الباحث القرآني

﴿ويَوْمَ يُنادِيهِمْ﴾ عَطْفٌ عَلى يَوْمِ القِيامَةِ لِاخْتِلافِهِما عُنْوانًا وإنِ اتَّحَدا ذاتًا أوْ مَنصُوبٌ بِإضْمارِ اذْكُرْ ونِداؤُهُ تَعالى إيّاهم يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ بِواسِطَةٍ وأنْ يَكُونَ بِدُونِها وهو نِداءُ إهانَةٍ وتَوْبِيخٍ ﴿فَيَقُولُ﴾ تَفْسِيرٌ لِلنِّداءِ ﴿أيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ أيِ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَهم شُرَكائِي فَإنَّ زَعَمَ مِمّا يَتَعَدّى إلى مَفْعُولَيْنِ كَقَوْلِهِ: ؎وأنَّ الَّذِي قَدْ عاشَ يا أُمَّ مالِكٍ يَمُوتُ ولَمْ أزْعُمْكِ عَنْ ذاكَ مَعْزِلًا وحُذِفَ هُنا المَفْعُولانِ مَعًا ثِقَةً بِدَلالَةِ الكَلامِ عَلَيْهِما نَحْوَ مَن يَسْمَعْ يُخِلَّ. وفي الكَشّافِ يَجُوزُ حَذْفُ المَفْعُولَيْنِ في بابِ ظَنَنْتُ ولا يَصِحُّ الِاقْتِصارُ عَلى أحَدِهِما، وادَّعى بَعْضُهم أنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الِاقْتِصارِ هو الأصَحُّ وأنَّهُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الأكْثَرُونَ وقالَ الأخْفَشُ: إذا دَخَلَتْ هَذِهِ الأفْعالُ ظَنَّ وأخَواتُها عَلى أنَّ نَحْوَ ظَنَنْتُ أنَّكَ قائِمٌ فالمَفْعُولُ الثّانِي مِنهُما مَحْذُوفٌ والتَّقْدِيرُ ظَنَنْتُ قِيامَكَ كائِنًا لِأنَّ المَفْتُوحَةَ بِتَأْوِيلِ المُفْرَدِ وسِيبَوَيْهِ يَرى في ذَلِكَ أنَّ أنَّ مَعَ ما بَعْدَها سَدَّتْ مَسَدَّ المَفْعُولَيْنِ، وأجازَ الكُوفِيُّونَ الِاقْتِصارَ عَلى الأوَّلِ إذا سَدَّ شَيْءٌ مَسَدَّ الثّانِي كَما في بابِ المُبْتَدَأِ نَحْوُ أقائِمٌ أخَواكَ فَيَقُولُونَ: هَلْ ظَنَنْتَ قائِمًا أخَواكَ؟ وقالَ أبُو حَيّانِ: إذا دَلَّ دَلِيلٌ عَلى أحَدِهِما جازَ حَذْفُهُ كَقَوْلِهِ: ؎كَأنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنٌ إذا كانَ بَعْدَهُ ∗∗∗ تَلاقٍ ولَكِنْ لا أخالُ تَلاقِيا أيْ لا أخالُ بَعْدَ البَيْنِ تَلاقِيًا وقالَ صاحِبُ التُّحْفَةِ: يَجُوزُ الِاقْتِصارُ في بابِ كَسَوْتُ عَلى أحَدِ المَفْعُولَيْنِ بِدَلِيلٍ وبِغَيْرِ دَلِيلٍ لِأنَّ الأوَّلَ فِيهِما غَيْرُ الثّانِي وأجازَ بَعْضُهم حَذْفَ الأوَّلِ إذا كانَ هو الفاعِلَ مَعْنًى نَحْوَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ﴾ [النُّورِ: 57] أيْ ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إيّاهم أيْ أنْفُسَهم مُعْجِزِينَ، وقالَ الطَّيِّبِيُّ: في عَدَمِ الحَذْفِ فِيما عَدا ما ذُكِرَ. وجَوازُ الحَذْفِ فِيهِ لَعَلَّ السِّرَّ أنَّ هَذِهِ الأفْعالَ قُيُودٌ لِلْمَضامِينِ تَدْخُلُ عَلى الجُمَلِ الِاسْمِيَّةِ لِبَيانِ ما هي عَلَيْهِ لِأنَّ النِّسْبَةَ قَدْ تَكُونُ عَنْ عِلْمٍ وقَدْ تَكُونُ عَنْ ظَنٍّ فَلَوِ اقْتُصِرَ عَلى أحَدِ طَرَفَيِ الجُمْلَةِ لِقِيامِ قَرِينَةٍ تُوُهِّمَ أنَّ الَّذِي سِيقَ لَهُ الكَلامُ والَّذِي هو مُهْتَمٌّ بِشَأْنِهِ الطَّرَفُ المَذْكُورُ ولَيْسَ غَيْرَ المَذْكُورِ مِمّا يُعْتَنى بِهِ، نَعَمْ إذا كانَ الفاعِلُ والمَفْعُولُ لِشَيْءٍ واحِدٍ يَهُونُ الخَطْبُ، وذُكِرَ عَنْ صاحِبِ الإقْلِيدِ ما يُؤَيِّدُهُ وقَدْ أطالَ طَيَّبَ اللَّهُ تَعالى مَرْقَدَهُ الكَلامَ في هَذا المَقامِ، وادَّعى ابْنُ هِشامٍ أنَّ الأوْلى أنْ يُقَدَّرَ هُنا الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أنَّهم شُرَكائِي لِأنَّهُ لَمْ يَقَعِ الزَّعْمُ في التَّنْزِيلِ عَلى المَفْعُولَيْنِ الصَّرِيحَيْنِ بَلْ عَلى أنَّ وُصْلَتَها كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أنَّهم فِيكم شُرَكاءُ﴾ [الأنْعامِ: 94] وفِيهِ نَظَرٌ. والظّاهِرُ أنَّ المُرادَ بِالشُّرَكاءِ مَن عُبِدَ مِن دُونِ اللَّهِ تَعالى مِن مَلَكٍ أوْ جِنٍّ أوْ إنْسٍ أوْ كَوْكَبٍ أوْ صَنَمٍ أوْ غَيْرِ ذَلِكَ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب