الباحث القرآني
﴿أمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أنْ يَسْبِقُونا﴾ قالَ مُجاهِدٌ: أيْ يُعْجِزُونا فَلا نَقْدِرُ عَلى مُجازاتِهِمْ عَلى أعْمالِهِمْ والِانْتِقامِ مِنهم وأصْلُ السَّبْقِ الفَوْتُ، ثُمَّ أُرِيدَ مِنهُ ما ذُكِرَ وقِيلَ: أيْ يُعْجِلُونا مَحْتُومَ القَضاءِ، والأوَّلُ أوْلى.
وفَسَّرَ قَتادَةُ عَلى ما أخْرَجَهُ عَنْهُ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ وابْنُ جَرِيرٍ (السَّيِّئاتِ) بِالشِّرْكِ والجَمْعِ بِاعْتِبارِ تَعَدُّدِ المُتَّصِفِينَ بِهِ وإطْلاقِ العَمَلِ عَلى الشِّرْكِ سَواءٌ قُلْنا إنَّهُ ما كانَ عَنْ فِكْرٍ ورَوِيَّةٍ كَما قِيلَ: أوْ عَنْ قَصْدٍ كَما قالَ الرّاغِبُ: أمْ لا لا ضَيْرَ فِيهِ لِأنَّهُ يَكُونُ بِعِبادَةِ الأصْنامِ وغَيْرِها، وقِيلَ: المُرادُ بِالسَّيِّئاتِ المَعاصِي غَيْرَ الكُفْرِ فالآيَةُ في المُؤْمِنِينَ قَطْعًا، وهم وإنْ لَمْ يَحْسَبُوا أنْ يُفَوِّتُوهُ تَعالى ولَمْ تَطْمَعْ نُفُوسُهم في ذَلِكَ لَكِنْ نَزَلَ جَرْيُهم عَلى غَيْرِ مُوجِبِ العِلْمِ وهو غَفْلَتُهم وإصْرارُهم عَلى المَعاصِي مَنزِلَةَ مَن لَمْ يَتَيَقَّنِ الجَزاءَ، ويَحْسَبُ أنَّهُ يَفُوتُ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ.
وعَمَّمَ بَعْضُهم فَحَمَلَ السَّيِّئاتِ عَلى الكُفْرِ والمَعاصِي، وتَعْلِيقُ العَمَلِ بِها بِناءً عَلى تَسْلِيمِ تَخْصِيصِهِ بِما سَمِعْتَ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ بِاعْتِبارِ التَّغْلِيبِ، وظاهِرُ الآثارِ يَدُلُّ عَلى أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في شَأْنِ الكَفَرَةِ، فَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما أنَّهُ قالَ: يُرِيدُ سُبْحانَهُ بِالَّذِينِ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ الوَلِيدَ بْنَ المُغِيرَةِ وأبا جَهْلٍ والأُسُودَ والعاصِيَ بْنَ هِشامٍ وشَيْبَةَ وعَتَبَةَ والوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ وعُتْبَةَ بْنَ أبِي مُعَيْطٍ وحَنْظَلَةَ بْنَ وائِلٍ وأنْظارَهم مِن صَنادِيدِ قُرَيْشٍ، وفي البَحْرِ أنَّ الآيَةَ وإنْ نَزَلَتْ عَلى سَبَبٍ فَهي تَعُمُّ جَمِيعَ مَن يَعْمَلُ السَّيِّئاتِ مِن كافِرٍ ومُسْلِمٍ، والظّاهِرُ أنَّ (أمْ) مُنْقَطِعَةٌ بِمَعْنى بَلِ الَّتِي لِلْإضْرابِ بِمَعْنى الِانْتِقالِ وهو انْتِقالٌ مِن إنْكارِ حُسْبانِ عَدَمِ الفِتَنِ لِمُجَرَّدِ الإيمانِ إلى إنْكارِ حُسْبانِ عَدَمِ المُجازاةِ عَلى عَمَلِ السَّيِّئاتِ.
وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: (أمْ) مُعادِلَةٌ لِلْهَمْزَةِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أحَسِبَ﴾ وكَأنَّهُ سُبْحانَهُ قَرَّرَ الفَرِيقَيْنِ، قَرَّرَ المُؤْمِنِينَ عَلى ظَنِّهِمْ أنَّهم لا يُفْتَنُونَ، وقَرَّرَ الكافِرِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ في تَعْذِيبِ المُؤْمِنِينَ وغَيْرِ ذَلِكَ عَلى ظَنِّهِمْ أنَّهم يَسْبِقُونَ نِقْماتِ اللَّهِ تَعالى ويُعْجِزُونَهُ انْتَهى. ورُدَّ بِأنَّها لَوْ كانَتْ مُعادِلَةً لِلْهَمْزَةِ لَكانَتْ مُتَّصِلَةً والتّالِي باطِلٌ لَأنَّ شَرْطَ المُتَّصِلَةِ أنْ يَكُونَ ما بَعْدَها مُفْرَدًا نَحْوَ أزَيْدٌ قائِمٌ أمْ عَمْرٌو أوْ ما هو في تَقْدِيرِ المُفْرَدِ نَحْوَ أقامَ زَيْدٌ أمْ قَعَدَ وجَوابُها تَعْيِينُ أحَدِ الشَّيْئَيْنِ أوِ الأشْياءِ وبَعْدَها هُنا جُمْلَةٌ ولا يُمْكِنُ الجَوابُ هُنا أيْضًا بِأحَدِ الشَّيْئَيْنِ فالحَقُّ أنَّها مُنْقَطِعَةٌ والِاسْتِفْهامُ الَّذِي تَشْعُرُ بِهِ إنْكارِيٌّ لا يَحْتاجُ لِلْجَوابِ كَما لا يَخْفى، والظّاهِرُ أنَّ الحُسْبانَ مُتَعَدٍّ إلى مَفْعُولَيْنِ وأنْ ﴿أنْ يَسْبِقُونا﴾ سادٌّ مَسَدَّهُما.
وجَوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ هُنا أنْ يَضْمَنَ مَعْنى التَّقْدِيرِ فَيَكُونُ مُتَعَدِّيًا لِواحِدٍ وأنْ يَسْبِقُونا هو ذَلِكَ الواحِدُ، (p-137)وتَعَقَّبَهُ أبُو حَيّانَ بِأنَّ التَّضْمِينَ لَيْسَ بِقِياسٍ ولا يُصارُ إلَيْهِ إلّا عِنْدَ الحاجَةِ وهُنا لا حاجَةَ إلَيْهِ ﴿ساءَ ما يَحْكُمُونَ﴾ أيْ بِئْسَ الَّذِي يَحْكُمُونَهُ حُكْمُهم ذَلِكَ عَلى أنَّ ساءَ بِمَعْنى بِئْسَ وما مَوْصُولَةٌ (ويَحْكُمُونَ) صِلَتُها، والعائِدُ مَحْذُوفٌ وهي فاعِلُ ساءَ، والمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ أوْ بِئْسَ حُكْمًا يَحْكُمُونَهُ حُكْمُهم ذَلِكَ عَلى أنَّ ما مَوْصُوفَةٌ ويَحْكُمُونَ صِفَتُها والرّابِطُ مَحْذُوفٌ وهي تَمْيِيزٌ وفاعِلُ ساءَ ضَمِيرٌ مُفَسَّرٌ بِالتَّمْيِيزِ والمَخْصُوصُ مَحْذُوفٌ أيْضًا.
وقالَ ابْنُ كَيْسانَ: ما مَصْدَرِيَّةٌ، والمَصْدَرُ المُؤَوَّلُ مَخْصُوصٌ بِالذَّمِّ فالتَّمْيِيزُ مَحْذُوفٌ، وجُوِّزَ كَوْنُ ساءَ بِمَعْنى قَبُحَ وما إمّا مَصْدَرِيَّةٌ أوْ مَوْصُولَةٌ أوْ مَوْصُوفَةٌ، والمُضارِعُ لِلِاسْتِمْرارِ إشارَةٌ إلى أنَّ دَأْبَهم ذَلِكَ أوْ هو واقِعٌ مَوْقِعَ الماضِي لِرِعايَةِ الفاصِلَةِ وكِلا الوَجْهَيْنِ حَكاهُما في البَحْرِ، والأوَّلُ أوْلى، وعِنْدِي أنَّ مِثْلَ هَذا لا يُقالُ: إلّا في حَقِّ
{"ayah":"أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلسَّیِّـَٔاتِ أَن یَسۡبِقُونَاۚ سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق