الباحث القرآني

﴿قالَ﴾ أيْ: سُلَيْمانُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - كُرِّرَتِ الحِكايَةُ - مَعَ كَوْنِ المَحْكِيِّ سابِقًا ولاحِقًا مِن كَلامِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ - تَنْبِيهًا عَلى ما بَيْنَ السّابِقِ واللّاحِقِ مِنَ المُخالَفَةِ لِما أنَّ الأوَّلَ مِن بابِ الشُّكْرِ لِلَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - والثّانِيَ أمْرٌ لِخَدَمِهِ: ﴿نَكِّرُوا لَها عَرْشَها﴾ أيِ: اجْعَلُوهُ بِحَيْثُ لا يُعْرَفُ، ولا يَكُونُ ذَلِكَ إلّا بِتَغْيِيرِهِ عَمّا كانَ عَلَيْهِ مِنَ الهَيْئَةِ والشَّكْلِ، ولَعَلَّ المُرادَ التَّغْيِيرُ في الجُمْلَةِ. رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٍ، والضَّحّاكِ أنَّهُ كانَ بِالزِّيادَةِ فِيهِ والنَّقْصِ مِنهُ، وقِيلَ: بِنَزْعِ ما عَلَيْهِ مِنَ الجَواهِرِ، وقِيلَ: بِجَعْلِ أسْفَلِهِ أعْلاهُ ومُقَدِّمِهِ مُؤَخِّرَهُ، ولامُ (لَها) لِلْبَيانِ كَما في ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ فَيَدُلُّ عَلى أنَّها المُرادَّةُ خاصَّةً بِالتَّنْكِيرِ ﴿نَنْظُرْ﴾ بِالجَزْمِ عَلى أنَّهُ جَوابُ الأمْرِ، وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ بِالرَّفْعِ عَلى الِاسْتِئْنافِ ﴿أتَهْتَدِي﴾ إلى مَعْرِفَتِهِ أوْ إلى الجَوابِ اللّائِقِ بِالمَقامِ. وقِيلَ: إلى الإيمانِ بِاللَّهِ تَعالى ورَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلامُ - إذا رَأتْ تَقَدُّمَ عَرْشِها وقَدْ خَلَّفَتْهُ مُغَلِّقَةً عَلَيْهِ الأبْوابَ، مُوَكِّلَةً عَلَيْهِ الحُرّاسَ والحُجّابَ، وحَكاهُ الطَّبَرْسِيُّ عَنِ الجُبّائِيِّ، وفِيهِ أنَّهُ لا يَظْهَرُ مَدْخَلِيَّةُ التَّنْكِيرِ في الإيمانِ ﴿أمْ تَكُونُ﴾ أيْ: بِالنِّسْبَةِ إلى عِلْمِنا ﴿مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ﴾ أيْ: إلى ما ذُكِرَ مِن مَعْرِفَةِ عَرْشِها، أوِ الجَوابِ اللّائِقِ بِالمَقامِ، فَإنَّ كَوْنَها في نَفْسِ الأمْرِ مِنهم - وإنْ كانَ أمْرًا مُسْتَمِرًّا - لَكِنَّ كَوْنَها مِنهم عِنْدَ سُلَيْمانَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وقَوْمِهِ أمْرٌ حادِثٌ يَظْهَرُ بِالِاخْتِبارِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب