الباحث القرآني

﴿ولُوطًا﴾ مَنصُوبٌ بِمُضْمَرٍ مَعْطُوفٍ عَلى «أرْسَلْنا» في صَدْرِ قِصَّةِ صالِحٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - داخِلٌ مَعَهُ في حَيِّزِ القَسَمِ، أيْ: وأرْسَلْنا لُوطًا ﴿إذْ قالَ لِقَوْمِهِ﴾ ظَرْفٌ لِلْإرْسالِ عَلى أنَّ المُرادَ بِهِ أمْرٌ مُمْتَدٌّ وقَعَ فِيهِ الإرْسالُ، وما جَرى بَيْنَهُ وبَيْنَ قَوْمِهِ مِنَ الأحْوالِ والأقْوال. وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ مَنصُوبًا بِإضْمارِ (اذْكُرْ) مَعْطُوفًا عَلى ما تَقَدَّمَ عَطْفَ قِصَّةٍ عَلى قِصَّةٍ و(إذْ) بَدَلٌ مِنهُ بَدَلَ اشْتِمالٍ، ولَيْسَ بِذاكَ. وقِيلَ: هو مَعْطُوفٌ عَلى (صالِحًا) وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأنَّ صالِحًا بَدَلٌ أوْ عَطْفُ بَيانٍ لِـ(أخاهُمْ) وقَدْ قُيِّدَ بِقَيْدٍ مُقَدَّمٍ عَلَيْهِ وهو «إلى ثَمُودَ» فَلَوْ عُطِفَ عَلَيْهِ تَقَيَّدَ بِهِ، ولا يَصِحُّ؛ لِأنَّ لُوطًا - عَلَيْهِ السَّلامُ - لَمْ يُرْسَلْ إلى ثَمُودَ، وهو مُتَعَيَّنٌ إذا تَقَدَّمَ القَيْدُ بِخِلافِ ما لَوْ تَأخَّرَ. وقِيلَ: إنَّ تَعَيُّنَهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ إذْ يَجُوزُ عَطْفُهُ عَلى مَجْمُوعِ القَيْدِ والمُقَيَّدِ، لَكِنَّهُ خِلافُ المَأْلُوفِ في الخِطابِيّاتِ، وارْتِكابُ مِثْلِهِ تَعَسُّفٌ لا يَلِيقُ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلى (الَّذِينَ آمَنُوا). (p-216)وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ لا يُناسِبُ أسالِيبَ سَرْدِ القَصَصِ مِن عَطْفِ إحْدى القِصَّتَيْنِ عَلى الأُخْرى، لا عَلى تَتِمَّةِ الأُولى وذَيْلِها كَما لا يَخْفى. ﴿أتَأْتُونَ الفاحِشَةَ﴾ أيْ: أتَفْعَلُونَ الفِعْلَةَ المُتَناهِيَةَ في القُبْحِ والسَّماجَةِ، والِاسْتِفْهامُ إنْكارِيٌّ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ مِن فاعِلِ (تَأْتُونَ) مُفِيدَةٌ لِتَأْكِيدِ الإنْكارِ؛ فَإنَّ تَعاطِيَ القَبِيحِ مِنَ العالِمِ بِقُبْحِهِ أقْبَحُ وأشْنَعُ و(تُبْصِرُونَ) مِن بَصَرِ القَلْبِ، أيْ: أتَفْعَلُونَها والحالُ أنْتُمْ تَعْلَمُونَ عِلْمًا يَقِينِيًّا كَوْنَها كَذَلِكَ؟! ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِن بَصَرِ العَيْنِ، أيْ: وأنْتُمْ تَرَوْنَ وتُشاهِدُونَ كَوْنَها فاحِشَةً عَلى تَنْزِيلِ ذَلِكَ لِظُهُورِهِ مَنزِلَةَ المَحْسُوسِ، وقِيلَ: مَفْعُولُ (تُبْصِرُونَ) مِنَ المَحْسُوساتِ حَقِيقَةً، أيْ: وأنْتُمْ تُبْصِرُونَ آثارَ العُصاةِ قَبْلَكُمْ، أوْ: وأنْتُمْ يَنْظُرُ بَعْضُكم بَعْضًا لا يَسْتَتِرُ ولا يَتَحاشى مِن إظْهارِ ذَلِكَ لِعَدَمِ اكْتِراثِكم بِهِ، ووَجْهُ إفادَةِ الجُمْلَةِ عَلى الِاحْتِمالَيْنِ تَأْكِيدَ الإنْكارِ - أيْضًا - ظاهِرٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب