الباحث القرآني

﴿قالُوا اطَّيَّرْنا﴾ أصْلُهُ تَطَيَّرْنا، وقُرِئَ بِهِ، فَأُدْغِمَتِ التّاءُ في الطّاءِ، وزِيدَتْ هَمْزَةُ الوَصْلِ؛ لِيَتَأتّى الِابْتِداءُ، والتَّطَيُّرُ التَّشاؤُمُ، عُبِّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ لِما أنَّهم كانُوا إذا خَرَجُوا مُسافِرِينَ فَيَمُرُّونَ بِطائِرٍ يَزْجُرُونَهُ، فَإنْ مَرَّ سانِحًا بِأنْ مَرَّ مِن مَيامِنِ الشَّخْصِ إلى مَياسِرِهِ تَيَمَّنُوا، وإنَّ مَرَّ بارِحًا بِأنْ مَرَّ مِنَ المَياسِرِ إلى المَيامِنِ تَشاءَمُوا؛ لِأنَّهُ لا يُمْكِنُ لِلْمارِّ بِهِ كَذَلِكَ أنْ يَرْمِيَهُ حَتّى يَنْحَرِفَ، فَلَمّا نَسَبُوا الخَيْرَ والشَّرَّ إلى الطّائِرِ اسْتُعِيرَ لِما كانَ سَبَبًا لَهُما مِن قَدَرِ اللَّهِ تَعالى وقِسْمَتِهِ - عَزَّ وجَلَّ - أوْ مِن عَمَلِ العَبْدِ الَّذِي هو سَبَبُ الرَّحْمَةِ والنِّعْمَةِ، أيْ: تَشاءَمْنا ﴿بِكَ وبِمَن مَعَكَ﴾ في دِينِكَ؛ حَيْثُ تَتابَعَتْ عَلَيْنا الشَّدائِدُ - وقَدْ كانُوا قُحِطُوا - ولَمْ نَزَلْ في اخْتِلافٍ وافْتِراقٍ مُذِ اخْتَرَعْتُمْ دِينَكُمْ، وتَشاؤُمُهم يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مِنَ المَجْمُوعِ وأنْ يَكُونَ مِن كُلٍّ مِنَ المُتَعاطِفَيْنِ. (p-212)﴿قالَ طائِرُكُمْ﴾ أيْ: سَبَبُكُمُ الَّذِي مِنهُ يَنالُكم ما يَنالُكم مِنَ الشَّرِّ ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾ وهو قَدَرُهُ سُبْحانَهُ، أوْ عَمَلُكُمُ المَكْتُوبُ عِنْدَهُ، عَزَّ وجَلَّ ﴿بَلْ أنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ إضْرابٌ مِن بَيانِ طائِرِهِمُ الَّذِي هو مَبْدَأُ ما يَحِيقُ بِهِمْ إلى ذِكْرِ ما هو الدّاعِي إلَيْهِ، أيْ: بَلْ أنْتُمْ قَوْمٌ تُخْتَبَرُونَ بِتَعاقُبِ السَّرّاءِ والضَّرّاءِ، أوْ تُعَذَّبُونَ، أوْ يَفْتِنُكُمُ الشَّيْطانُ بِوَسْوَسَتِهِ إلَيْكُمُ الطِّيرَةَ، وجاءَ (تُفْتَنُونَ) بِتاءِ الخِطابِ عَلى مُراعاةِ (أنْتُمْ) وهو الكَثِيرُ في لِسانِ العَرَبِ، ويَجُوزُ في مِثْلِ هَذا التَّرْكِيبِ «يُفْتَنُونَ» بِياءِ الغَيْبَةِ عَلى مُراعاةِ لَفْظِ (قَوْمٌ) وهو قَلِيلٌ في لِسانِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب