الباحث القرآني

﴿واسْتَكْبَرَ هو وجُنُودُهُ﴾ أيْ رَأوْا كُلَّ مِن سِواهم حَقِيرًا بِالإضافَةِ إلَيْهِمْ ولَمْ يَرَوُا العَظَمَةَ والكِبْرِياءَ إلّا لِأنْفُسِهِمْ فَنَظَرُوا إلى غَيْرِهِمْ نَظَرَ المُلُوكِ إلى العَبِيدِ ﴿فِي الأرْضِ﴾ الأكْثَرُونَ عَلى أنَّ المُرادَ في أرْضِ مِصْرَ، وقِيلَ: المُرادُ بِها الجُرْمُ المَعْرُوفُ المُقابِلُ لِلسَّماءِ، وفي التَّقْيِيدِ بِها تَشْنِيعٌ عَلَيْهِمْ حَيْثُ اسْتَكْبَرُوا فِيما هو أسْفَلَ الأجْرامِ وكانَ اللّائِقَ بِهِمْ أنْ يَنْظُرُوا إلى مَحَلِّهِمْ وتَسَفُّلِهِ فَلا يَسْتَكْبِرُوا ﴿بِغَيْرِ الحَقِّ﴾ أيْ بِغَيْرِ الِاسْتِحْقاقِ لِما أنَّ رُؤْيَتَهم تِلْكَ باطِلَةٌ ولا تَكُونُ رُؤْيَةُ الكُلِّ حَقِيرًا بِالإضافَةِ إلى الرّائِي ورُؤْيَةُ العَظَمَةِ والكِبْرِياءِ لِنَفْسِهِ عَلى الخُصُوصِ دُونَ غَيْرِهِ حَقًّا إلّا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، ومِن هُنا قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الِاسْتِكْبارُ بِالحَقِّ إنَّما هو لِلَّهِ تَعالى وكُلُّ مُسْتَكْبِرٍ سِواهُ (p-83)عَزَّ وجَلَّ فاسْتِكْبارُهُ بِغَيْرِ الحَقِّ، وفي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: ««الكِبْرِياءُ رِدائِي والعَظْمَةُ إزارِي فَمَن نازَعَنِي واحِدًا مِنهُما ألْقَيْتُهُ في النّارِ»» ﴿وظَنُّوا أنَّهم إلَيْنا لا يُرْجَعُونَ﴾ بِالبَعْثِ لِلْجَزاءِ، والظَّنُّ قِيلَ: إمّا عَلى ظاهِرِهِ أوْ عَبَّرَ عَنِ اعْتِقادِهِمْ بِهِ تَحْقِيرًا لَهم وتَمْهِيلًا، وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ ونافِعٌ لا (يَرْجِعُونَ) بِفَتْحِ الياءِ وكَسْرِ الجِيمِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب