الباحث القرآني

﴿وابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ﴾ مِنَ الكُنُوزِ والغِنى ﴿الدّارَ الآخِرَةَ﴾ أيْ ثَوابَها أيْ ثَوابَ اللَّهِ تَعالى فِيها بِصَرْفِ ذَلِكَ إلى ما يَكُونُ وسِيلَةً إلَيْهِ و(فِي) إمّا ظَرْفِيَّةٌ عَلى مَعْنى ابْتَغِ مُتَقَلَّبًا ومُتَصَرَّفًا فِيهِ أوْ سَبَبِيَّةٌ عَلى مَعْنى ابْتَغِ بِصَرْفِ ما آتاكَ اللَّهُ تَعالى ذَلِكَ وقُرِئَ «اتَّبِعْ» ﴿ولا تَنْسَ﴾ أيْ ولا تَتْرُكْ تَرْكَ المَنسِيِّ ﴿نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا﴾ أيْ حَظَّكَ مِنها وهو كَما أخْرَجَ الفِرْيابِيُّ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنْ تَعْمَلَ فِيها لِآخِرَتِكَ، ورُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجاهِدٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنْ قَتادَةَ هو أنْ تَأْخُذَ مِنَ الدُّنْيا ما أحَلَّ اللَّهُ تَعالى لَكَ، وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في زَوائِدِ الزُّهْدِ عَنْ مَنصُورٍ قالَ: لَيْسَ هو عَرَضٌ مِن عَرَضِ الدُّنْيا ولَكِنَّ نَصِيبَكَ عُمْرُكَ أنْ تُقَدِّمَ فِيهِ لِآخِرَتِكَ، وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وجَماعَةٌ عَنِ الحَسَنِ أنَّهُ قالَ في الآيَةِ: قَدِّمِ الفَضْلَ وأمْسِكْ ما يُبَلِّغُكَ، وقالَ مالِكٌ: هو الأكْلُ والشُّرْبُ بِلا سَرَفٍ، وقِيلَ: أرادُوا بِنَصِيبِهِ مِنَ الدُّنْيا الكَفَنَ كَما قالَ الشّاعِرُ: ؎نَصِيبُكَ مِمّا تَجْمَعُ الدَّهْرَ كُلَّهُ رِداءانِ تُلْوى فِيهِما وحَنُوطُ (p-113)وفِي نَهْيِهِمْ إيّاهُ عَنْ نِسْيانِ ذَلِكَ حَضٌّ عَظِيمٌ لَهُ عَلى التَّزَوُّدِ مِن مالِهِ لِلْآخِرَةِ فَإنَّ مَن يَكُونُ نَصِيبُهُ مِن دُنْياهُ وجَمِيعِ ما يَمْلِكُهُ الكَفَنَ لا يَنْبَغِي لَهُ تَرْكُ (التَّزَوُّدِ) مِن مالِهِ وتَقْدِيمُ ما يَنْفَعُهُ في آخِرَتِهِ ﴿وأحْسِنْ﴾ إلى عِبادِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ ﴿كَما أحْسَنَ اللَّهُ إلَيْكَ﴾ أيْ مِثْلَ إحْسانِهِ تَعالى إلَيْكَ فِيما أنْعَمَ بِهِ عَلَيْكَ، والتَّشْبِيهُ في مُطْلَقِ الإحْسانِ أوْ لِأجْلِ إحْسانِهِ سُبْحانَهُ إلَيْكَ عَلى أنَّ الكافَ لِلتَّعْلِيلِ. وقِيلَ: المَعْنى وأحْسِنْ بِالشُّكْرِ الطّاعَةَ كَما أحْسَنَ اللَّهُ تَعالى عَلَيْكَ بِالإنْعامِ، والكافُ عَلَيْهِ أيْضًا تَحْتَمِلِ التَّشْبِيهَ والتَّعْلِيلَ ﴿ولا تَبْغِ الفَسادَ في الأرْضِ﴾ نَهْيٌ عَنِ الِاسْتِمْرارِ عَلى ما هو عَلَيْهِ مِنَ الظُّلْمِ والبَغْيِ. ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ﴾ الكَلامُ فِيهِ كالكَلامِ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ﴾ وهَذِهِ المَوْعِظَةُ بِأسْرِها كانَتْ مِن مُؤْمِنِي قَوْمِهِ كَما هو ظاهِرُ الآيَةِ، وقِيلَ: إنَّها كانَتْ مِن مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب