الباحث القرآني
﴿ومَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ وهو الشِّرْكُ وبِهِ فَسَّرَها مَن فَسَّرَ الحَسَنَةَ بِشَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وقَدْ عَلِمْتُ مَن هُمْ، وقِيلَ: المُرادُ بِها ما يَعُمُّ الشِّرْكَ وغَيْرَهُ مِنَ السَّيِّئاتِ: ﴿فَكُبَّتْ وُجُوهُهم في النّارِ﴾ أيْ كُبُّوا فِيها عَلى وُجُوهِهِمْ مَنكُوسِينَ، فَإسْنادُ الكَبِّ إلى الوُجُوهِ مَجازِيٌّ (p-38)لِأنَّهُ يُقالُ كَبَّهُ وأكَبَّهُ إذا نَكَّسَهُ، وقِيلَ: يَجُوزُ أنْ يُرادَ بِالوُجُوهِ الأنْفَسُ كَما أُرِيدَتْ بِالأيْدِي في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تُلْقُوا بِأيْدِيكم إلى التَّهْلُكَةِ﴾ أيْ فَكُبَّتْ أنْفُسُهم في النّارِ ﴿هَلْ تُجْزَوْنَ إلا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ عَلى الِالتِفاتِ لِلتَّشْدِيدِ أوْ عَلى إضْمارِ القَوْلِ أيْ مَقُولًا لَهم ذَلِكَ فَلا التِفاتَ فِيهِ لِأنَّهُ في كَلامٍ آخَرَ ومِن شُرُوطِ الِالتِفاتِ اتِّحادُ الكَلامَيْنِ كَما حَقَّقَ في المَعانِي، واسْتَدَلَّ بَعْضُ المُرْجِئَةِ القائِلِينَ بِأنَّهُ لا يَضُرُّ مَعَ الإيمانِ مَعْصِيَةٌ كَما لا يَنْفَعُ مَعَ الكُفْرِ طاعَةٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ﴾ إلَخْ عَلى أنَّ المُؤْمِنَ العاصِيَ لا يُعَذَّبُ يَوْمَ القِيامَةِ وإلّا لَمْ يَكُنْ آمِنًا مِن فَزَعِ مُشاهِدَةِ العَذابِ يَوْمَئِذٍ وهو خِلافُ ما دَلَّتْ عَلَيْهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ، وأُجِيبَ بِمَنعِ دُخُولِ المُؤْمِنِ العاصِي في عُمُومِ الآيَةِ لِأنَّ المُرادَ بِالحَسَنَةِ الحَسَنَةُ الكامِلَةُ وهو الإيمانُ الَّذِي لَمَّ تُدَنِّسْهُ مَعْصِيَةٌ، وذَلِكَ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِيهِ أوْ لِأنَّ المُتَبادِرَ المَجِيءُ بِالحَسَنَةِ غَيْرَ مَشُوبَةٍ بِسَيِّئَةٍ وهو أيْضًا غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِيهِ ومَن تَحَقَّقَ فِيهِ فَهو آمَنُ مِن ذَلِكَ الفَزَعِ بَلْ لا يَبْعُدُ أنْ يَكُونَ آمِنًا مِن كُلِّ فَزَعٍ مَن أفَزاعِ يَوْمِ القِيامَةِ وإنْ سُلِّمَ الدُّخُولُ قُلْنا المُرادُ بِالفَزَعِ الآمِنِ مِنهُ مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ ما يَكُونُ حِينَ يُذْبَحُ المَوْتُ ويُنادِي المُنادِي يا أهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ فَلا مَوْتَ ويا أهْلَ النّارِ خُلُودٌ فَلا مَوْتَ كَما سَمِعْتُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أوْ حِينَ تُطْبِقُ جَهَنَّمُ عَلى أهْلِها فَيَفْزَعُونَ كَما رُوِيَ عَنِ الكَلْبِيِّ ولَيْسَ ذَلِكَ إلّا بَعْدَ تَكامُلِ أهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا الجَنَّةَ والعَذابُ الَّذِي يَكُونُ لِبَعْضِ عُصاةِ المُؤْمِنِينَ إنَّما هو قَبْلَ ذَلِكَ والآيَةُ لا تَدُلُّ عَلى نَفْيِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ.
وأجابَ بَعْضُهم بِأنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُؤْمِنُ العاصِي آمِنًا مِن فَزَعِ مُشاهِدَةِ العَذابِ، وإنْ عُذِّبَ لِعِلْمِهِ بِأنَّهُ لا يَخْلُدُ فَيُعَدُّ عَذابُهُ كالمَشاقِّ الَّتِي يَتَكَلَّفُها المُحِبُّ في طَرِيقِ وِصالِ المَحْبُوبِ وهَذا في غايَةِ السُّقُوطِ كَما لا يَخْفى.
واسْتَدَلَّ بَعْضُ المُعْتَزِلَةِ بِقَوْلِهِ تَعالى: (مَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) إلَخْ عَلى عَدَمِ الفَرْقِ بَيْنَ عَذابِ الكافِرِ وعَذابِ المُؤْمِنِ العاصِي لِأنَّ (مَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) يَعُمُّهُما وقَدْ أُثْبِتَ لَهُ الكَبُّ عَلى الوُجُوهِ في النّارِ فَحَيْثُ كانَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلى الكافِرِ عَلى وجْهِ الخُلُودِ كانَ بِالنِّسْبَةِ إلى المُؤْمِنِ العاصِي كَذَلِكَ، وأُجِيبَ بِأنَّ المُرادَ بِالسَّيِّئَةِ الإشْراكُ كَما رُوِيَ تَفْسِيرُها بِهِ عَنْ أكْثَرِ سَلَفِ الأُمَّةِ فَلا يَدْخُلُ المُؤْمِنُ العاصِي فِيمَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ ولَوْ سُلِّمَ دُخُولُهُ بِناءً عَلى القَوْلِ بِعُمُومِ السَّيِّئَةِ فَلا نُسَلِّمُ أنَّ في الآيَةِ دَلالَةً عَلى خُلُودِهِ في النّارِ وكَوْنُ الكَبِّ في النّارِ بِالنِّسْبَةِ إلى الكافِرِ عَلى وجْهِ الخُلُودِ لا يَقْتَضِي أنْ يَكُونَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَذَلِكَ فَكَثِيرًا ما يُحْكَمُ عَلى جَماعَةٍ بِأمْرٍ كُلِّيٍّ ويَكُونُ الثّابِتُ لِبَعْضِهِمْ نَوْعًا ولِلْبَعْضِ الآخَرِ نَوْعًا آخَرَ مِنهُ وهَذا مِمّا لا رَيْبَ فِيهِ، ثُمَّ إنَّ الآيَةَ مِن بابِ الوَعِيدِ فَيُجْرى فِيهِ عَلى تَقْدِيرِ دُخُولِ المُؤْمِنِ العاصِي في عُمُومٍ مِن ما قالَهُ الأشاعِرَةُ في آياتِ الوَعِيدِ فافْهَمْ وتَأمَّلْ.
{"ayah":"وَمَن جَاۤءَ بِٱلسَّیِّئَةِ فَكُبَّتۡ وُجُوهُهُمۡ فِی ٱلنَّارِ هَلۡ تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











