الباحث القرآني

﴿أمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ﴾ إضْرابٌ وانْتِقالٌ مِنَ التَّوْبِيخِ بِما ذَكَرَ إلى التَّوْبِيخِ بِوَجْهٍ آخَرَ، والهَمْزَةُ لِإنْكارِ الوُقُوعِ أيْضًا أيْ بَلْ ألَمْ يَعْرِفُوهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِالأمانَةِ والصِّدْقِ وحُسْنِ الأخْلاقِ إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الكِمالاتِ اللّائِقَةِ بِالأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ. وقَدْ صَحَّ «أنَّ أبا طالِبٍ يَوْمَ نِكاحِ النَّبِيِّ ﷺ خَطَبَ بِمَحْضَرِ رُؤَساءِ مُضَرَ وقُرَيْشٍ فَقالَ: أحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي جَعَلَنا مِن ذُرِّيَّةِ إبْراهِيمَ وزَرْعِ إسْماعِيلَ وضَئْضِئْ مُعَدٍّ وعَنْصَرَ مُضِرُ وجَعَلَنا حِضْنَةَ بَيْتِهِ وسْواسَ حَرَمِهِ وجَعَلَ لَنا بَيْتًا مَحْجُوجًا وحَرَمًا آمِنًا وجَعَلَنا الحُكّامُ عَلى النّاسِ ثُمَّ إنَّ ابْنَ أخِي هَذا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ لا يُوزَنُ بِرَجُلٍ إلّا رَجَحَ بِهِ فَإنْ كانَ في المالِ قُلْ فَإنَّ المالَ ظِلٌّ زائِلٌ وأمْرٌ حائِلٌ ومُحَمَّدٌ مَن قَدْ عَرَفْتُمْ قَرابَتَهُ وقَدْ خَطَبَ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ وبَذَلَ لَها مِنَ الصَّداقِ ما آجِلُهُ وعاجِلُهُ مِن مالِي كَذا وهو واللَّهِ بَعْدَ هَذا لَهُ نَبَأٌ عَظِيمٌ وخَطَرٌ جَلِيلٌ». وفِي هَذا دَلِيلٌ واضِحٌ عَلى أنَّهم عَرَّفُوهُ ﷺ بِغايَةِ الكَمالِ وإلّا لَأنْكَرُوا قَوْلَ أبِي طالِبٍ فِيهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ما قالَ. ﴿فَهم لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ الفاءُ سَبَبِيَّةٌ لِتَسَبُّبِ الإنْكارِ عَنْ عَدَمُ المَعْرِفَةِ فالجُمْلَةُ داخِلَةٌ في حَيِّزِ الإنْكارِ ومَآلِ المَعْنى هم عَرَّفُوهُ بِالكَمالِ اللّائِقِ بِالأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَكَيْفَ يُنْكِرُونَهُ، واللّامُ لِلتَّقْوِيَةِ، وتَقْدِيمُ المَعْمُولِ لِلتَّخْصِيصِ أوِ الفاصِلَةِ، والكَلامُ عَلى تَقْدِيرِ مُضافٍ أيْ مُنْكِرُونَ لِدَعْواهُ أوْ لِرِسالَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب