الباحث القرآني

﴿قالَتْ إنَّ المُلُوكَ إذا دَخَلُوا قَرْيَةً﴾ مِنَ القُرى عَلى مِنهاجِ المُقاتَلَةِ والحَرْبِ ﴿أفْسَدُوها﴾ بِتَخْرِيبِ عِماراتِها وإتْلافِ ما فِيها مِنَ الأمْوالِ. ﴿وجَعَلُوا أعِزَّةَ أهْلِها أذِلَّةً﴾ بِالقَتْلِ والأسْرِ والإجْلاءِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِن فُنُونِ الإهانَةِ والإذْلالِ، ولَمْ يَقُلْ: وأذَلُّوا أعِزَّةَ أهْلِها - مَعَ أنَّهُ أخْصَرُ - لِلْمُبالَغَةِ في التَّصْيِيرِ والجَعْلِ ﴿وكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ تَصْدِيقٌ لَها مِن جِهَتِهِ - عَزَّ وجَلَّ - عَلى ما أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أوْ هو مِن كَلامِها، جاءَتْ بِهِ تَأْكِيدًا لِما وصَفَتْ مِن حالِهِمْ بِطَرِيقِ الِاعْتِراضِ التَّذْيِيلِيِّ، وتَقْرِيرًا لَهُ بِأنَّ ذَلِكَ عادَتُهُمُ المُسْتَمِرَّةُ، فالضَّمِيرُ لِلْمُلُوكِ، وقِيلَ: هو لِسُلَيْمانَ ومَن مَعَهُ، فَيَكُونُ تَأْسِيسًا لا تَأْكِيدًا. وتُعُقِّبَ بِأنَّ التَّأْكِيدَ لازِمٌ عَلى ذَلِكَ أيْضًا لِلِانْدِراجِ تَحْتَ الكُلِّيَّةِ، وكَأنَّها أرادَتْ - عَلى ما قِيلَ -: إنَّ سُلَيْمانَ مَلِكٌ، والمُلُوكَ هَذا شَأْنُهُمْ، وغَلَبَتَنا عَلَيْهِ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ، ولا اعْتِمادَ عَلى العَدَدِ والعُدَّةِ والشَّجاعَةِ والنَّجْدَةِ، فَرُبَّما يَغْلِبُنا فَيَكُونُ ما يَكُونُ، فالصُّلْحُ خَيْرٌ، وقِيلَ: إنَّها غَلَبَ عَلى ظَنِّها غَلَبَتُهُ حَيْثُ رَأتْ أنَّهُ سُخِّرَ لَهُ الطَّيْرُ، فَجَعَلَ يُرْسِلُهُ بِأمْرٍ خاصٍّ إلى شَخْصٍ خاصٍّ، مُغْلِقٍ عَلَيْهِ الأبْوابَ، فَأشارَتْ لَهم إلى أنَّهُ يَغْلِبُ عَلَيْهِمْ إذا قاتَلُوهُ، فَيُفْسِدُ القُرى، ويُذِلُّ الأعِزَّةَ، وأفْسَدَتْ بِذَلِكَ رَأْيَهم وما أحَسَّتْهُ مِنهم مِنَ المَيْلِ إلى مُقاتَلَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وقَرَّرَتْ رَأْيَها بِقَوْلِها:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب