الباحث القرآني

﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾ أيْ لِنُنْزِلَنَّهم عَلى وجْهِ الإقامَةِ، وجُمْلَةُ القَسَمِ وجَوابُهُ خَبَرُ المُبْتَدَإ أعْنِي ( الَّذِينَ )، ورُدَّ بِهِ وبِأمْثالِهِ عَلى ثَعْلَبٍ المانِعِ مِن وُقُوعِ جُمْلَةِ القَسَمِ والمُقْسَمِ عَلَيْهِ خَبَرًا لِلْمُبْتَدَإ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِنَ الجَنَّةِ غُرَفًا﴾ أيْ عَلالِيَ وقُصُورًا جَلِيلَةً لا قُصُورَ فِيها، وهي عَلى ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مِنَ الدُّرِّ، والزَّبَرْجَدِ، والياقُوتِ، مَفْعُولٌ ثانٍ لِلتَّبْوِئَةِ. (p-11)وقَرَأ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ، وعَبْدُ اللَّهِ، والرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ، وابْنُ وثّابٍ، وطَلْحَةُ، وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ «لَنُثَوِّيَنَّهُمْ» بِالثّاءِ المُثَلَّثَةِ السّاكِنَةِ بَعْدَ النُّونِ، وإبْدالِ الهَمْزَةِ ياءً مِنَ الثَّواءِ بِمَعْنى الإقامَةِ، فانْتِصابُ ﴿غُرَفًا﴾ حِينَئِذٍ إمّا بِإجْرائِهِ مَجْرى لَنُنْزِلَنَّهُمْ، فَهو مَفْعُولٌ بِهِ لَهُ، أوْ بِنَزْعِ الخافِضِ عَلى أنَّ أصْلَهُ بِغُرَفٍ، فَلَمّا حُذِفَ الجارُّ انْتَصَبَ، أوْ عَلى أنَّهُ ظَرْفٌ، والظَّرْفُ المَكانِيُّ إذا كانَ مَحْدُودًا كالدّارِ والغُرْفَةِ لا يَجُوزُ نَصْبُهُ عَلى الظَّرْفِيَّةِ إلّا أنَّهُ أُجْرِيَ هُنا مَجْرى المُبْهَمِ تَوَسُّعًا، كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿لأقْعُدَنَّ لَهم صِراطَكَ المُسْتَقِيمَ﴾ [الأعْرافُ: 16]، عَلى ما فُصِّلَ في النَّحْوِ. ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عامِرٍ أنَّهُ قَرَأ «غُرُفًا» بِضَمِّ الرّاءِ ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ صِفَةٌ لِـ ( غُرَفًا ﴿خالِدِينَ فِيها﴾ أيْ في الغُرَفِ، وقِيلَ: في الجَنَّةِ ﴿نِعْمَ أجْرُ العامِلِينَ﴾ أيِ الأعْمالَ الصّالِحَةَ، والمَخْصُوصُ بِالمَدْحِ مَحْذُوفٌ ثِقَةً بِدِلالَةِ ما قَبْلَهُ عَلَيْهِ، أيْ نِعْمَ أجْرُ العامِلِينَ الغُرَفُ أوْ أجْرُهُمْ، ويَجُوزُ كَوْنُ التَّمْيِيزِ مَحْذُوفًا، أيْ نِعْمَ أجْرًا أجْرُ العامِلِينَ، وقَرَأ ابْنُ وثّابٍ «فَنِعْمَ» بِفاءِ التَّرْتِيبِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب