الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإنَّكَ لَتُلَقّى القُرْآنَ﴾ كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ سِيقَ بَعْدَ بَيانِ بَعْضِ شُؤُونِ القُرْآنِ الكَرِيمِ؛ تَمْهِيدًا لِما يَعْقُبُهُ مِنَ الأقاصِيصِ، وتَصْدِيرُهُ بِحَرْفَيِ التَّأْكِيدِ لِإبْرازِ كَمالِ العِنايَةِ بِمَضْمُونِهِ، وبُنِيَ الفِعْلُ لِلْمَفْعُولِ وحُذِفَ الفاعِلُ - وهو جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ - لِلدَّلالَةِ عَلَيْهِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ﴾ ولَقى المُخَفَّفُ يَتَعَدّى لِواحِدٍ والمُضاعَفُ يَتَعَدّى لِاثْنَيْنِ، وهُما هُنا نائِبُ الفاعِلِ والقُرْآنُ، والمُرادُ: وإنَّكَ لَتُعْطى القُرْآنَ تُلَقَّنُهُ ﴿مِن لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾ أيْ: أيِّ حَكِيمٍ وأيِّ عَلِيمٍ، وفي تَفْخِيمِهِما تَفْخِيمٌ لِشَأْنِ القُرْآنِ، وتَنْصِيصٌ عَلى عُلُوِّ طَبَقَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - في مَعْرِفَتِهِ والإحاطَةِ بِما فِيهِ مِنَ الجَلائِلِ والدَّقائِقِ، والحِكْمَةُ - كَما قالَ الرّاغِبُ - مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - مَعْرِفَةُ الأشْياءِ وإيجادُها عَلى غايَةِ الإحْكامِ، ومِنَ الإنْسانِ مَعْرِفَةُ المَوْجُوداتِ وفِعْلُ الخَيْراتِ، وجُمِعَ بَيْنَها وبَيْنَ العِلْمِ - مَعَ أنَّهُ داخِلٌ في مَعْناها لُغَةً كَما سَمِعْتَ – لِعُمُومِهِ؛ إذْ هو يَتَعَلَّقُ بِالمَعْدُوماتِ، ويَكُونُ بِلا عَمَلٍ ودَلالَةِ الحِكْمَةِ عَلى إحْكامِ العَمَلِ وإتْقانِهِ، ولِلْإشْعارِ بِأنَّ ما في القُرْآنِ مِنَ العُلُومِ مِنها ما هو حِكْمَةٌ كالشَّرائِعِ، ومِنها ما هو لَيْسَ كَذَلِكَ كالقَصَصِ والأخْبارِ الغَيْبِيَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب