الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ أنْزَلْنا إلَيْكم آياتٍ مُبَيِّناتٍ﴾ [34. 40] كَلامٌ مُسْتَأْنِفٌ جِيءَ بِهِ في تَضاعِيفِ ما ورَدَ مِنَ الآياتِ السّابِقَةِ واللّاحِقَةِ لِبَيانِ جَلالَةِ شُؤُونِها المُسْتَوْجَبَةِ لِلْإقْبالِ الكُلِّيِّ عَلى العَمَلِ بِمَضْمُونِها، وصَدَرَ بِالقَسَمِ المُعْرَبَةِ عَنْهُ اللّامِ لِإبْرازِ كَمالِ العِنايَةِ بِشَأْنِهِ أيْ وبِاللَّهِ لَقَدْ أنْزَلْنا إلَيْكم في هَذِهِ السُّورَةِ الكَرِيمَةِ آياتٌ مُبَيِّناتٌ لِكُلِّ ما لَكم حاجَةٌ إلى بَيانِهِ مِنَ الحُدُودِ وسائِرِ الأحْكامِ والآدابِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِمّا هو مِن مَبادِي بَيانِها عَلى أنَّ ﴿مُبَيِّناتٍ﴾ مِن بَيْنِ المُتَعَدِّي والمَفْعُولِ مَحْذُوفٌ وإسْنادُ التَّبْيِينِ إلى الآياتِ مَجازِيٌّ أوْ آياتٌ واضِحاتٌ صَدَّقَتْها الكُتُبُ القَدِيمَةُ والعُقُولُ السَّلِيمَةُ عَلى أنَّها مِن بَيْنَ بِمَعْنى تَبَيَّنَ اللّازِمَ أيْ آياتٍ تَبَيَّنَ كَوْنُها آياتٍ مِنَ اللَّهِ تَعالى، ومِنهُ المَثَلُ قَدْ بَيَّنَ الصُّبْحَ لِذِي عَيْنَيْنِ.
وقَرَأ الحَرَمِيّانِ وأبُو عَمْرٍو وأبُو بَكْرٍ «مُبَيَّناتٌ» عَلى صِيغَةِ المَفْعُولِ أيْ آياتٍ بَيَّنَها اللَّهُ تَعالى وجَعَلَها واضِحَةَ الدَّلالَةِ عَلى الأحْكامِ والحُدُودِ وغَيْرِها، وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ الأصْلُ مُبَيَّنًا فِيها الأحْكامَ فاتَّسَعَ في الظَّرْفِ بِإجْرائِهِ مَجْرى المَفْعُولِ.
(p-160)﴿ومَثَلا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنَ قَبْلِكُمْ﴾ عَطَفَ عَلى ﴿آياتٍ﴾ أيْ وأنْزَلَنا مَثَلًا كائِنًا مِن قُبَيْلِ أمْثالِ الَّذِينَ مَضَوْا مِن قَبْلِكم مِنَ القِصَصِ العَجِيبَةِ والأمْثالِ المَضْرُوبَةِ لَهم في الكُتُبِ السّابِقَةِ والكَلِماتِ الجارِيَةِ عَلى ألْسِنَةِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَيَنْتَظِمُ قِصَّةُ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها المُحاكِيَةَ لِقِصَّةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ وقِصَّةِ مَرْيَمَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها حَيْثُ أُسْنِدَ إلَيْهِما مِثْلُ ما أُسْنِدَ إلى عائِشَةَ مِنَ الإفْكِ فَبَرَّأهُما اللَّهُ تَعالى مِنهُ وسائِرَ الأمْثالِ الوارِدَةِ في هَذِهِ السُّورَةِ الكَرِيمَةِ انْتِظامًا أوَّلِيًّا، وهَذا أوْفَقُ بِتَعْقِيبِ الكَلامِ بِما سَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى مِنَ التَّمْثِيلاتِ مِن تَخْصِيصِ الآياتِ بِالسَّوابِقِ وحَمْلِ المَثَلِ عَلى القِصَّةِ العَجِيبَةِ فَقَطْ ﴿ومَوْعِظَةً﴾ تَتَّعِظُونَ بِها وتَنْزَجِرُونَ عَمّا لا يَنْبَغِي مِنَ المُحَرَّماتِ والمَكْرُوهاتِ وسائِرِ ما يُخِلُّ بِمَحاسِنِ الآدابِ فَهي عِبارَةٌ عَمّا سَبَقَ مِنَ الآياتِ والمَثَلِ لِظُهُورِ كَوْنِها مِنَ المَواعِظِ بِالمَعْنى المَذْكُورِ، ويَكْفِي في العَطْفِ التَّغايُرِ العُنْوانِيِّ المُنَزَّلِ مَنزِلَةَ التَّغايُرِ الذّاتِيِّ، وقَدْ خَصَّتِ الآياتِ بِما يُبَيِّنُ الحُدُودَ والأحْكامَ والمَوْعِظَةَ بِما يَتَّعِظُ بِهِ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿ولا تَأْخُذْكم بِهِما رَأْفَةٌ في دِينِ اللَّهِ﴾ [النُّورُ: 2] وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿لَوْلا إذْ سَمِعْتُمُوهُ﴾ [النُّورُ: 12] إلَخْ وغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ الوارِدَةِ في شَأْنِ الآدابِ وقُيِّدَتِ المَوْعِظَةُ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ:
﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ مَعَ شُمُولِها لِلْكُلِّ حَسَبِ شُمُولِ الإنْزالِ حَثًّا لِلْمُخاطِبِينَ عَلى الِاغْتِنامِ بِالِانْتِظامِ في سِلْكِ المُتَّقِينَ بِبَيانِ أنَّهُمُ المُغْتَنِمُونَ لِآثارِها المُقْتَبِسُونَ مِن أنْوارِها فَحَسْبُ، وقِيلَ: المُرادُ بِالآياتِ المُبَيِّناتِ والمُثُلِ والمَوْعِظَةِ جَمِيعُ ما في القُرْآنِ المَجِيدِ مِنَ الآياتِ والأمْثالِ والمَواعِظِ.
{"ayah":"وَلَقَدۡ أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكُمۡ ءَایَـٰتࣲ مُّبَیِّنَـٰتࣲ وَمَثَلࣰا مِّنَ ٱلَّذِینَ خَلَوۡا۟ مِن قَبۡلِكُمۡ وَمَوۡعِظَةࣰ لِّلۡمُتَّقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











