الباحث القرآني

﴿وحَرَّمْنا عَلَيْهِ المَراضِعَ﴾ أيْ مَنَعْناهُ ذَلِكَ فالتَّحْرِيمُ مَجازٌ عَنِ المَنعِ فَإنَّ مَن حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَقَدْ مُنَعَهُ ولا يَصِحُّ إرادَةُ التَّحْرِيمِ الشَّرْعِيِّ لِأنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِن أهْلِ التَّكْلِيفِ ولا دَلِيلَ عَلى الخُصُوصِيَّةِ، والمَراضِعُ جَمْعُ مُرْضِعٍ بِضَمِّ المِيمِ وكَسْرِ الضّادِ وهي المَرْأةُ الَّتِي تُرْضِعُ، وتَرَكَ التّاءَ إمّا لِاخْتِصاصِهِ بِالنِّساءِ أوْ لِأنَّهُ بِمَعْنى شَخْصٍ مُرْضِعٍ أوْ جَمْعُ مَرْضَعٍ بِفَتْحِ المِيمِ عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنى الرِّضاعِ وجُمِعَ لِتَعَدُّدِ مَرّاتِهِ أوِ اسْمُ مَكانٍ أيْ مَوْضِعَ الرِّضاعِ وهو الثَّدْيُ ﴿مِن قَبْلُ﴾ أيْ مِن قَبْلِ قَصِّها أوْ إبْصارِها أوْ وُرُودِهِ عَلى مَن هو عِنْدَهُ، أوْ مِن قَبْلِ ذَلِكَ أيْ مِن أوَّلِ أمْرِهِ وظاهِرُ صَنِيعِ أبِي حَيّانَ اخْتِيارُهُ ﴿فَقالَتْ هَلْ أدُلُّكُمْ﴾ أيْ هَلْ تُرِيدُونَ أنْ أدُلَّكم ﴿عَلى أهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ أيْ يُضَمِّنُونَهُ ويَقُومُونَ بِتَرْبِيَتِهِ لِأجْلِكُمْ، والفاءُ فَصِيحَةٌ أيْ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِمْ فَقالَتْ، وقَوْلُها: عَلى أهْلِ بَيْتٍ دُونَ امْرَأةٍ إشارَةٌ إلى أنَّ المُرادَ امْرَأةٌ مِن أهْلِ الشَّرَفِ تَلِيقُ بِخِدْمَةِ المُلُوكِ ﴿وهم لَهُ ناصِحُونَ﴾ لا يُقَصِّرُونَ في خِدْمَتِهِ وتَرْبِيَتِهِ، ورُوِيَ أنَّ هامانَ لِما سَمِعَ هَذا مِنها قالَ: إنَّها لَتَعْرِفُهُ وأهْلَهُ فَخُذُوها حَتّى تُخْبِرَ بِحالِهِ فَقالَتْ: إنَّما أرَدْتُ وهم لِلْمَلِكِ ناصِحُونَ فَخَلُصَتْ بِذَلِكَ مِنَ الشَّرِّ الَّذِي يَجُوزُ لِمِثْلِهِ الكَذِبُ وأحْسَنَتْ ولَيْسَ بِبِدَعٍ لِأنَّها مِن بَيْتِ النُّبُوَّةِ فَحَقِيقٌ بِها ذَلِكَ، واحْتِمالُ الضَّمِيرِ لِأمْرَيْنِ مِمّا لا تَخْتَصُّ بِهِ اللُّغَةُ العَرَبِيَّةُ بَلْ يَكُونُ في جَمِيعِ اللُّغاتِ عَلى أنَّ الفَراعِنَةَ مِن بَقايا العَمالِقَةِ وكانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِالعَرَبِيَّةِ فَلَعَلَّها كَلَّمَتْ بِلِسانِهِمْ ويُسَمّى هَذا الأُسْلُوبُ مِنَ الكَلامِ المُوَجَّهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب