الباحث القرآني

﴿ولَقَدْ آتَيْنا﴾ بَعْدَ إهْلاكِهِمْ وإنْجاءِ بَنِي إسْرائِيلَ مِن مَمْلَكَتِهِمْ ﴿مُوسى الكِتابَ﴾ أيِ التَّوْراةُ، وحَيْثُ كانَ إيتاؤُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ إيّاها لِإرْشادِ قَوْمِهِ إلى الحَقِّ كَما هو شَأْنُ الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ جَعَلُوا كَأنَّهم أُوتُوها فَقِيلَ: ﴿لَعَلَّهم يَهْتَدُونَ﴾ أيْ إلى طَرِيقِ الحَقِّ عِلْمًا وعَمَلًا لِما تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الِاعْتِقادِيّاتِ والعَمَلِيّاتِ. وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ الكَلامُ عَلى تَقْدِيرِ مُضافٍ أيْ أتَيْنا قَوْمَ مُوسى وضَمِيرُ ﴿لَعَلَّهُمْ﴾ عائِدٌ عَلَيْهِ، وقِيلَ أُرِيدَ بِمُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ قَوْمَهُ كَما يُقالُ تَمِيمٌ وثَقِيفٌ لِلْقَبِيلَةِ وتَعَقَّبَ بِأنَّ المَعْرُوفَ في مَثَلِهِ إطْلاقُ أبِي القَبِيلَةِ عَلَيْهِمْ وإطْلاقُ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ عَلى قَوْمِهِ لَيْسَ مِن هَذا القَبِيلِ وإنْ كانَ لا مانِعَ مِنهُ، ولَمْ يَجْعَلْ ضَمِيرَ ﴿لَعَلَّهُمْ﴾ لِفِرْعَوْنَ ومَلَئِهِ لِظُهُورِ أنَّ التَّوْراةَ إنَّما نَزَلَتْ بَعْدَ إغْراقِهِمْ لِبَنِي إسْرائِيلَ وقَدْ يَسْتَشْهِدُ عَلى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَقَدْ آتَيْنا مُوسى الكِتابَ مِن بَعْدِ ما أهْلَكْنا القُرُونَ الأُولى﴾ [القِصَصُ: 43] بِناءً عَلى أنَّ المُرادَ بِالقُرُونِ الأُولى ما يَعُمُّ فِرْعَوْنَ وقَوْمَهُ ومَن قَبْلَهم مِنَ المُهْلَكِينَ كَقَوْمِ نُوحٍ وهُودٍ لا ما يَخُصُّ مِن قَبْلَهم مِنَ الأُمَمُ المُهْلَكِينَ لِأنَّ تَقْيِيدَ الأخْبارِ بِإتْيانِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ الكِتابُ بِأنَّهُ بَعْدَ إهْلاكِ مَن تَقَدَّمَ مِنَ الأُمَمِ مَعْلُومٌ فَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِرْعَوْنُ وقَوْمُهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فائِدَةٌ كَما قِيلَ، ولَمْ يَذْكُرْ هارُونُ مَعَ مُوسى عَلَيْهِما السَّلامُ اقْتِصارًا عَلى مَن هو كالأصْلِ في الإيتاءِ، وقِيلَ لِأنَّ الكِتابَ نَزَلَ بِالطَّوْرِ وهارُونُ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ غائِبًا مَعَ بَنِي إسْرائِيلَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب