الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُدًى وبُشْرى﴾ في حَيِّزِ النَّصْبِ عَلى الحالِيَّةِ مِن (آياتُ) عَلى إقامَةِ المَصْدَرِ مَقامَ الفاعِلِ فِيهِ لِلْمُبالَغَةِ، كَأنَّها نَفْسُ الهُدى والبِشارَةِ، والعامِلُ مَعْنى الإشارَةِ وهو الَّذِي سَمَّتْهُ النُّحاةُ عامِلًا مَعْنَوِيًّا. وجَوَّزَ أبُو البَقاءِ عَلى قِراءَةِ الرَّفْعِ في (كِتابٍ) كَوْنَ الحالِ مِنهُ، ثُمَّ قالَ: ويَضْعُفُ أنْ يَكُونَ مِنَ المَجْرُورِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ في (مُبِينٍ) عَلى القِراءَتَيْنِ، وجَوَّزَ أبُو حَيّانَ كَوْنَ النَّصْبِ عَلى المَصْدَرِيَّةِ، أيْ تَهْدِي هُدًى وتُبَشِّرُ بُشْرى، أوِ الرَّفْعِ عَلى البَدَلِيَّةِ مِن (آياتُ) واشْتِراطُ الكُوفِيِّينَ في إبْدالِ النَّكِرَةِ مِنَ المَعْرِفَةِ شَرْطَيْنِ اتِّحادِ اللَّفْظِ وأنْ تَكُونَ النَّكِرَةُ مَوْصُوفَةً نَحْوُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَنَسْفَعًا بِالنّاصِيَةِ﴾ ﴿ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ﴾ غَيْرُ صَحِيحٍ - كَما في شَرْحِ التَّسْهِيلِ - لِشَهادَةِ السَّماعِ بِخِلافِهِ، أوْ عَلى أنَّهُ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ لِتِلْكَ، أوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: هي هُدًى وبُشْرى. ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ قَيْدًا لِلْهُدى والبُشْرى مَعًا، ومَعْنى هِدايَةِ الآياتِ لَهم - وهم مُهْتَدُونَ - أنَّها تَزِيدُهم هُدًى قالَ سُبْحانَهُ: ﴿فَأمّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهم إيمانًا وهم يَسْتَبْشِرُونَ﴾ وأمّا مَعْنى تَبْشِيرِها إيّاهم فَظاهِرٌ؛ لِأنَّها تُبَشِّرُهم بِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ تَعالى ورِضْوانٍ وجَنّاتٍ لَهم فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ - كَذا قِيلَ - وفي الحَواشِي الشِّهابِيَّةِ أنَّ الهُدى - عَلى هَذا الِاحْتِمالِ - إمّا بِمَعْنى الِاهْتِداءِ أوْ عَلى ظاهِرِهِ، وتَخْصِيصُ المُؤْمِنِينَ؛ لِأنَّهُمُ المُنْتَفِعُونَ بِهِ وإنْ كانَتْ هِدايَتُها عامَّةً، وجَعْلُ المُؤْمِنِينَ بِمَعْنى الصّائِرِينَ لِلْإيمانِ تَكَلُّفٌ كَحَمْلِ هُداهم عَلى زِيادَتِهِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ قَيْدًا لِلْبُشْرى فَقَطْ، ويَبْقى الهُدى عَلى العُمُومِ وهو بِمَعْنى الدَّلالَةِ والإرْشادِ، أيْ: هُدًى لِجَمِيعِ المُكَلَّفِينَ وبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب