الباحث القرآني
﴿وحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ﴾ أيْ: جُمِعَ لَهُ عَساكِرُهُ مِنَ الأماكِنِ المُخْتَلِفَةِ ﴿مِنَ الجِنِّ والإنْسِ والطَّيْرِ﴾ بَيانٌ لِلْجُنُودِ في البَحْرِ وغَيْرِهِ، ولا يَلْزَمُ مِن ذَلِكَ أنْ يَكُونَ الجُنُودُ المَحْشُورُونَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - جَمِيعَ الجِنِّ وجَمِيعَ الإنْسِ وجَمِيعَ الطَّيْرِ؛ إذْ يَأْبى ذَلِكَ - مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ العَقْلِ - قِصَّةُ بِلْقِيسَ الآتِيَةُ بَعْدُ، وكَذا قِصَّةُ الهُدْهُدِ.
ونُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - كانَ يَأْتِيهِ مِن كُلِّ صِنْفٍ مِنَ الطَّيْرِ واحِدٌ، وهو نَصٌّ في أنَّ المَحْشُورَ لَيْسَ جَمِيعَ الطَّيْرِ، ولا يَكادُ يَصِحُّ إرادَةُ الجَمِيعِ في الجَمِيعِ - عَلى ما ذَكَرَهُ الإمامُ في الآيَةِ أيْضًا - وهو أنَّ المَعْنى: أنَّهُ جَعَلَ اللَّهُ تَعالى كُلَّ هَذِهِ الأصْنافِ جُنُودَهُ؛ لِأنَّهُ وإنْ لَمْ يَسْتَدْعِ الحُضُورَ والِاجْتِماعَ في مَوْضِعٍ واحِدٍ بَلْ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الِانْقِيادِ والدُّخُولِ في حَيْطَةِ تَصَرُّفِهِ والِاتِّباعِ لَهُ حَيْثُ كانُوا - لِإباءِ قِصَّةِ بِلْقِيسَ أيْضًا عَنْهُ، فَإنَّ المُناسِبَ الإخْبارُ بِهَذا الجَعْلِ بَعْدَ الإخْبارِ بِدُخُولِها ومَن مَعَها في حَيْطَةِ تَصَرُّفِهِ.
والظّاهِرُ أنَّ هَذا الحَشْرَ لَيْسَ إلّا جَمْعُ العَساكِرِ لِيَذْهَبَ بِهِمْ إلى مُحارَبَةِ مَن لَمْ يَدْخُلْ في رِبْقَةِ طاعَتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وكَوْنُهُ لِيَذْهَبَ بِهِمْ إلى مَكَّةَ؛ شُكْرًا عَلى ما وُفِّقَ لَهُ مِن بِناءِ بَيْتِ المَقْدِسِ خِلافَ الظّاهِرِ، لَكِنْ إذا صَحَّ فِيهِ خَبَرٌ قُبِلَ، وأنَّ المَجْمُوعَ مِنَ الأنْواعِ المَذْكُورَةِ ما يَلِيقُ بِشَأْنِهِ وأُبَّهَتِهِ وعَظَمَتِهِ سَواءٌ جُعِلَتْ (مِنَ) بَيانِيَّةً أوْ تَبْعِيضِيَّةً.
وكَوْنُهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - أحَدَ المُؤْمِنَيْنِ اللَّذَيْنِ مَلَكا المَعْمُورَةَ بِأسْرِها - إذا سَلَّمْنا صِحَّةَ الخَبَرِ الدّالِّ عَلَيْهِ وسَلامَتَهُ مِنَ المُعارِضِ وأنَّهُ نَصٌّ في المَطْلُوبِ - لا يَسْتَدْعِي سِوى دُخُولِ سُكّانِ المَعْمُورَةِ في عِدادِ رَعِيَّتِهِ وحَيْطَةِ مَلَكَتِهِ، ولَيْسَ ذَلِكَ دَفْعِيًّا، بَلْ هو - إنَّ صَحَّ - كانَ بِحَسَبِ التَّدْرِيجِ.
وقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ المُؤَرِّخِينَ أنَّ بِلْقِيسَ إنَّما دَخَلَتْ تَحْتَ طاعَتِهِ في السَّنَةِ الخامِسَةِ والعِشْرِينَ مِن مُلْكِهِ، وكانَتْ مُدَّةُ مُلْكِهِ - عَلَيْهِ السَّلامُ - أرْبَعِينَ سَنَةً، وكَذا كانَتْ مُدَّةُ مُلْكِ أبِيهِ داوُدَ، عَلَيْهِما السَّلامُ.
والظّاهِرُ أنَّ الحاشِرَ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الأنْواعِ الثَّلاثَةِ أشْخاصٌ مِنهُمْ، فَيَكُونُ مِن كُلِّ نَوْعٍ أشْخاصٌ مَأْمُورُونَ بِذَلِكَ مُعَدُّونَ لَهُ، ولا تَسْتَعْبِدْ ذَلِكَ في الطَّيْرِ إذا كُنْتَ مِنَ المُؤْمِنِينَ بِقِصَّةِ الهُدْهُدِ، ولا يَلْزَمُكَ التِزامَ ما قالَهُ الإمامُ مِن أنَّ اللَّهَ تَعالى جَعَلَ لِلطَّيْرِ عَقْلًا في أيّامِ سُلَيْمانَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ولَمْ يَجْعَلْ لَها ذَلِكَ في أيّامِنا، فَما عَلَيْكَ بَأْسٌ إذا قُلْتَ بِأنَّها عَلى حالَةٍ واحِدَةٍ اليَوْمَ وذَلِكَ اليَوْمَ، ولا نَعْنِي بِعَقْلِها إلّا ما تَهْتَدِي بِهِ لِأغْراضِها، ووُجُودُ ذَلِكَ اليَوْمَ فِيها وكَذا في غَيْرِها مِن سائِرِ الحَيَواناتِ مِمّا لا يُنْكِرُهُ إلّا مُكابِرٌ، وما عَلَيْنا أنْ نَقُولَ: إنَّ عُقُولَها مِن حَيْثُ هي كَعُقُولِ الإنْسانِ مِن حَيْثُ هي.
ولَعَلَّ فِيها مَن يَهْتَدِي إلى ما لا يَهْتَدِي إلَيْهِ الكَثِيرُ مِن بَنِي آدَمَ كالنَّحْلِ، ولَعَمْرِي أنَّها لَوْ كانَتْ خالِيَةً مِنَ العَقْلِ - كَما يُقالُ - وفُرِضَ وُجُودُ العَقْلِ فِيها لا أظُنُّ أنَّها تَصْنَعُ بَعْدَ وُجُودِهِ أحْسَنَ مِمّا تَصْنَعُهُ اليَوْمَ وهي خالِيَةٌ مِنهُ، ولا يَجِبُ أنْ يَكُونَ كُلُّ عاقِلٍ مُكَلَّفًا، فَلْتَكُنِ الطُّيُورُ كَسائِرِ العُقَلاءِ الَّذِينَ لَمْ يُبْعَثْ إلَيْهِمْ نَبِيٌّ يَأْمُرُهم ويَنْهاهُمْ، ويَجُوزُ أيْضًا أنْ تَكُونَ عارِفَةً بِرَبِّها مُؤْمِنَةً بِهِ - جَلَّ وعَلا - مِن غَيْرِ أنْ يُبْعَثَ إلَيْها نَبِيٌّ، كَمَن يَنْشَأُ بِشاهِقِ جَبَلٍ وحْدَهُ ويَكُونُ مُؤْمِنًا بِرَبِّهِ سُبْحانَهُ، بَلْ كَوْنُها مُؤْمِنَةً (p-174)بِاللَّهِ تَعالى مُسَبِّحَةً لَهُ - وكَذا سائِرُ الحَيَواناتِ - مِمّا تَشْهَدُ لَهُ ظَواهِرُ الآياتِ والأخْبارِ، وقَدْ قَدَّمْنا بَعْضًا مِن ذَلِكَ، ولَيْسَ عِنْدَنا ما يَجِبُ لَهُ التَّأْوِيلُ.
وبالَغَ بَعْضُهم فَزَعَمَ أنَّها مُكَلَّفَةً، وفِيها - وكَذا في غَيْرِها - مِنَ الحَيَواناتِ أنْبِياءُ لَهم شَرائِعُ خاصَّةً، واسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِما اسْتَدَلَّ، والمَشْهُورُ إكْفارُ مَن زَعَمَ ذَلِكَ، وقَدْ نَصَّ عَلى إكْفارِهِ جَمْعٌ مِنَ الفُقَهاءِ، وتَخْصِيصُ الأنْواعِ الثَّلاثَةِ بِالذِّكْرِ ظاهِرٌ في أنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - لَمْ يُسَخَّرْ لَهُ الوَحْشُ، وفي خَبَرٍ أخْرَجَهُ الحاكِمُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ما هو ظاهِرٌ في تَسْخِيرِهِ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - أيْضًا، وسَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا - إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى - لَكِنَّهُ لا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
وتَقْدِيمُ الجِنِّ لِلْمُسارَعَةِ إلى الإيذانِ بِكَمالِ قُوَّةِ مُلْكِهِ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وعِزَّةِ سُلْطانِهِ مِن أوَّلِ الأمْرِ؛ لِما أنَّ الجِنَّ طائِفَةٌ عاتِيَةٌ، وقَبِيلَةٌ طاغِيَةٌ مارِدَةٌ، بَعِيدَةٌ مِنَ الحَشْرِ والتَّسْخِيرِ، ولَمْ يُقَدَّمِ الطَّيْرُ عَلى الإنْسِ - مَعَ أنَّ تَسْخِيرَها أشُقُّ أيْضًا وأدُلُّ عَلى قُوَّةِ المُلْكِ وعِزَّةِ السُّلْطانِ - لِئَلّا يُفْصَلَ بَيْنَ الجِنِّ والإنْسِ المُتَقابِلَيْنِ والمُشْتَرِكَيْنِ في كَثِيرٍ مِنَ الأحْكامِ.
وقِيلَ في تَقْدِيمِ الجِنِّ: إنَّ مَقامَ التَّسْخِيرِ لا يَخْلُو مِن تَحْقِيرٍ، وهو مُناسِبٌ لَهُمْ، ولَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأنَّ التَّسْخِيرَ لِلْأنْبِياءِ - عَلَيْهِمُ السَّلامُ – شَرَفٌ؛ لِأنَّهُ في الحَقِيقَةِ لِلَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - الَّذِي سَخَّرَ كُلَّ شَيْءٍ، وإذا اعْتُبِرَ في نَفْسِهِ فالتَّعْلِيلُ بِذَلِكَ غَيْرُ مُناسِبٍ لِلْمَقامِ، ويَكْفِي هَذا في عَدَمِ قَبُولِهِ.
﴿فَهم يُوزَعُونَ﴾ أيْ يُحْبَسُ أوَّلُهم لِيَلْحَقَ آخِرُهم فَيَكُونُوا مُجْتَمِعِينَ، لا يَتَخَلَّفُ مِنهم أحَدٌ، وذَلِكَ لِلْكَثْرَةِ العَظِيمَةِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِتَرْتِيبِ الصُّفُوفِ كَما هو المُعْتادُ في العَساكِرِ، والأوَّلُ أوْلى، وفِيهِ - مَعَ الدَّلالَةِ عَلى الكَثْرَةِ والإشْعارِ بِكَمالِ مُسارَعَتِهِمْ إلى السَّيْرِ - الدَّلالَةُ عَلى أنَّهم كانُوا مَسُوسِينَ غَيْرَ مُهْمَلِينَ، لا يَتَأذّى أحَدٌ بِهِمْ، وأصْلُ الوَزْعِ الكَفُّ والمَنعُ، ومِنهُ قَوْلُ عُثْمانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ -: ما يَزَعُ السُّلْطانُ أكْثَرُ مِمّا يَزَعُ القُرْآنُ، وقَوْلُ الحَسَنِ: لا بُدَّ لِلْقاضِي مِن وزَعَةٍ، وقَوْلُ الشّاعِرِ:
؎ومَن لَمْ يَزَعْهُ لُبُّهُ وحَياؤُهُ فَلَيْسَ لَهُ مِن شَيْبِ فَوْدَيْهِ وازِعُ
وتَخْصِيصُ حَبْسِ أوائِلِهِمْ بِالذِّكْرِ دُونَ سَوْقِ أواخِرِهِمْ - مَعَ أنَّ التَّلاحُقَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ أيْضًا - لِأنَّ في ذَلِكَ شَفَقَةً عَلى الطّائِفَتَيْنِ، أمّا الأوائِلُ فَمِن جِهَةِ أنْ يَسْتَرِيحُوا في الجُمْلَةِ بِالوُقُوفِ عَنِ السَّيْرِ، وأمّا الأواخِرُ فَمِن جِهَةِ أنْ لا يُجْهِدُوا أنْفُسَهم بِسُرْعَةِ السَّيْرِ، وقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ لِما أنَّ أواخِرَهم غَيْرُ قادِرِينَ عَلى ما يَقْدِرُ عَلَيْهِ أوائِلُهم مِنَ السَّيْرِ السَّرِيعِ.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، والطَّسْتِيُّ في مَسائِلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما - أنَّهُ يُحْبَسُ أوَّلُهم عَلى آخِرِهِمْ حَتّى تَنامَ الطَّيْرُ - واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ بِصِحَّةِ الخَبَرِ - والظّاهِرُ أنَّ هَذا الوَزْعُ، إذا لَمْ يَكُنْ سَيْرُهم بِتَسْيِيرِ الرِّيحِ في الجَوِّ، والأخْبارُ في قِصَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلامُ - كَثِيرَةٌ.
فَقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: كانَ يُوضَعُ لِسُلَيْمانَ ثَلاثُمِائَةِ ألْفِ كُرْسِيٍّ، فَيَجْلِسُ مُؤْمِنِي الإنْسِ مِمّا يَلِيهِ، ومُؤْمِنِي الجِنِّ مِن ورائِهِمْ، ثُمَّ يَأْمُرُ الطَّيْرَ فَتُظِلُّهُ، ثُمَّ يَأْمُرُ الرِّيحَ فَتَحْمِلُهُ، فَيَمُرُّونَ عَلى السُّنْبُلَةِ فَلا يُحَرِّكُونَها.
وأخْرَجَ الحاكِمُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قالَ: بَلَغَنا أنَّ سُلَيْمانَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - كانَ مُعَسْكَرُهُ مِائَةَ فَرْسَخٍ، خَمْسَةٌ وعِشْرُونَ لِلْإنْسِ، وخَمْسَةٌ وعِشْرُونَ لِلْجِنِّ، وخَمْسَةٌ وعِشْرُونَ لِلْوَحْشِ، وخَمْسَةٌ وعِشْرُونَ لِلطَّيْرِ، وكانَ لَهُ ألْفُ بَيْتٍ مِن قَوارِيرَ عَلى الخَشَبِ، فِيها ثَلاثُمِائَةِ مَنكُوحَةٍ وسَبْعُمِائَةِ سُرِّيَّةٍ، فَيَأْمُرُ الرِّيحَ العاصِفَ فَتَرْفَعُهُ ثُمَّ يَأْمُرُ الرَّخاءَ فَتَسِيرُ بِهِ.
وأوْحى اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - إلَيْهِ - وهو يَسِيرُ بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ - أنِّي قَدْ زِدْتُكَ في مُلْكِكَ أنَّهُ لا يَتَكَلَّمُ أحَدٌ مِنَ الخَلائِقِ بِشَيْءٍ إلّا جاءَتْ بِهِ الرِّيحُ إلَيْكَ وألْقَتْهُ في سَمْعِكَ.
ويُرْوى أنَّ الجِنَّ نَسَجَتْ لَهُ (p-175)- عَلَيْهِ السَّلامُ - بِساطًا مِن ذَهَبٍ وإبْرَيْسَمَ فَرْسَخًا في فَرْسَخٍ، ومِنبَرُهُ في وسَطِهِ مِن ذَهَبٍ، فَيَصْعَدُ عَلَيْهِ وحَوْلَهُ سِتُّمِائَةِ ألْفِ كُرْسِيٍّ مِن ذَهَبٍ وفِضَّةٍ، فَتَقْعُدُ الأنْبِياءُ - عَلَيْهِمُ السَّلامُ - عَلى كَراسِيِّ الذَّهَبِ، والعُلَماءُ عَلى كَراسِيِّ الفِضَّةِ، وحَوْلَهُمُ النّاسُ، وحَوْلَ النّاسِ الجِنُّ والشَّياطِينُ، وتُظِلُّهُ الطَّيْرُ بِأجْنِحَتِها، وتَرْفَعُ رِيحُ الصَّبا البِساطَ مَسِيرَةَ شَهْرٍ.
وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في زَوائِدِ الزُّهْدِ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ: مَرَّ سُلَيْمانُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وهو في مُلْكِهِ - وقَدْ حَمَلَتْهُ الرِّيحُ - عَلى رَجُلٍ حَرّاثٍ مِن بَنِي إسْرائِيلَ، فَلَمّا رَآهُ قالَ: سُبْحانَ اللَّهِ لَقَدْ أُوتِيَ آلُ داوُدَ مُلْكًا فَحَمَلَتْها الرِّيحُ فَوَضَعَتْها في أُذُنِهِ فَقالَ: ائْتُونِي بِالرَّجُلِ، قالَ: ماذا قُلْتَ؟ فَأخْبَرَهُ، فَقالَ سُلَيْمانُ: إنِّي خَشِيتُ عَلَيْكَ الفِتْنَةَ، لَثَوابُ (سُبْحانَ اللَّهِ) عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيامَةِ أعْظَمُ مِمّا رَأيْتَ آلَ داوُدَ أُوتُوا، فَقالَ الحَرّاثُ: أذْهَبَ اللَّهُ تَعالى هَمَّكَ كَما أذْهَبْتَ هَمِّي.
وفِي بَعْضِ الرِّواياتِ أنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - نَزَلَ ومَشى إلى الحَرّاثِ وقالَ: إنَّما مَشَيْتُ إلَيْكَ؛ لِئَلّا تَتَمَنّى ما لا تَقْدِرُ عَلَيْهِ ثُمَّ قالَ: لَتَسْبِيحَةٌ واحِدَةٌ يَقْبَلُها اللَّهُ تَعالى خَيْرٌ مِمّا أُوتِيَ آلُ داوُدَ.
وأكْثَرُ الأخْبارِ في هَذا الشَّأْنِ لا يُعَوَّلُ عَلَيْها، فَعَلَيْكَ بِالإيمانِ بِما نَطَقَ بِهِ القُرْآنُ، ودَلَّتْ عَلَيْهِ الأخْبارُ الصَّحِيحَةُ، وإيّاكَ مِنَ الِانْتِصارِ لِما لا صِحَّةَ لَهُ مِمّا يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنَ القُصّاصِ والمُؤَرِّخِينَ، مِمّا فِيهِ مُبالَغاتٌ شَنِيعَةٌ بِمُجَرَّدِ أنَّها أُمُورٌ مُمْكِنَةٌ، يَصِحُّ تَعَلُّقُ قُدْرَتِهِ - عَزَّ وجَلَّ - بِها فَتَفْتَحَ بِذَلِكَ بابَ السُّخْرِيَةِ بِالدِّينِ، والعِياذُ بِاللَّهِ تَعالى، ولا يَبْعُدُ أنْ يَكُونَ أكْثَرُ ما تَضَمَّنَ مِثْلُ ذَلِكَ مِن وضْعِ الزَّنادِقَةِ، يُرِيدُونَ بِهِ التَّنْفِيرَ عَنْ دِينِ الإسْلامِ.
{"ayah":"وَحُشِرَ لِسُلَیۡمَـٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّیۡرِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق