الباحث القرآني
﴿والَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ أيْ لا يُقِيمُونَ الشَّهادَةَ الكاذِبَةَ، كَما رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ - والباقِرِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ - فَهو مِنَ الشَّهادَةِ، و(الزُّورَ) مَنصُوبٌ عَلى المَصْدَرِ، أوْ بِنَزْعِ الخافِضِ، أيْ: شَهادَةَ الزُّورِ أوْ بِالزُّورِ، ويُفْهَمُ مِن كَلامِ قَتادَةَ أنَّ الشَّهادَةَ هُنا بِمَعْنًى يَعُمُّ ما هو المَعْرُوفُ مِنها.
أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: أيْ لا يُساعِدُونَ أهْلَ الباطِلِ عَلى باطِلِهِمْ، ولا يُؤَمِّلُونَهم فِيهِ.
وأخْرَجَ جَماعَةٌ، عَنْ مُجاهِدٍ أنَّ المُرادَ بِالزُّورِ الغِناءُ، ورُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ - وضَمَّ الحَسَنُ إلَيْهِ النِّياحَةَ، وعَنْ قَتادَةَ أنَّهُ الكَذِبُ، وعَنْ عِكْرِمَةَ أنَّهُ لَعِبٌ كانَ في الجاهِلِيَّةِ، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ صَنَمٌ كانُوا يَلْعَبُونَ حَوْلَهُ سَبْعَةَ أيّامٍ، وفي رِوايَةٍ أُخْرى عَنْهُ أنَّهُ عِيدُ المُشْرِكِينَ، ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الضَّحّاكِ، وعَنْ هَذا أنَّهُ الشِّرْكُ، فَيَشْهَدُونَ عَلى هَذِهِ الأقْوالِ مِنَ الشُّهُودِ بِمَعْنى الحُضُورِ و(الزُّورَ) مَفْعُولٌ بِهِ بِتَقْدِيرِ مُضافٍ، أيْ: مَحالَّ الزُّورِ، وجُوِّزَ أنْ يُرادَ بِالزُّورِ ما يَعُمُّ كُلَّ شَيْءٍ باطِلٍ مائِلٍ عَنْ جِهَةِ الحَقِّ مِنَ الشِّرْكِ والكَذِبِ والغِناءِ والنِّياحَةِ ونَحْوِها، فَكَأنَّهُ قِيلَ: لا يَشْهَدُونَ مَجالِسَ الباطِلِ لِما في ذَلِكَ مِنَ الإشْعارِ بِالرِّضا بِهِ، وأيْضًا: ««مَن حامَ حَوْلَ الحِمى يُوشِكُ أنْ يَقَعَ فِيهِ»».
﴿وإذا مَرُّوا﴾ عَلى طَرِيقِ الِاتِّفاقِ ﴿بِاللَّغْوِ﴾ بِما يَنْبَغِي أنْ يُلْغى ويُطْرَحَ مِمّا لا خَيْرَ فِيهِ ﴿مَرُّوا كِرامًا﴾ أيْ: مُكْرِمِينَ أنْفُسَهم عَنِ الوُقُوفِ عَلَيْهِ والخَوْضِ فِيهِ مُعْرِضِينَ عَنْهُ.
وفَسَّرَ الحَسَنُ اللَّغْوَ - كَما أخْرَجَ عَنْهُ ابْنُ أبِي حاتِمٍ - بِالمَعاصِي، وأخْرَجَ هو وابْنُ عَساكِرَ «عَنْ إبْراهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قالَ: بَلَغَنِي أنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ - مَرَّ بِلَهْوٍ مُعْرِضًا ولَمْ يَقِفْ، فَقالَ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ -: «لَقَدْ أصْبَحَ ابْنُ مَسْعُودٍ وأمْسى كَرِيمًا» ثُمَّ تَلا إبْراهِيمُ: ﴿وإذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرامًا﴾».
وقِيلَ: المُرادُ بِاللَّغْوِ الكَلامُ الباطِلُ المُؤْذِي لَهم أوْ ما يَعُمُّهُ، والفِعْلُ المُؤْذِي، وبِالكَرَمِ العَفْوُ والصَّفْحُ عَمَّنْ آذاهُمْ، وإلَيْهِ يُشِيرُ ما أخْرَجَهُ جَماعَةٌ عَنْ مُجاهِدٍ أنَّهُ قالَ في الآيَةِ: إذا أُوذُوا صَفَحُوا، وجَعَلَ الكَلامَ - عَلى هَذا - بِتَقْدِيرِ مُضافٍ، أيْ: إذا مَرُّوا بِأهْلِ اللَّغْوِ أعْرَضُوا عَنْهم كَما قِيلَ:
؎ولَقَدْ أمُرُّ عَلى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي فَمَضَيْتُ ثُمَّتْ قُلْتُ لا يَعْنِينِي
ولا يَخْفى أنَّهُ لَيْسَ بِلازِمٍ.
وقِيلَ: اللَّغْوُ القَوْلُ المُسْتَهْجَنُ، والمُرادُ بِمُرُورِهِمْ عَلَيْهِ إتْيانُهم عَلى ذِكْرِهِ، وبِكَرَمِهِمُ الكَفُّ عَنْهُ والعُدُولُ إلى الكِنايَةِ، وإلَيْهِ يُومِئُ ما أخْرَجَهُ جَماعَةٌ عَنْ مُجاهِدٍ أيْضًا أنَّهُ قالَ فِيها: كانُوا إذا أتَوْا عَلى ذِكْرِ النِّكاحِ كَنَّوْا عَنْهُ، وعَمَّمَ بَعْضُهم وجَعَلَ ما ذُكِرَ مِن بابِ التَّمْثِيلِ، وجُوِّزَ أنْ يُرادَ بِاللَّغْوِ الزُّورُ بِالمَعْنى العامِّ، أعْنِي الأمْرَ الباطِلَ، عُبِّرَ عَنْهُ تارَةً بِالزُّورِ؛ لِمَيْلِهِ عَنْ جِهَةِ الحَقِّ، وتارَةً بِاللَّغْوِ؛ لِأنَّهُ مِن شَأْنِهِ أنْ يُلْغى ويُطْرَحَ، فَفي الكَلامِ وضْعُ المُظْهَرِ مَوْضِعَ المُضْمَرِ، والمَعْنى: والَّذِينَ لا يَحْضُرُونَ الباطِلَ وإذا مَرُّوا بِهِ عَلى طَرِيقِ الِاتِّفاقِ أعْرَضُوا عَنْهُ.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ لَا یَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا۟ بِٱللَّغۡوِ مَرُّوا۟ كِرَامࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق