الباحث القرآني

﴿أفَلَمْ يَدَّبَّرُوا القَوْلَ﴾ الهَمْزَةُ لِإنْكارِ الواقِعِ واسْتِقْباحِهِ والفاءُ لِلْعَطْفِ عَلى مُقَدَّرٍ يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ الكَلامُ أيِ افْعَلُوا ما فَعَلُوا مِنَ النُّكُوصِ والِاسْتِكْبارِ والهَجْرِ فَلَمْ يَتَدَبَّرُوا القُرْآنَ لِيَعْلَمُوا بِما فِيهِ مِن وُجُوهِ الإعْجازِ أنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّهِمْ فَيُؤْمِنُوا بِهِ، و«أمْ» في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أمْ جاءَهم ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الأوَّلِينَ﴾ مُنْقَطِعَةٌ، وما فِيها مِن مَعْنى بَلْ لِلْإضْرابِ والِانْتِقالِ مِنَ التَّوْبِيخِ بِما ذُكِرَ إلى التَّوْبِيخِ بِآخِرَ، والهَمْزَةُ لِإنْكارِ الوُقُوعِ لا لِإنْكارِ الواقِعِ أيْ بَلْ أجاءَهم مِنَ الكِتابِ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الأوَّلِينَ حَتّى اسْتَبْعَدُوهُ فَوَقَعُوا فِيما وقَعُوا فِيهِ مِنَ الكُفْرِ والضَّلالِ بِمَعْنى أنَّ مَجِيءَ الكُتُبِ مِن جِهَتِهِ تَعالى إلى الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ لِيُنْذِرُوا بِها النّاسَ سُنَّةً قَدِيمَةً لَهُ تَعالى لا تَكادُ تُنْكِرُ وأنَّ مَجِيءَ القُرْآنِ عَلى طَرِيقَتِهِ فَمِمَّ يُنْكِرُونَهُ، وقِيلَ: المَعْنى أفَلَمْ يَتَدَبَّرُوا القُرْآنَ لِيَخافُوا عِنْدَ تَدَبُّرِ آياتِهِ وأقاصِيصِهِ مِثْلَ ما نَزَلْ بِمَن قَبْلَهم مِنَ المُكَذِّبِينَ أمْ جاءَهم مِنَ الأمْنِ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الأوَّلِينَ حِينَ خافُوا اللَّهَ تَعالى فَآمَنُوا بِهِ وبِكُتُبِهِ ورُسُلِهِ وأطاعُوهُ فالمُرادُ بِآبائِهِمُ المُؤْمِنُونَ كَإسْماعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ وعَدْنانَ وقَحْطانَ، وكَأنَّ وصْفَهم بِالأوَّلِينَ عَلى هَذا الإخْراجِ الأقْرَبِينَ. (p-51)وفِي الخَبَرِ ««لا تَسُبُّوا مُضَرَ ورَبِيعَةَ فَإنَّهُما كانا مُسْلِمَيْنِ ولا تَسُبُّوا قَسًّا فَإنَّهُ كانَ مُسْلِمًا ولا تَسُبُّوا الحارِثَ بْنَ كَعْبٍ ولا أسَدَ بْنَ خُزَيْمَةَ ولا تَمِيمَ بْنَ مَرٍّ فَإنَّهم كانُوا عَلى الإسْلامِ وما شَكَكْتُمْ في شَيْءٍ فَلا تَشُكُّوا في أنَّ تَبَعًا كانَ مُسْلِمًا»» ورُوِيَ أنَّ ضَبَّةَ بْنَ أدٍّ كانَ مُسَلِّمًا وكانَ عَلى شُرْطَةِ سُلَيْمانَ بْنِ داوُدَ عَلَيْهِما السَّلامُ. وفِي الكَشْفِ أنَّ جَعْلَ فائِدَةِ التَّدَبُّرِ اسْتِعْقابُ العِلْمِ فالهَمْزَةُ في المُنْقَطِعَةِ لِلتَّقْرِيرِ وإثْباتِ أنَّهم مُصِرُّونَ عَلى التَّقْلِيدِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَتَدَبَّرُوا ولَمْ يَعْلَمُوا، وإنْ جَعَلْتَ الِاعْتِبارَ والخَوْفَ فالهَمْزَةُ فِيها لِلْإنْكارِ أوِ التَّقْرِيرِ تَهَكُّمًا اهْـ فَتَدَبَّرْ، ثُمَّ لا يَخْفى أنَّ إسْنادَ المَجِيءِ إلى الأمْنِ غَيْرُ ظاهِرٍ ظُهُورَ إسْنادِهِ إلى الكِتابِ وبِهَذا تَنْحَطُّ دَرَجَةُ هَذا الوَجْهِ عَنِ الوَجْهِ الأوَّلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب