الباحث القرآني

﴿وكَذَلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ المُجْرِمِينَ﴾ فَإنَّهُ تَسْلِيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وحَمْلٌ لَهُ عَلى الِاقْتِداءِ بِمَن قَبْلَهُ مِنَ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، والبَلِيَّةُ إذا عَمَّتْ هانَتْ، والعَدُوُّ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ واحِدًا وجَمْعًا، أيْ كَما جَعَلْنا لَكَ أعْداءً مِنَ المُشْرِكِينَ يَقُولُونَ ما يَقُولُونَ ويَفْعَلُونَ ما يَفْعَلُونَ مِنَ الأباطِيلِ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ مِنَ الأنْبِياءِ الَّذِينَ هم أصْحابُ الشَّرِيعَةِ والدَّعْوَةِ إلَيْها عَدُوًّا مِن مُرْتَكِبِي الجَرائِمِ والآثامِ، ويَدْخُلُ في ذَلِكَ آدَمُ - - عَلَيْهِ السَّلامُ - - لِدُخُولِ الشَّياطِينِ وقابِيلَ في المُجْرِمِينَ، ويُكْتَفى بِدُخُولِ قابِيلَ إنْ أُرِيدَ بِالمُجْرِمِينَ مُجْرِمُو الإنْسِ أوْ مُجْرِمُو أُمَّةِ النَّبِيِّ، وقِيلَ: الكُلِّيَّةُ بِمَعْنى الكَثْرَةِ، والمُرادُ بِجَعْلِ الأعْداءِ جَعْلُ عَداوَتِهِمْ وخَلْقُها وما يَنْشَأُ مِنها فِيهِمْ لا جَعْلُ ذَواتِهِمْ، فَفي ذَلِكَ رَدٌّ عَلى المُعْتَزِلَةِ في زَعْمِهِمْ أنَّ خالِقَ الشَّرِّ غَيْرُهُ تَعالى شَأْنُهُ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وكَفى بِرَبِّكَ هادِيًا ونَصِيرًا﴾ وعْدٌ كَرِيمٌ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِالهِدايَةِ إلى كافَّةِ مَطالِبِهِ والنَّصْرِ عَلى أعْدائِهِ، أيْ كَفاكَ مالِكُ أمْرِكَ ومُبَلِّغُكَ إلى الكَمالِ هادِيًا لَكَ إلى ما يُوصِلُكَ إلى غايَةِ الغاياتِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها تَبْلِيغُ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ، وإجْراءُ أحْكامِهِ في أكْنافِ الدُّنْيا إلى أنْ يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ، وناصِرًا لَكَ عَلَيْهِمْ عَلى أبْلَغِ وجْهٍ. وقَدَّرَ بَعْضُهم مُتَعَلِّقَ ﴿هادِيًا﴾ إلى طَرِيقِ قَهْرِهِمْ، وقِيلَ: المَعْنى هادِيًا لِمَن آمَنَ مِنهم ونَصِيرًا لَكَ عَلى غَيْرِهِ، وقِيلَ: هادِيًا لِلْأنْبِياءِ إلى التَّحَرُّزِ عَنْ عَداوَةِ المُجْرِمِينَ بِالِاعْتِصامِ بِحَبْلِهِ، ونَصِيرًا لَهم عَلَيْهِمْ وهو كَما تَرى، ونَصْبُ الوَصْفَيْنِ عَلى الحالِ أوِ التَّمْيِيزِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب