الباحث القرآني
﴿وقِيلَ﴾ تَقْرِيعًا لَهم وتَهَكُّمًا بِهِمْ ﴿ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ﴾ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ ﴿فَدَعَوْهُمْ﴾ لِفَرْطِ الحَيْرَةِ وإلّا فَلَيْسَ هُناكَ طَلَبُ حَقِيقَةٍ لِلدُّعاءِ، وقِيلَ: دَعَوْهم لِضَرُورَةِ الِامْتِثالِ عَلى أنَّ هُناكَ طَلَبًا، والغَرَضُ مِن طَلَبِ ذَلِكَ مِنهم تَفْضِيحُهم عَلى رُءُوسِ
الأشْهادِ بِدُعاءِ مَن لا نَفْعَ لَهُ لِنَفْسِهِ قِيلَ: والظّاهِرُ مِن تَعْقِيبِ صِيغَةِ الأمْرِ بِالفاءِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَدَعَوْهُمْ﴾ أنَّها لِطَلَبِ الدُّعاءِ وإيجابِهِ والأوَّلُ أبْلَغُ في تَهْوِيلِ أمْرِ أُولَئِكَ الكَفَرَةِ والإشارَةِ إلى سُوءِ حالِهِمْ وأمْرُ التَّعْقِيبِ بِالفاءِ سَهَّلَ ﴿فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ﴾ ضَرُورَةَ عَدَمِ قُدْرَتِهِمْ عَلى الِاسْتِجابَةِ والنُّصْرَةِ، وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ المُرادُ فَلَمْ يُجِيبُوهم لِأنَّهم في شُغْلٍ شاغِلٍ عَنْهم ولَعَلَّهم خُتِمَ عَلى أفْواهِهِمْ إذْ ذاكَ ﴿ورَأوُا العَذابَ﴾ الظّاهِرَ أنَّ الضَّمِيرَ لِلدّاعِينَ وقالَ الضَّحّاكُ: هو لِلدّاعِينَ والمَدْعُوِّينَ جَمِيعًا، وقِيلَ: هو لِلْمَدْعُوِّينَ فَقَطْ ولَيْسَ بِشَيْءٍ.
والظّاهِرُ أنَّ الرُّؤْيَةَ بَصَرِيَّةٌ ورُؤْيَةَ العَذابِ إمّا عَلى مَعْنى رُؤْيَةِ مُبادِيهِ أوْ عَلى مَعْنى رُؤْيَتِهِ نَفْسَهُ بِتَنْزِيلِهِ مَنزِلَةَ المُشاهِدِ، وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ عِلْمِيَّةً والمَفْعُولُ الثّانِي مَحْذُوفٌ أيْ رَأوُا العَذابَ مُتَّصِلًا بِهِمْ أوْ غاشِيًا لَهم أوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ حَذْفَ أحَدِ مَفْعُولَيْ أفْعالِ القُلُوبِ مُخْتَلِفٌ في جَوازِهِ وتَقَدَّمَ آنِفًا عَنِ البَعْضِ أنَّ الأكْثَرِينَ عَلى المَنعِ فَمَن مَنَعَ وقالَ في بَيانِ المَعْنى ورَأوُا العَذابَ مُتَّصِلًا بِهِمْ جَعَلَ مُتَّصِلًا حالًا مِنَ العَذابِ ﴿لَوْ أنَّهم كانُوا يَهْتَدُونَ﴾ لَوْ شَرْطِيَّةٌ وجَوابُها مَحْذُوفٌ أيْ لَوْ كانُوا يَهْتَدُونَ لِوَجْهٍ مِن وُجُوهِ الحِيَلِ يَدْفَعُونَ بِهِ العَذابَ لَدَفَعُوا بِهِ العَذابَ أوْ لَوْ أنَّهم كانُوا في الدُّنْيا مُهْتَدِينَ مُؤْمِنِينَ لَما رَأوُا العَذابَ.
(p-102)واعْتُرِضَ بِأنَّ الدّالَّ عَلى المَحْذُوفِ رَأوُا العَذابَ وهو مُثْبَتٌ فَلا يُقَدَّرُ المَحْذُوفُ مَنفِيًّا وهو غَيْرُ وارِدٍ لِأنَّ الِالتِفاتَ إلى المَعْنى وإذا جازَ الحَذْفُ لِمُجَرَّدِ دَلالَةِ الحالِ فَإذا انْضَمَّ إلَيْها شَهادَةُ المُقالِ كانَ أوْلى وأوْلى، وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ (لَوْ) لِلتَّمَنِّي أيْ تَمَنَّوْا لَوْ أنَّهم كانُوا مُهْتَدِينَ فَلا تَحْتاجُ إلى الجَوابِ وقالَ صاحِبُ التَّقْرِيبِ: فِيهِ نَظَرٌ إذْ حَقُّهُ أنْ يُقالَ لَوْ كُنّا إلّا أنْ يَكُونَ عَلى الحِكايَةِ كَأقْسَمَ لَيَضْرِبَنَّ أوْ عَلى تَأْوِيلِ رَأوْا مُتَمَنِّينَ هِدايَتَهم.
وجُوِّزَ عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِها لِلتَّمَنِّي أنْ يَكُونَ قَدْ وُضِعَ لَوْ أنَّهم كانُوا مُهْتَدِينَ مَوْضِعَ تَحَيَّرُوا لِرُؤْيَتِهِ كانَ كُلُّ أحَدٍ يَتَمَنّى لَهُمُ الهِدايَةَ عِنْدَ ذَلِكَ الهَوْلِ والتَّحَيُّرِ تَرَحُّمًا عَلَيْهِمْ أوْ هو مِنَ اللَّهِ تَعالى شَأْنُهُ عَلى المَجازِ كَما قِيلَ: في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَوْ أنَّهم آمَنُوا واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ﴾ [البَقَرَةِ: 103]، وجَعَلَ الطَّيِّبِيُّ وضْعَهُ مَوْضِعَهُ مِن إطْلاقِ المُسَبِّبِ عَلى السَّبَبِ لِأنَّ تَحَيُّرَهم سَبَبٌ حامِلٌ عَلى هَذا القَوْلِ. وقالَ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ: إنَّ النَّظْمَ عَلى هَذا الوَجْهِ يَنْطَبِقُ، واخْتارَ الإمامُ الرّازِيُّ أنَّها شَرْطِيَّةٌ إلّا أنَّهُ لَمْ يَرْتَضِ ما قالُوهُ في تَقْدِيرِ الجَوابِ فَقالَ بَعْدَ نَقْلِ ما قالُوهُ: وعِنْدِي أنَّ الجَوابَ غَيْرُ مَحْذُوفٍ، وفي تَقْرِيرِهِ وُجُوهٌ أحَدُها أنَّ اللَّهَ تَعالى إذا خاطَبَهم بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ﴾ فَهُناكَ يَشْتَدُّ الخَوْفُ عَلَيْهِمْ ويَلْحَقُهم شَيْءٌ كالسِّدْرِ والدُّوارِ فَيَصِيرُونَ بِحَيْثُ لا يُبْصِرُونَ شَيْئًا، فَقالَ سُبْحانَهُ: ورَأوُا العَذابَ لَوْ أنَّهم كانُوا يُبْصِرُونَ شَيْئًا عَلى مَعْنى أنَّهم لَمْ يَرَوُا العَذابَ لِأنَّهم صارُوا بِحَيْثُ لا يُبْصِرُونَ شَيْئًا، وثانِيها أنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ عَنِ الشُّرَكاءِ وهي الأصْنامُ أنَّهم لا يُجِيبُونَ الَّذِينَ دَعَوْهم قالَ في حَقِّهِمْ: ﴿ورَأوُا العَذابَ لَوْ أنَّهم كانُوا يَهْتَدُونَ﴾ أيْ هَذِهِ الأصْنامُ كانُوا يُشاهِدُونَ العَذابَ لَوْ كانُوا مِنَ الأحْياءِ المُهْتَدِينَ، ولَكِنَّها لَيْسَتْ كَذَلِكَ والإتْيانُ بِضَمِيرِ العُقَلاءِ عَلى حَسَبِ اعْتِقادِ القَوْمِ بِهِمْ، وثالِثُها أنَّ يَكُونَ المُرادُ مِنِ الرُّؤْيَةِ رُؤْيَةَ القَلْبِ أيْ والكُفّارُ عَلِمُوا حَقِّيَّةَ هَذا العَذابِ لَوْ كانُوا يَهْتَدُونَ وهَذِهِ الوُجُوهُ عِنْدِي خَيْرٌ مِنَ الوُجُوهِ المَبْنِيَّةِ عَلى أنَّ جَوابَ لَوْ مَحْذُوفٌ فَإنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي تَفْكِيكَ نَظْمِ الآيَةِ اهـ ولَعَمْرِي إنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ وما يَرُدُّ عَلَيْهِ أظْهَرُ مِن أنْ يَخْفى عَلى مَن لَهُ أدْنى تَمْيِيزٍ بَيْنَ الحَيِّ واللَّيِّ.
{"ayah":"وَقِیلَ ٱدۡعُوا۟ شُرَكَاۤءَكُمۡ فَدَعَوۡهُمۡ فَلَمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَهُمۡ وَرَأَوُا۟ ٱلۡعَذَابَۚ لَوۡ أَنَّهُمۡ كَانُوا۟ یَهۡتَدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











