الباحث القرآني
﴿وما أنْتَ بِهادِي العُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ﴾ أيْ وما أنْتَ بِصارِفِ العُمْيَ عَنْ ضَلالَتِهِمْ هادِيًا لَهم هِدايَةً مُوَصِّلَةً إلى المَطْلُوبِ لِفَقْدِ الشَّرْطِ العادِيِّ لِلِاهْتِداءِ وهو البَصَرُ، (وعَنْ) مُتَعَلِّقَةٌ بِالهِدايَةِ بِاعْتِبارِ تَضَمُّنِها مَعْنى الصَّرْفِ كَما أشَرْنا إلَيْهِ، وجَوَّزَ أبُو البَقاءِ أنْ تَعَلَّقَ بِالعَمى ويَكُونُ المَعْنى أنَّ العَمى صَدَرَ عَنْ ضَلالَتِهِمْ وفِيهِ بُعْدٌ، وإيرادُ الجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِلْمُبالِغَةِ في نَفْيِ الهِدايَةِ.
وقَرَأ يَحْيى بْنُ الحارِثِ وأبُو حَيْوَةَ- «بِهادٍ» - بِالتَّنْوِينِ «العُمْيَ» بِالنَّصْبِ، وقَرَأ الأعْمَشُ وطَلْحَةُ وابْنُ وثّابٍ وابْنُ يَعْمُرَ وحَمْزَةُ- «تَهْدِي» - مُضارِعَ هَدى «العُمْيَ» بِالنَّصْبِ، وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ- وما أنْ تَهْتَدِيَ- بِزِيادَةِ أنْ بَعْدَ ما كَما في قَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ:
؎حَلَفْتُ لَها بِاللَّهِ حَلْفَةَ فاجِرٍ لَنامُوا فَما أنْ مِن حَدِيثٍ ولا صالِ
و«تَهْتَدِي» - مُضارِعُ اهْتَدى، و«العُمْيُ» بِالرَّفْعِ ﴿إنْ تُسْمِعُ﴾ أيْ ما تُسْمِعُ إسْماعًا يُجْدِي السّامِعَ نَفْعًا.
﴿إلا مَن يُؤْمِنُ بِآياتِنا﴾ أيْ مِن شَأْنِهِمُ الإيمانُ بِها وهُمُ الَّذِينَ لَيْسُوا مَوْتى ولا صُمًّا ولا عُمْيًا.
وقالَ بَعْضُ الأجِلَّةِ: أيْ إلّا مَن هو في عِلْمِ اللَّهِ تَعالى كَذَلِكَ، واعْتُرِضَ بِأنَّ صِيغَةَ الِاسْتِقْبالِ وإنْ صَحَّتْ بِاعْتِبارِ تَعَلُّقِ العِلْمِ فِيما لا يَزالُ إلّا أنَّ المُناسِبَ صِيغَةُ المُضِيِّ، واخْتارَ المُعْتَرِضُ أنَّ المَعْنى إلّا الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ أنَّ القُرْآنَ كَلامُ اللَّهِ تَعالى إذْ حِينَئِذٍ تَثْبُتُ نُبُوَّتُهُ ﷺ فَيَقْبَلُ قَوْلَهُ ويُجْدِي إسْماعُهُ نَفْعًا، وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ يَنْتَقِضُ الحَصْرَ بِالمُصَدِّقِينَ في الِاسْتِقْبالِ إنْ كانَتِ الصِّيغَةُ لِلْحالِ وبِالمُصَدِّقِينَ في الحالِ إنْ كانَتْ لِلِاسْتِقْبالِ، وإذا دَفَعَ لُزُومُ الِانْتِقاضِ بِجَعْلِها لَهُما لَزِمَ اسْتِعْمالُ المُشْتَرِكِ في مَعْنَيَيْهِ مَعًا أوِ الجَمْعِ بَيْنَ الحَقِيقَةِ والمَجازِ، وأُجِيبُ بِأنَّ المُرادَ الحالُ ويَدْخُلُ غَيْرُهُ فِيهِ بِدَلالَةِ النَّصِّ مِن غَيْرِ تَكْلِيفٍ.
وقالَ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ: قَدْ يُرادُ بِالمُضارِعِ الِاسْتِقْبالُ الشّامِلُ لِجَمِيعِ الأزْمِنَةِ فَإنَّ الِاسْتِقْبالَ كَما يَكُونُ بِالنَّظَرِ لِزَمانِ الحُكْمِ والتَّكَلُّمِ عَلى ما حُقِّقَ في الأُصُولِ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ بِالنَّظَرِ إلى عِلْمِ القائِلِ أيْضًا فَيَشْمَلُ مَن يُؤْمِنُ هُنا مَن آمَنَ حالًا كَما يَشْمَلُ مَن يُؤْمِنُ اسْتِقْبالًا فَلا غُبارَ في المَعْنى الَّذِي اخْتارَهُ ذَلِكَ المُعْتَرِضُ مِن هَذِهِ الحَيْثِيَّةِ، (p-21)نَعَمْ قِيلَ: إنَّ فِيهِ شِبْهَ تَحْصِيلِ الحاصِلِ لِأنَّ التَّصْدِيقَ بِالقُرْآنِ هو اسْتِماعُهُ النّافِعُ، ولَعَلَّ مَن عَدَلَ عَنْهُ إنَّما عَدَلَ لِذَلِكَ، ولَمْ يَعْبَأْ بِالمُغايِرَةِ بَيْنَ ذَيْنِكَ الأمْرَيْنِ الظّاهِرَةِ بَعْدَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ، والحَقُّ أنَّ ما ذُكِرَ مِن شِبْهِ تَحْصِيلِ الحاصِلِ عَلى طَرَفِ الثُّمامِ لِظُهُورِ الفَرْقِ بَيْنَ الإسَماعِ المُرادِ في الآيَةِ والتَّصْدِيقِ بِأنَّ القُرْآنَ كَلامُ اللَّهِ تَعالى كَما لا يَخْفى، وجُوِّزَ أنْ يُرادَ بِالآياتِ المُعْجِزاتِ الَّتِي أظْهَرَها اللَّهُ تَعالى عَلى يَدِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ الشّامِلَةُ لِلْآياتِ التَّنْزِيلِيَّةِ والتَّكْوِينِيَّةِ وأنْ يُرادَ بِها الآياتُ التَّكْوِينِيَّةُ فَقَطْ، والإيمانُ بِها التَّصْدِيقُ بِكَوْنِها آياتِ اللَّهِ تَعالى ولَيْسَتْ مِنَ السِّحْرِ وإذا أُرِيدَ بِالإسْماعِ النّافِعِ عَلى هَذا إسْماعُ الآياتِ التَّنْزِيلِيَّةِ لِيُؤْتى بِما تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الِاعْتِقاداتِ والأعْمالِ كانَ الكَلامُ أبْعَدَ وأبْعَدَ مِن أنْ يَكُونَ فِيهِ شِبْهُ تَحْصِيلِ الحاصِلِ إلّا أنَّ ذَلِكَ لا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ، وفي إرْشادِ العَقْلِ السَّلِيمِ أنَّ إيرادَ الإسْماعِ في النَّفْيِ والإثْباتِ دُونَ الهِدايَةِ مَعَ قُرْبِها بِأنْ يُقالَ: إنْ تَهْدِي إلّا مَن يُؤْمِنُ إلَخْ لِما أنَّ طَرِيقَ الهِدايَةِ هو إسْماعُ الآياتِ التَّنْزِيلِيَّةِ فافْهَمْ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَهم مُسْلِمُونَ﴾ قِيلَ: تَعْلِيلٌ لِإيمانِهِمْ بِها كَأنَّهُ قِيلَ: فَإنَّهم مُنْقادُونَ لِلْحَقِّ في كُلِّ وقْتٍ. وقِيلَ: مُخْلِصُونَ لِلَّهِ تَعالى مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿بَلى مَن أسْلَمَ وجْهَهُ لِلَّهِ﴾، وقِيلَ: هو تَعْلِيلٌ لِما يَدُلُّ عَلَيْهِ الكَلامُ مِن أنَّهم يَسْمَعُونَ إسْماعًا نافِعًا لَهُمْ، وفي تَوْحِيدِ الضَّمِيرِ تارَةً وجَمْعِهِ أُخْرى رِعايَةٌ لِلَفْظِ مِن ومَعْناها.
واسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿إنَّكَ لا تُسْمِعُ المَوْتى﴾ عَلى أنَّ المَيِّتَ لا يَسْمَعُ كَلامَ النّاسِ مُطْلَقًا، وسَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى تَفْصِيلُ الكَلامِ في ذَلِكَ في سُورَةِ الرُّومِ عَلى أتَمِّ وجْهٍ
{"ayah":"وَمَاۤ أَنتَ بِهَـٰدِی ٱلۡعُمۡیِ عَن ضَلَـٰلَتِهِمۡۖ إِن تُسۡمِعُ إِلَّا مَن یُؤۡمِنُ بِـَٔایَـٰتِنَا فَهُم مُّسۡلِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











