وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ هَذا إلا خُلُقُ الأوَّلِينَ﴾ تَعْلِيلٌ لِما ادَّعَوْهُ مِنَ المُساواةِ، أيْ: ما هَذا الَّذِي جِئْتَنا بِهِ إلّا عادَةُ الأوَّلِينَ، يُلَفِّقُونَ مِثْلَهُ ويَدْعُونَ إلَيْهِ، أوْ: ما هَذا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الحَياةِ والمَوْتِ إلّا عادَةٌ قَدِيمَةٌ لَمْ يَزَلِ النّاسُ عَلَيْها، أوْ ما هَذا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ إلّا عادَةُ الأوَّلِينَ الَّذِينَ تَقَدَّمُونا مِنَ الآباءِ وغَيْرِهِمْ ونَحْنُ بِهِمْ مُقْتَدُونَ، وقَرَأ أبُو قِلابَةَ والأصْمَعِيُّ عَنْ نافِعٍ «خُلْقُ» بِضَمِّ الخاءِ وسُكُونِ اللّامِ، والمَعْنى عَلَيْهِ كَما تَقَدَّمَ.
وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ، وعَلْقَمَةُ، والحَسَنُ، وأبُو جَعْفَرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ كَثِيرٍ، والكِسائِيُّ «خَلْقُ» بِفَتْحِ الخاءِ وسُكُونِ اللّامِ، أيْ: ما هَذا إلّا اخْتِلاقُ الأوَّلِينَ وكَذِبُهُمْ، ويُؤَيِّدُ هَذا المَعْنى ما رَوى عَلْقَمَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أنَّهُ قَرَأ «إلّا اخْتِلاقُ الأوَّلِينَ» ويَكُونُ هَذا كَقَوْلِ سائِرِ الكَفَرَةِ: ( أساطِيرُ الأوَّلِينَ ) أوْ: ما خَلْقُنا هَذا إلّا خَلْقُ الأوَّلِينَ نَحْيى كَما حَيَّوْا ونَمُوتُ كَما ماتُوا، ومُرادُهم إنْكارُ البَعْثِ والحِسابِ المَفْهُومِ مِن تَهْدِيدِهِمْ بِالعَذابِ، ولَعَلَّ قَوْلَهُمْ: ﴿وما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ أيْ: عَلى ما نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الأعْمالِ أصْرَحُ في ذَلِكَ
{"ayahs_start":137,"ayahs":["إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّا خُلُقُ ٱلۡأَوَّلِینَ","وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِینَ"],"ayah":"إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّا خُلُقُ ٱلۡأَوَّلِینَ"}