الباحث القرآني
﴿وأنَّهم يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ﴾ مِنَ الأفاعِيلِ غَيْرَ مُكْتَرِثِينَ بِما يَسْتَتْبِعُهُ مِنَ اللَّوْمِ، فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ أنْ يَتَّبِعَهم في مَسْلَكِهِمْ ذَلِكَ ويَلْحَقَ بِهِمْ ويَنْتَظِمَ في سِلْكِهِمْ مَن تَنَزَّهَتْ ساحَتُهُ عَنْ أنْ يَحُومَ حَوْلَها شائِبَةُ الِاتِّصافِ بِشَيْءٍ مِنَ الأُمُورِ المَذْكُورَةِ، واتَّصَفَ بِمَحاسِنِ الصِّفاتِ الجَلِيلَةِ، وتَخَلَّقَ بِمَكارِمِ الأخْلاقِ الجَمِيلَةِ، وحازَ جَمِيعَ الكِمالاتِ القُدْسِيَّةِ، وفازَ بِجُمْلَةِ المَلِكاتِ السَّنِيَّةِ الإنْسِيَّةِ، مُسْتَقِرًّا عَلى أقْوَمِ مِنهاجٍ، مُسْتَمِرًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، لا يَرى لَهُ العَقْلُ السَّلِيمُ مِن هاجٍ، ناطِقًا بِكُلِّ أمْرٍ رَشِيدٍ، داعِيًا إلى صِراطِ اللَّهِ تَعالى العَزِيزِ الحَمِيدِ، مُؤَيَّدًا بِمُعْجِزاتٍ قاهِرَةٍ، وآياتٍ ظاهِرَةٍ، مَشْحُونَةٍ بِفُنُونِ الحِكَمِ الباهِرَةِ، وصُنُوفِ المَعارِفِ الباهِرَةِ، مُسْتَقِلَّةٍ بِنَظْمٍ رائِقٍ، وأُسْلُوبٍ فائِقٍ، أعْجَزَ كُلَّ مِنطِيقٍ ماهِرٍ، وبَكَّتْ كُلَّ مُفْلِقٍ ساحِرٍ.
هَذا، وقَدْ قِيلَ في تَنْزِيهِهِ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - عَنْ أنْ يَكُونَ مِنَ الشُّعَراءِ: إنَّ أتْباعَ الشُّعَراءِ الغاوُونَ، وأتْباعَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَيْسُوا كَذَلِكَ.
وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ لا رَيْبَ في أنَّ تَعْلِيلَ عَدَمِ كَوْنِهِ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - مِنهم بِكَوْنِ أتْباعِهِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - غَيْرَ غاوِينَ مِمّا لا يَلِيقُ بِشَأْنِهِ العالِي، وقِيلَ: ضَمِيرُ الجَمْعِ لِلْغاوِينَ، وتُعُقِّبَ بِأنَّ المُحَدَّثَ عَنْهُمُ الشُّعَراءُ، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما - أنَّ الغاوِينَ هُمُ الرُّواةُ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ شِعْرَ الشُّعَراءِ ويَرْوُونَهُ عَنْهم مُبْتَهِجِينَ بِهِ.
وفِي رِوايَةٍ أُخْرى عَنْهُ أنَّهُمُ الَّذِينَ يَسْتَحْسِنُونَ أشْعارَهم - وإنْ لَمْ يَحْفَظُوها - وعَنْ مُجاهِدٍ وقَتادَةَ أنَّهُمُ الشَّياطِينُ.
ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا أنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ في شُعَراءِ المُشْرِكِينَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرى، وهُبَيْرَةُ بْنُ وهْبٍ المَخْزُومِيُّ، ومُسافِعُ بْنُ عَبْدِ مَنافٍ، وأبُو عَزَّةَ الجُمَحِيُّ، وأُمَيَّةُ بْنُ أبِي الصَّلْتِ، قالُوا: نَحْنُ نَقُولُ مِثْلَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وكانُوا يَهْجُونَهُ، ويَجْتَمِعُ إلَيْهِمُ الأعْرابُ مِن قَوْمِهِمْ يَسْتَمِعُونَ أشْعارَهم وأهاجِيَّهُمْ، وهُمُ الغاوُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَهم.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْهُ أيْضًا أنَّهُ قالَ: تَهاجى رَجُلانِ عَلى عَهْدِ رَسُولِ (p-147)اللَّهِ ﷺ أحَدُهُما مِنَ الأنْصارِ والآخَرُ مَن قَوْمٍ آخَرِينَ، وكانَ مَعَ كُلِّ واحِدٍ مِنهُما غُواةٌ مِن قَوْمِهِ - وهُمُ السُّفَهاءُ - فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ﴿والشُّعَراءُ﴾ الآياتِ، وفي القَلْبِ مِن صِحَّةِ الخَبَرِ شَيْءٌ، والظّاهِرُ مِنَ السِّياقِ أنَّها نَزَلَتْ لِلرَّدِّ عَلى الكَفَرَةِ الَّذِينَ قالُوا في القُرْآنِ ما قالُوا.
وقَرَأ عِيسى بْنُ عَمْرٍو «الشُّعَراءَ» بِالنَّصْبِ عَلى الِاشْتِغالِ، وقَرَأ السُّلَمِيُّ والحَسَنُ بِخِلافٍ عَنْهُ «يَتْبَعُهُمْ» مُخَفَّفًا.
وقَرَأ الحَسَنُ وعَبْدُ الوارِثِ، عَنْ أبِي عَمْرٍو (يَتَّبِعْهُمُ) بِالتَّشْدِيدِ وتَسْكِينِ العَيْنِ تَخْفِيفًا، وقَدْ قالُوا: (عَضْدٌ) بِسُكُونِ الضّادِ فَغَيَّرُوا الضَّمَّةَ واقِعَةً بَعْدَ الفَتْحَةِ فَلِأنْ يُغَيِّرُوها واقِعَةً بَعْدَ الكَسْرَةِ أوْلى، ورَوى هارُونُ فَتْحَ العَيْنِ عَنْ بَعْضِهِمْ، واسْتَشْكَلَهُ أبُو حَيّانَ، وقِيلَ: إنَّهُ لِلتَّخْفِيفِ أيْضًا، واخْتِيارُهُ عَلى السُّكُونِ لِحُصُولِ الغَرَضِ بِهِ مَعَ أنَّ فِيهِ مُراعاةَ الأصْلِ في الجُمْلَةِ لِما بَيْنَ الحَرَكَتَيْنِ مِنَ المُشارَكَةِ الجِنْسِيَّةِ، ولا كَذَلِكَ ما بَيْنَ الضَّمِّ والسُّكُونِ، وهو غَرِيبٌ كَما لا يَخْفى.
{"ayah":"وَأَنَّهُمۡ یَقُولُونَ مَا لَا یَفۡعَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











