﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ﴾ أنْ يَبْسُطَهُ لَهُ لا غَيْرُهُ ﴿مِن عِبادِهِ ويَقْدِرُ لَهُ﴾ أيْ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ، والضَّمِيرُ (p-12)عائِدٌ عَلى ( مَن يَشاءُ ) الَّذِي يَبْسُطُ لَهُ الرِّزْقَ أيْ عائِدٌ عَلَيْهِ مَعَ مُلاحَظَةِ مُتَعَلِّقِهِ، فَيَكُونُ المَعْنى أنَّهُ تَعالى شَأْنُهُ يُوَسِّعُ عَلى شَخْصٍ واحِدٍ رِزْقَهُ تارَةً ويُضَيِّقُهُ عَلَيْهِ أُخْرى، والواوُ لِمُطْلَقِ الجَمْعِ، فَقَدْ يَتَقَدَّمُ التَّضْيِيقُ عَلى التَّوْسِيعِ، أوْ عائِدٌ عَلى ( مَن يَشاءُ ) بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مُتَعَلِّقِهِ، فالمُرادُ مَن يَشاءُ آخَرُ غَيْرُ المَذْكُورِ، فَهو نَظِيرُ: عِنْدِي دِرْهَمٌ ونِصْفُهُ، أيْ نِصْفُ دِرْهَمٍ آخَرُ، وهَذا قَرِيبٌ مِنَ الِاسْتِخْدامِ، فالمَعْنى أنَّهُ تَعالى شَأْنُهُ يُوَسِّعُ عَلى بَعْضِ النّاسِ ويُضَيِّقُ عَلى بَعْضٍ آخَرَ، وقَرَأ عَلْقَمَةُ «ويُقَدِّرُ» بِضَمِّ الياءِ، وفَتْحِ القافِ، وشَدِّ الدّالِ، ﴿إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ فَيَعْلَمُ أنَّ كُلًّا مِنَ البَسْطِ والقَدْرِ في أيِّ وقْتٍ يُوافِقُ الحِكْمَةَ والمَصْلَحَةَ، فَيَفْعَلُ كُلًّا مِنهُما في وقْتِهِ، أوْ فَيَعْلَمُ مَن يَلِيقُ بِبَسْطِ الرِّزْقِ فَيَبْسُطُهُ لَهُ، ومَن يَلِيقُ بِقَدْرِهِ لَهُ فَيَقْدُرُ لَهُ، وهَذِهِ الآيَةُ أعْنِي قَوْلَهُ تَعالى: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ﴾ إلَخْ، تَكْمِيلٌ لِمَعْنى قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿اللَّهُ يَرْزُقُها وإيّاكُمْ﴾ لِأنَّ الأوَّلَ كَلامٌ في المَرْزُوقِ وعُمُومِهِ، وهَذا كَلامٌ في الرِّزْقِ وبَسْطِهِ وقَتَرَتِهِ.
{"ayah":"ٱللَّهُ یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَیَقۡدِرُ لَهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣱ"}