الباحث القرآني

﴿قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ مِمّا ذَكَرَ ومِمّا لَمْ يَذْكُرُ وصِيغَةُ المَلَكُوتِ لِلْمُبالَغَةِ في المَلِكِ فالمُرادُ بِهِ المَلِكُ الشّامِلُ الظّاهِرُ، وقِيلَ: المالِكِيَّةُ والمُدَبِّرِيَّةُ، وقِيلَ: الخَزائِنُ ﴿وهُوَ يُجِيرُ﴾ أيْ يَمْنَعُ مَن يَشاءُ مِمَّنْ يَشاءُ ﴿ولا يُجارُ عَلَيْهِ﴾ ولا يُمْنَعُ أحَدٌ مِنهُ جَلَّ وعَلا أحَدًا، وتَعْدِيَةُ الفِعْلِ بِعَلى لِتَضَمُّنِهِ مَعْنى النُّصْرَةِ أوِ الِاسْتِعْلاءِ ﴿إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ تَكْرِيرٌ لِاسْتِهانَتِهِمْ وتَجْهِيلِهِمْ عَلى ما مَرَّ ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ والوَصْفُ بِأنَّهُ الَّذِي يُجِيرُ ولا يُجارُ عَلَيْهِ ﴿قُلْ﴾ تَهَجِّيَنا لَهم وتَقْرِيعًا ﴿فَأنّى تُسْحَرُونَ﴾ كَيْفَ أوْ مِن أيْنَ تُخْدَعُونَ وتُصْرَفُونَ عَنِ الرُّشْدِ مَعَ عِلْمِكم بِهِ إلى ما أنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ البَغْيِ فَإنَّ مَن لا يَكُونُ مَسْحُورًا مُخْتَلُّ العَقْلِ لا يَكُونُ كَذَلِكَ، وهَذِهِ الآياتُ الثَّلاثُ أعْنِي ﴿قُلْ لِمَنِ﴾ إلى هُنا عَلى ما قَرَّرَ في الكَشْفِ تَقْرِيرٌ لِلسّابِقِ وتَمْهِيدٌ لِلاحِقٍ وقَدْ رُوعِيَ في السُّؤالِ فِيها قَضِيَّةُ التَّرَقِّي فَسُئِلَ عَمَّنْ لَهُ الأرْضُ ومِن فِيها، وقِيلَ: ﴿مَن﴾ تَغْلِيبًا لِلْعُقَلاءِ ولِأنَّهُ يَلْزَمُ أنْ يَكُونَ لَهُ غَيْرُهم مِن طَرِيقِ الأُولى ثُمَّ سُئِلَ عَمَّنْ لَهُ السَّمَواتُ والعَرْشُ العَظِيمُ والأرْضُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كِلا شَيْءٍ ثُمَّ سُئِلَ عَمَّنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ فَأتى بِأعَمِّ العامِّ وكَلِمَةِ الإحاطَةِ وأوْثَرَ المَلَكُوتَ وهو المَلِكُ الواسِعُ، وقِيلَ: ﴿بِيَدِهِ﴾ تَصْوِيرًا وتَخْيِيلًا وكَذَلِكَ رُوعِيَ هَذِهِ النُّكْتَةُ في الفَواصِلِ فَعَيَّرُوا أوَّلًا بِعَدَمُ التَّذَكُّرِ فَإنَّ أيْسَرَ النَّظَرِ يَكْفِي في انْحِلالِ عَقْدِهِمْ ثُمَّ بِعَدَمُ الاتِّقاءِ وفِيهِ وعِيدٌ ثُمَّ بِالتَّعَجُّبِ مِن خُدَعِ عُقُولِهِمْ فَتَخَيَّلَ الباطِلَ (p-59)حَقًّا والحَقَّ باطِلًا وأنّى لَها التَّذَكُّرُ والخَوْفُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب