الباحث القرآني
﴿إذْ تَلَقَّوْنَهُ بِألْسِنَتِكُمْ﴾ بِحَذْفِ إحْدى التّاءَيْنِ ( وإذْ ) ظَرْفٌ لِلْمَسِّ، وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ ظَرْفًا لَأفَضْتُمْ ولَيْسَ بِذاكَ، والضَّمِيرُ المَنصُوبُ لِما أيْ لَمَسَّكم ذَلِكَ العَذابُ العَظِيمُ وقْتَ تَلَقِّيكم ما أفَضْتُمْ فِيهِ مِنَ الإفْكِ وأخْذُ بَعْضِكم إيّاهُ مِن بَعْضٍ بِالسُّؤالِ عَنْهُ، والتَّلَقِّي والتَّلَقُّفِ والتَّلَقُّنِ مُتَقارِبَةَ المَعانِي إلّا أنَّ في التَّلَقِّي مَعْنى الِاسْتِقْبالِ وفي التَّلَقُّفِ مَعْنى الخَطْفِ والأخْذِ بِسُرْعَةٍ وفي التَّلَقُّنِ مَعْنى الحِذْقِ والمَهارَةِ. وقَرَأ ( أبِيّ ) رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ: «تَتَلَقُّونَهُ» عَلى الأصْلِ، وشَدُّ التّاءِ البَزِيِّ، وأدْغَمَ الذّالَ في التّاءِ النَّحْوِيّانِ وحَمْزَةُ.
وقَرَأ ابْنُ السَّمَيْفَعِ «تَلْقُونَهُ» بِضَمِّ التّاءِ والقافِ وسُكُونِ اللّامِ مُضارِعُ ألْقى، وعَنْهُ «تَلْقُونَهُ» بِفَتْحِ التّاءِ والقافِ وسُكُونِ اللّامِ مُضارِعُ لَقِيَ، وقَرَأتْ عائِشَةُ وابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما وعِيسى وابْنُ يَعْمُرَ وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ بِفَتْحِ التّاءِ وكَسْرِ اللّامِ وضَمِّ القافِ مِن ولَقِ الكَلامِ كَذِبُهُ حَكاهُ السَّرَقُسْطِيُّ، وفِيهِ رَدٌّ عَلى مَن زَعَمَ أنَّ ولَقَ إذا كانَ بِمَعْنى كَذِبٍ لا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وهو ظاهِرُ كَلامِ ابْنِ سَيِّدِهِ وارْتِضاءَهُ أبُو حَيّانَ ولِذا جَعَلَ ذَلِكَ مِن بابِ الحَذْفِ والإيصالِ والأصْلُ تُلْقُونَ فِيهِ، ورُوِيَ عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها أنَّها كانَتْ تَقْرَأُ ذَلِكَ وتَقُولُ: الوَلَقُ الكَذِبُ، وقالَ ابْنُ أبِي مَلِيكَةَ:
وكانَتْ أعْلَمَ بِذَلِكَ مِن غَيْرِها لِأنَّهُ نَزَلَ فِيها.
وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: مَن ولَقَ الحَدِيثَ أنْشَأهُ واخْتَرَعَهُ، وقِيلَ: مَن ولَقَ الكَلامَ دَبَّرَهُ، وحَكى الطَّبَرِيُّ وغَيْرُهُ أنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الوَلَقِ الَّذِي هو الإسْراعُ بِالشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ كَعَدَدٍ في أثَرِ عَدَدٍ وكَلامٍ في أثَرِ كَلامٍ ويُقالُ: ناقَةٌ ولْقى سَرِيعَةٌ، ومِنهُ الأوْلَقُ لِلْمَجْنُونِ لِأنَّ العَقْلَ بابٌ مِنَ السُّكُونِ والتَّماسُكِ والجُنُونُ بابٌ مِنَ السُّرْعَةِ والتَّهافُتِ.
وعَنِ ابْنِ جِنِّيٍّ أنَّهُ فَسَّرَ ما في الآيَةِ بِما ذَكَرَ يَكُونُ ذَلِكَ مِن بابِ الحَذْفِ والإيصالِ والأصْلُ تُسْرِعُونَ فِيهِ أوْ إلَيْهِ، قَرَأ زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ وأبُو جَعْفَرٍ «تَأْلَقُونَهُ» بِفَتْحِ التّاءِ وهَمْزَةٍ ساكِنَةٍ بَعْدَها لامٌ ساكِنَةٌ مِنَ الألْقِ وهو الكَذِبُ. وقَرَأ يَعْقُوبُ في رِوايَةِ المازِنِيِّ «تَيْلُقُونَهُ» بِتاءٍ فَوْقانِيَّةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَها ياءٌ ولامٌ مَفْتُوحَةٌ كَأنَّهُ مُضارِعُ ولَقَ بِكَسْرِ اللّامِ كَما قالُوا تِيجَلُ مُضارِعُ وجَلَ، وعَنْ سُفْيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ سَمِعْتُ أُمِّي تَقْرَأُ «إذْ تَثْقَفُونَهُ» مِن ثَقَفْتُ الشَّيْءَ إذا طَلَبْتَهُ فَأدْرَكْتَهُ جاءَ مُثْقَلًا ومُخَفَّفًا أيْ تَتَصَيَّدُونَ الكَلامَ في الإفْكِ مِن هاهُنا ومِن هاهُنا.
وقُرِئَ «تَقِفُونَهُ» مِن قَفاهُ إذا تَبِعَهُ أيْ تَتْبَعُونَهُ.
﴿وتَقُولُونَ بِأفْواهِكم ما لَيْسَ لَكم بِهِ عِلْمٌ﴾ أيْ تَقُولُونَ قَوْلًا مُخْتَصًّا بِالأفْواهِ مِن غَيْرِ أنْ يَكُونَ لَهُ مِصْداقٌ ومَنشَأٌ في القُلُوبِ لِأنَّهُ لَيْسَ تَعْبِيرًا عَنْ عِلْمٍ بِهِ في قُلُوبِكم فَهَذا كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَقُولُونَ بِأفْواهِهِمْ ما لَيْسَ في قُلُوبِهِمْ﴾ [آلُ عِمْرانَ: 167] . وقالَ ابْنُ المُنِيرِ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿وتَقُولُونَ بِأفْواهِكُمْ﴾ تَوْبِيخًا كَقَوْلِكَ: أتَقُولُ ذَلِكَ بِمَلْءِ فِيكَ فَإنَّ القائِلَ رُبَّما رَمَزَ وعَرَضَ ورُبَّما تَشَدَّقَ جازِمًا كالعالِمِ، وقَدْ قِيلَ هَذا في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿بَدَتِ البَغْضاءُ مِن أفْواهِهِمْ﴾ [آلُ عِمْرانَ: 118] وقالَ صاحِبُ الفَرائِدِ: يُمْكِنُ أنْ يُقالَ فائِدَةُ ذِكْرِ ﴿بِأفْواهِكُمْ﴾ أنْ لا يَظُنَّ أنَّهم قالُوا ذَلِكَ بِالقَلْبِ لِأنَّ القَوْلَ يُطْلَقُ عَلى غَيْرِ الصّادِرِ مِنَ الأفْواهِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قالَتا أتَيْنا طائِعِينَ﴾ [فُصِّلَتْ: 11] وقَوْلُ الشّاعِرِ:
؎امْتَلَأ الحَوْضُ وقالَ قُطْنِي مَهْلًا رُوَيْدًا قَدْ مَلَأْتَ بَطْنِي
(p-120)فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِدَفْعِ المَجازِ. وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ السِّياقَ يَقْتَضِي الأوَّلَ وإلَيْهِ ذَهَبَ الزَّمَخْشَرِيُّ، وكانَ الظّاهِرُ وتَقُولُونَهُ بِأفْواهِكم إلّا أنَّهُ عَدَلَ عَنْهُ إلى ما في النَّظْمِ الجَلِيلِ لِما لا يَخْفى ﴿وتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا﴾ سَهْلًا لا تَبِعَةَ لَهُ: ﴿وهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ أيْ والحالُ أنَّهُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ أمْرٌ عَظِيمٌ لا يُقادِرُ قَدْرَهُ في الوِزْرِ واسْتِجْرارِ العَذابِ، والجُمْلَتانِ الفِعْلِيَّتانِ مَعْطُوفَتانِ عَلى جُمْلَةِ ﴿تَلَقَّوْنَهُ﴾ داخِلَتانِ مَعَها في حَيِّزِ ﴿إذْ﴾ فَيَكُونُ قَدْ عَلَّقَ مَسَّ العَذابِ العَظِيمِ بِتَلَقِّي الإفْكِ بِألْسِنَتِهِمْ والتَّحَدُّثِ بِهِ مِن غَيْرِ رَوِيَّةٍ وفِكْرٍ وحُسْبانُهم ذَلِكَ مِمّا لا يَعْبَأُ بِهِ وهو عِنْدُ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ عَظِيمٌ.
{"ayah":"إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَیۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمࣱ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَیِّنࣰا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











