولَدًا وعِبادَتُكُما الصَّلِيبَ وأكْلُكُما الخِنْزِيرَ؟ قالا: فَمَن أبُوهُ يا مُحَمَّدُ؟ وصَمَتَ فَلَمْ يُجِبْ شَيْئًا“ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى في ذَلِكَ مِن قَوْلِهِمْ واخْتِلافِ أمْرِهِمْ كُلِّهِ صَدْرَ سُورَةِ آلِ عِمْرانَ إلى بِضْعٍ وثَمانِينَ آيَةً مِنها، فافْتَتَحَ السُّورَةَ بِتَنْزِيهِ نَفْسِهِ مِمّا قالُوا وتَوْحِيدِهِ إيّاها بِالخَلْقِ والأمْرِ لا شَرِيكَ لَهُ فِيهِ، ورَدَّ عَلَيْهِمْ ما اِبْتَدَعُوا مِنَ الكُفْرِ وجَعَلُوا مَعَهُ مِنَ الأنْدادِ، واحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِمْ في صاحِبِهِمْ لِيُعَرِّفَهم بِذَلِكَ ضَلالَتَهم فَقالَ: ﴿الم﴾ ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾» أيْ لَيْسَ مَعَكَ غَيْرُهُ شَرِيكٌ في أمْرِهِ الحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ وقَدْ ماتَ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ في قَوْلِهِمْ: (اَلْقَيُّومُ) القائِمُ عَلى سُلْطانِهِ لا يَزُولُ وقَدْ زالَ عِيسى. وفِي رِوايَةِ اِبْنِ جَرِيرٍ عَنِ الرَّبِيعِ قالَ: «”إنِ النَّصارى أتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَخاصَمُوهُ في عِيسى اِبْنِ مَرْيَمَ وقالُوا لَهُ: مَن أبُوهُ؟ وقالُوا عَلى اللَّهِ تَعالى الكَذِبَ والبُهْتانَ فَقالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّهُ لا يَكُونُ ولَدٌ إلّا وهو يُشْبِهُ أباهُ؟ قالُوا: بَلى قالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ رَبَّنا حَيٌّ لا يَمُوتُ وأنَّ عِيسى يَأْتِي عَلَيْهِ الفَناءُ؟ قالُوا: بَلى، قالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ رَبَّنا قَيِّمٌ عَلى كُلِّ شَيْءٍ يَكْلَؤُهُ ويَحْفَظُهُ ويَرْزُقُهُ؟ قالُوا: بَلى، قالَ: فَهَلْ يَمْلِكُ عِيسى مِن ذَلِكَ شَيْئًا؟ قالُوا: لا قالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ اللَّهَ تَعالى لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ في الأرْضِ ولا في السَّماءِ؟ قالُوا: بَلى، قالَ: فَهَلْ يَعْلَمُ عِيسى مِن ذَلِكَ شَيْئًا إلّا ما عَلِمَ؟ قالُوا: لا، قالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ رَبَّنا صَوَّرَ عِيسى في الرَّحِمِ كَيْفَ شاءَ وأنَّ رَبَّنا لا يَأْكُلُ الطَّعامَ ولا يَشْرَبُ الشَّرابَ ولا يُحْدِثُ الحَدَثَ؟ قالُوا: بَلى، قالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ عِيسى حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كَما تَحْمِلُ المَرْأةُ ثُمَّ وضَعَتْهُ كَما تَضَعُ المَرْأةُ ولَدَها ثُمَّ غُذِّيَ كَما يُغَذّى الصَّبِيُّ ثُمَّ كانَ يَأْكُلُ الطَّعامَ ويَشْرَبُ الشَّرابَ ويُحْدِثُ الحَدَثَ ؟ قالُوا: بَلى، قالَ: فَكَيْفَ يَكُونُ هَذا كَما زَعَمْتُمْ؟ فَعَرَفُوا ثُمَّ أبَوْا إلّا جُحُودًا، فَأنْزَلَ ﴿الم﴾ ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾“».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب