الباحث القرآني
﴿ألَمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ﴾ الرُّؤْيَةُ قَلْبِيَّةٌ لا بَصَرِيَّةٌ لِأنَّ نَفْسَ اللَّيْلِ والنَّهارِ وإنْ كانا مِنَ المُبْصِراتِ لَكِنْ جَعْلَهُما كَما ذُكِرَ مِن قَبِيلِ المَعْقُولاتِ أيْ ألَمْ يَعْلَمُوا أنّا جَعَلْنا اللَّيْلَ بِما فِيهِ مِنَ الإظْلامِ لِيَسْتَرِيحُوا فِيهِ بِالقَرارِ والنَّوْمِ، قالَ بَعْضُ الرُّجّازِ:
؎النَّوْمُ راحَةُ القُوى الحِسِّيَّةِ مِن حَرَكاتٍ والقُوى النَّفْسِيَّةِ
﴿والنَّهارَ مُبْصِرًا﴾ أيْ لِيُبْصِرُوا بِما فِيهِ مِنَ الإضاءَةِ طُرُقَ التَّقَلُّبِ في أُمُورِ مَعاشِهِمْ فَبُولِغَ حَيْثُ جَعَلَ الإبْصارَ الَّذِي هو حالُ النّاسِ حالًا لَهُ ووَصْفًا مِن أوْصافِهِ الَّتِي جُعِلَ عَلَيْها بِحَيْثُ لا يَنْفَكُّ عَنْها، ولَمْ يَسْلُكْ في اللَّيْلِ هَذا المَسْلَكَ لِما أنَّ تَأْثِيرَ ظَلامِ اللَّيْلِ في السُّكُونِ لَيْسَ بِمَثابَةِ تَأْثِيرِ ضَوْءِ النَّهارِ في الإبْصارِ، والمَشْهُورُ أنَّ في الآيَةِ صَنْعَةَ الِاحْتِباكِ والتَّقْدِيرُ جَعَلْنا اللَّيْلَ مُظْلِمًا لِيَسْكُنُوا فِيهِ والنَّهارَ مُبْصِرًا لِيَنْتَشِرُوا فِيهِ ﴿إنَّ في ذَلِكَ﴾ أيْ في جَعْلِهِما كَما وصَفا وما في اسْمِ الإشارَةِ مِن مَعْنى البُعْدِ لِلْإشْعارِ بِبُعْدِ دَرَجَتِهِ في الفَضْلِ ﴿لآياتٍ﴾ عَظِيمَةً ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ فَإنَّهُ يَدُلُّ عَلى التَّوْحِيدِ وتَجْوِيزِ الحَشْرِ وبَعْثِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ لِأنَّ تَعاقُبَ النُّورِ والظُّلْمَةِ عَلى وجْهٍ مَخْصُوصٍ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بِذاتِهِ لا يَكُونُ إلّا بِقُدْرَةٍ قاهِرَةٍ لَيْسَتْ لِما أشْرَكَهُ المُشْرِكُونَ، وأنَّ مَن قَدَرَ عَلى إبْدالِ الظَّلَمَةِ بِالنُّورِ في مادَّةٍ واحِدَةٍ قادِرٌ عَلى إبْدالِ المَوْتِ بِالحَياةِ في مَوادِّ الأبْدانِ، وأنَّ مَن جَعَلَ اللَّيْلَ والنَّهارَ سَبَبَيْنِ لِمَنافِعِهِمْ ومَصالِحِهِمْ لَعَلَّهُ لا يُخِلُّ بِما هو مَناطُ جَمِيعِ مَصالِحِهِمْ في مَعاشِهِمْ ومَعادِهِمْ وهو بَعْثَةُ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ.
(p-30)وفِي إرْشادِ العَقْلِ السَّلِيمِ لِآياتٍ عَظِيمَةٍ كَثِيرَةٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ دالَّةٌ عَلى صِحَّةِ البَعْثِ وصِدْقِ الآياتِ النّاطِقَةِ بِهِ دَلالَةً واضِحَةً كَيْفَ لا وأنَّ مَن تَأمَّلَ في تَعاقُبِ اللَّيْلِ والنَّهارِ واخْتِلافِهِما عَلى وُجُوهٍ بَدِيعَةٍ مَبْنِيَّةٍ عَلى حِكَمٍ رائِقَةٍ تَحارُ في فَهْمِها العُقُولُ ولا يُحِيطُ بِها إلّا عِلْمُ اللَّهِ جَلَّ وعَلا وشاهَدَ في الآفاقِ تَبَدُّلَ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ المُحاكِيَةِ لِلْمَوْتِ بِضِياءِ النَّهارِ المُضاهِي لِلْحَياةِ وعايَنَ في نَفْسِهِ تَبُدَّلَ النَّوْمِ الَّذِي هو أخُو المَوْتِ بِالِانْتِباهِ الَّذِي هو مِثْلُ الحَياةِ قَضى بِأنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وأنَّ اللَّهَ تَعالى يَبْعَثُ مَن في القُبُورِ قَضاءً مُتْقَنًا وجَزَمَ بِأنَّهُ تَعالى قَدْ جَعَلَ هَذا أُنْمُوذَجًا لَهُ ودَلِيلًا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلى تَحَقُّقِهِ، وأنَّ الآياتِ النّاطِقَةَ بِهِ وبِكَوْنِ حالِ اللَّيْلِ والنَّهارِ بُرْهانًا عَلَيْهِ وسائِرُ الآياتِ كُلُّها حَقٌّ نازِلٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ تَعالى اهـ.
ولَعَلَّ الأوَّلَ أوْلى لا سِيَّما إذا ضُمَّ إلى الِاسْتِدْلالِ عَلى جَوازِ الحَشْرِ مُشابَهَةُ النَّوْمِ واليَقَظَةِ لِلْمَوْتِ والحَياةِ لِما في هَذا مِن خَفاءِ الدَّلالَةِ، وتَخْصِيصُ المُؤْمِنِينَ بِالذِّكْرِ لِما أنَّهم هُمُ المُنْتَفِعُونَ بِالآياتِ، ووَجْهُ رَبْطِ هَذِهِ الآيَةِ بِما قَبْلَها أنَّها كالدَّلِيلِ عَلى صِحَّةِ ما تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الحَشْرِ
{"ayah":"أَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّا جَعَلۡنَا ٱلَّیۡلَ لِیَسۡكُنُوا۟ فِیهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











