الباحث القرآني

﴿إنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا ومُقامًا﴾ وهو تَعْلِيلٌ لِذَلِكَ بِسُوءِ حالِها في نَفْسِها، وتَرْكُ العَطْفِ لِلْإشارَةِ إلى أنَّ كُلًّا مِنهُما مُسْتَقِلٌّ بِالعِلِّيَّةِ، وقِيلَ: تَعْلِيلٌ لِما عُلِّلَ بِهِ أوَّلًا، وضَعَّفَهُ ابْنُ هِشامٍ في التَّذْكِرَةِ بِأنَّهُ لا مُناسَبَةَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّيْءِ غَرامًا وكَوْنِهِ ساءَ مُسْتَقَرًّا. وأُجِيبَ بِأنَّهُ بِمُلاحَظَةِ اللُّزُومِ والمَقامِ؛ فَإنَّ المَقامَ مِن شَأْنِهِ اللُّزُومُ، وقِيلَ: كِلْتا الجُمْلَتَيْنِ مِن كَلامِهِ تَعالى ابْتِداءً عُلِّلَ بِهِما القَوْلُ عَلى نَحْوِ ما تَقَدَّمَ، أوْ عُلِّلَ ذَلِكَ بِأُولاهُما وعُلِّلَتِ الأوْلى بِالثّانِيَةِ، وجُوِّزَ كَوْنُ إحْداهُما مَقُولَةً والأُخْرى ابْتِدائِيَّةً والكُلُّ كَما تَرى. وساءَتْ في حُكْمِ (بِئْسَتْ) والمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرِهِ هِيَ، وهو الرّابِطُ لِهَذِهِ الجُمْلَةِ بِما هي خَبَرٌ عَنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِيرَ القِصَّةِ و(مُسْتَقَرًّا) تَمْيِيزٌ، وفِيها ضَمِيرٌ مُبْهَمٌ عائِدٌ عَلى ( مُسْتَقَرًّا ) مُفَسَّرٌ بِهِ، وأُنِّثَ لِتَأْوِيلِ المُسْتَقَرِّ بِجَهَنَّمَ أوْ مُطابَقَةً لِلْمَخْصُوصِ، ألا تَرى إلى ذِي الرُّمَّةِ كَيْفَ أنَّثَ الزَّوْرَقَ عَلى تَأْوِيلِ السَّفِينَةِ حَيْثُ كانَ المَخْصُوصُ مُؤَنَّثًا في قَوْلِهِ: ؎أوْ حُرَّةٍ عَيْطَلٍ ثَبْجاءَ مَجْفَرَةِ دَعائِمِ الزُّورِ نِعْمَتْ زَوْرَقِ البَلَدِ قِيلَ: ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ ﴿ساءَتْ﴾ بِمَعْنى أحْزَنَتْ فَهي فِعْلٌ مُتَصَرِّفٌ مُتَعَدٍّ، وفاعِلُهُ ضَمِيرُ (جَهَنَّمَ) ومَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، أيْ: أحْزَنَتْ أهْلَها وأصْحابَها و( مُسْتَقَرًّا ) تَمْيِيزٌ أوْ حالٌ، وهو مَصْدَرٌ بِمَعْنى الفاعِلِ أوِ اسْمُ مَكانٍ، ولَيْسَ بِذاكَ. والظّاهِرُ أنَّ ( مُسْتَقَرًّا ) ومَقامًا كَقَوْلِهِ: ؎وألْفى قَوْلَها كَذِبًا ومَيْنًا وحَسَّنَهُ كَوْنُ المَقامِ يَسْتَدْعِي التَّطْوِيلَ أوْ كَوْنُهُ فاصِلَةً، وقِيلَ: المُسْتَقَرُّ لِلْعُصاةِ والمُقامُ لِلْكَفَرَةِ، وإنَّ في المَوْضِعَيْنِ لِلِاعْتِناءِ بِشَأْنِ الخَبَرِ. وقَرَأتْ فِرْقَةٌ «ومَقامًا» (p-46)بِفَتْحِ المِيمِ أيْ مَكانَ قِيامٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب