الباحث القرآني
﴿وإذا بَلَغَ الأطْفالُ مِنكُمُ الحُلُمَ﴾ لِما بَيْنَ سُبْحانِهِ آنِفًا حُكْمَ الأطْفالِ مِن أنَّهم لا يَحْتاجُونَ إلى الِاسْتِئْذانِ في غَيْرِ الأوْقاتِ الثَّلاثَةِ عَقْبَ جَلَّ وعَلا بِبَيانِ حالِهِمْ إذا بَلَغُوا دَفْعًا لِما عَسى أنْ يَتَوَهَّمَ أنَّهم وإنْ كانُوا أجانِبَ لَيْسُوا كَسائِرِ الأجانِبِ بِسَبَبِ اعْتِيادِهِمُ الدُّخُولَ فاللّامُ في ﴿الأطْفالُ﴾ لِلْعَهْدِ إشارَةٌ إلى الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلْمَ المَجْعُولِينَ قَسِيمًا لِلْمَمالِيكِ أيْ إذا بَلَغَ الأطْفالُ الأحْرارُ الأجانِبُ ﴿فَلْيَسْتَأْذِنُوا﴾ إذا أرادُوا الدُّخُولَ عَلَيْكم ﴿كَما اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ أيِ الَّذِينَ ذَكَرُوا مِن قَبْلِهِمْ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكم حَتّى تَسْتَأْنِسُوا وتُسَلِّمُوا عَلى أهْلِها﴾ [النُّورُ: 27] وجَوَّزَ أنْ تَكُونَ القَبَلِيَّةُ بِاعْتِبارِ الوَصْفِ لا بِاعْتِبارِ الذِّكْرِ في النَّظْمِ الجَلِيلِ بِقَرِينَةِ ذِكْرِ البُلُوغِ وحُكْمِ الطُّفُولِيَّةِ أيِ الَّذِينَ بَلَغُوا مِن قَبْلِهِمْ. وأخْرَجَ هَذا ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُقاتِلٍ وزَعَمَ بَعْضُهم أنَّهُ أظْهَرُ.
(p-216)وتَعَقَّبَ بِأنَّ المُرادَ بِالتَّشْبِيهِ بَيانُ كَيْفِيَّةِ اسْتِئْذانِ هَؤُلاءِ وزِيادَةِ إيضاحِهِ ولا يَتَسَنّى ذَلِكَ إلّا بِتَشْبِيهِهِ بِاسْتِئْذانِ المَعْهُودَيْنِ عِنْدَ السّامِعِ، ولا رَيْبَ في أنَّ بُلُوغَهم قَبْلَ بُلُوغِ هَؤُلاءِ مِمّا لا يَخْطُرُ بِبالِ أحَدٍ وإنْ كانَ الأمْرُ كَذَلِكَ في الواقِعِ وإنَّما المَعْهُودُ المَعْرُوفُ ذِكْرُهم قَبْلَ ذِكْرِهِمْ، فالمَعْنى فَلْيَسْتَأْذِنُوا اسْتِئْذانًا كائِنًا مِثْلَ اسْتِئْذانِ المَذْكُورِينَ قَبْلَهم بِأنْ يَسْتَأْذِنُوا في جَمِيعِ الأوْقاتِ ويَرْجِعُوا إنْ قِيلَ لَهُمُ ارْجِعُوا حَسْبَما فَصَّلَ فِيما سَلَفَ، وكَوْنُ المُرادِ بِالأطْفالِ الأطْفالَ الأحْرارَ الأجانِبَ قَدْ ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُ واحِدٍ، وقالَ بَعْضُ الأجِلَّةِ: المُرادُ بِهِمْ ما يَعُمُّ الأحْرارَ والمَمالِيكَ فَيَجِبُ الِاسْتِئْذانُ عَلى مَن بَلَغَ مِنَ الفَرِيقَيْنِ وأوْجَبَ هَذا اسْتِئْذانَ العَبْدِ البالِغِ عَلى سَيِّدَتِهِ لِهَذِهِ الآيَةِ، وقالَ في البَحْرِ ﴿مِنكُمْ﴾ أيْ مِن أوْلادِكم وأقْرِبائِكم.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ نَحْوَ هَذا التَّفْسِيرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وأخْرَجَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ أنَّهُ قالَ: يَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ عَلى أُمِّهِ فَإنَّما نَزَلَتْ ﴿وإذا بَلَغَ الأطْفالُ مِنكُمُ الحُلُمَ﴾ في ذَلِكَ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ والبُخارِيُّ في الأدَبِ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ مَرْدُويَهٍ عَنْ عَطاءَ أنَّهُ سَألَ ابْنَ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما أأسْتَأْذِنُ عَلى أُخْتِي؟ قالَ: نَعَمْ قُلْتُ: إنَّها في حِجْرِي وأنا أُنْفِقُ عَلَيْها وإنَّها مَعِي في البَيْتِ أأسْتَأْذِنُ عَلَيْها؟ قالَ: نَعَمْ إنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أيْمانُكم والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ﴾ الآيَةُ فَلَمْ يَأْمُرْ هَؤُلاءِ بِالِاسْتِئْذانِ إلّا في العَوْراتِ الثَّلاثِ وقالَ تَعالى: ﴿وإذا بَلَغَ الأطْفالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَما اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ فالإذْنُ واجِبٌ عَلى خَلْقِ اللَّهِ تَعالى أجْمَعِينَ، ورُوِيَ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ أنَّهُ قالَ: آيَةٌ لا يُؤْمِنُ بِها أكْثَرُ النّاسِ آيَةُ الإذْنِ وإنِّي لِآمِرٌ جارَتِي يَعْنِي زَوْجَتَهُ أنْ تَسْتَأْذِنَ عَلَيَّ، وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ عَلَيْكم أنْ تَسْتَأْذِنُوا عَلى آبائِكم وأُمَّهاتِكم وأخَواتِكُمْ، ونُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أنَّ وُجُوبَ الِاسْتِئْذانِ المُسْتَفادِ مِنَ الأمْرِ الدّالِّ عَلَيْهِ في الآيَةِ مَنسُوخٌ وأنْكَرَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رُوِيَ عَنْهُ يَقُولُونَ: هي مَنسُوخَةٌ لا واللَّهِ ما هي مَنسُوخَةٌ ولَكِنَّ النّاسَ تَهاوَنُوا بِها، وعَنِ الشَّعْبِيِّ لَيْسَتْ مَنسُوخَةً فَقِيلَ لَهُ: إنَّ النّاسَ لا يَعْمَلُونَ بِها فَقالَ: اللَّهُ تَعالى المُسْتَعانُ، وقِيلَ: ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِعَدَمِ الرِّضا وعَدَمِ بابٍ يُغْلَقُ كَما كانَ في العَصْرِ الأوَّلِ ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكم آياتِهِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ الكَلامُ فِيهِ كالَّذِي سَبَقَ، والتَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ والمُبالَغَةِ في طَلَبِ الِاسْتِئْذانِ، وإضافَةِ الآياتِ إلى ضَمِيرِ الجَلالَةِ لِتَشْرِيفِها وهو مِمّا يُقَوِّي أمْرَ التَّأْكِيدِ والمُبالَغَةِ.
{"ayah":"وَإِذَا بَلَغَ ٱلۡأَطۡفَـٰلُ مِنكُمُ ٱلۡحُلُمَ فَلۡیَسۡتَـٔۡذِنُوا۟ كَمَا ٱسۡتَـٔۡذَنَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَایَـٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق