الباحث القرآني

﴿وشَجَرَةً﴾ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلى ﴿جَنّاتٍ﴾، وقُرِئَ بِالرَّفْعِ عَلى أنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، والأوْلى تَقْدِيرُهُ مُقَدَّمًا أيْ أنْشَأْنا لَكم شَجَرَةً ﴿تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْناءَ﴾ وهو جَبَلُ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ الَّذِي ناجى رَبَّهُ سُبْحانَهُ عِنْدَهُ وهو بَيْنَ مِصْرَ وأيَلَةَ، ويُقالُ لَها اليَوْمَ العَقَبَةُ، وقِيلَ بِفِلَسْطِينَ مِن أرْضِ الشّامِ، ويُقالُ لَهُ طُورُ سِينِينَ، وجُمْهُورُ العَرَبِ عَلى فَتْحِ سِينِ سَيْناءَ والمَدُّ. وبِذَلِكَ قَرَأ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ ويَعْقُوبُ وأكْثَرُ السَّبْعَةِ هو اسْمٌ لِلْبُقْعَةِ والطُّورُ اسْمٌ لِلْجَبَلِ المَخْصُوصِ أوْ لِكُلِّ جَبَلٍ وهو مُضافٌ إلى ﴿سَيْناءَ﴾ كَما أجْمَعُوا عَلَيْهِ، ويُقْصَدُ تَنْكِيرُهُ عَلى الأوَّلِ كَما في سائِرِ الأعْلامِ إذا أُضِيفَتْ وعَلى الثّانِي يَكُونُ طُورُ سَيْناءَ كَمَنارَةِ المَسْجِدِ. وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ كامْرِئِ القَيْسِ بِمَعْنى أنَّهُ جَعَلَ مَجْمُوعَ المُضافِ والمُضافَ إلَيْهِ عِلْمًا عَلى ذَلِكَ العِلْمِ، وقِيلَ سَيْناءُ اسْمٌ لِحِجارَةٍ بِعَيْنِها أُضِيفَ الجَبَلُ إلَيْها لِوُجُودِها عِنْدَهُ. ورُوِيَ هَذا عَنْ مُجاهِدٍ وفي الصِّحاحِ طُورُ سَيْناءَ جَبَلٌ بِالشّامِ وهو طُورٌ أُضِيفَ إلى سَيْناءَ وهو شَجَرٌ وقِيلَ هو اسْمُ الجَبَلِ والإضافَةُ مِن إضافَةِ العامُ الى الخاصِّ كَما في جَبَلِ أُحُدٍ. وحُكِيَ هَذا القَوْلُ في البَحْرِ عَنِ الجُمْهُورِ لَكِنْ صُحِّحَ القَوْلُ بِأنَّهُ اسْمُ البُقْعَةِ وهو مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْألِفِ (p-22)المَمْدُودَةِ فَوَزْنُهُ فَعْلاءُ كَصَحْراءَ، وقِيلَ: مُنِعَ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ والعُجْمَةِ، وقِيلَ: لِلْعَلَمِيَّةِ والتَّأْنِيثِ بِتَأْوِيلِ البُقْعَةِ ووَزْنُهُ فَيُعالُ لا فَعِلالَ إذْ لا يُوجَدُ هَذا الوَزْنِ في غَيْرِ المُضاعَفِ في كَلامُ العَرَبِ إلّا نادِرًا كَخَزْعالٍ لِظَلْعِ الإبِلِ حَكاهُ الفِراءُ ولَمْ يُثْبِتْهُ أبُو البَقاءِ والأكْثَرُونَ عَلى أنَّهُ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ بَلْ هو إمّا نَبَطِيٌّ أوْ حَبَشِيٌّ وأصْلُ مَعْناهُ الحَسَنُ أوِ المُبارَكُ، وجَوَّزَ بَعْضٌ أنْ يَكُونَ عَرَبِيًّا مِنَ السَّناءِ بِالمَدِّ وهو الرِّفْعَةُ أوِ السِّنا بِالقَصْرِ وهو النُّورُ. وتَعَقَّبَهُ أبُو حَيّانَ بِأنَّ المادَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتانِ لِأنَّ عَيْنَ السَّناءِ أوِ السِّنا نُونٌ وعَيْنُ سَيْناءَ ياءٌ. ورَدَّ بِأنَّ القائِلَ بِذَلِكَ يَقُولُ إنَّهُ فَيُعالُ ويَجْعَلُ عَيْنَهُ النُّونَ وياءَهُ مَزِيدَةً وهَمْزَتَهُ مُنْقَلِبَةً عَنْ واوٍ، الحُرْمَيانُ وأبُو عَمْرٍو والحَسَنُ «سِيناءُ» بِكَسْرِ السِّينِ والمَدِّ وهي لُغَةٌ لِبَنِي كِنانَةَ وهو أيْضًا مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْألِفِ المَمْدُودَةِ عِنْدَ الكُوفِيِّينَ لِأنَّهم يُثْبِتُونَ أنَّ هَمْزَةَ فَعْلاءَ تَكُونُ لِلتَّأْنِيثِ: وعِنْدَ البَصْرِيِّينَ مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ والعُجْمَةِ أوِ العَلَمِيَّةِ والتَّأْنِيثِ لِأنَّ ألِفَ فَعْلاءَ عِنْدِهِمْ لا تَكُونُ لِلتَّأْنِيثِ بَلْ لِلْإلْحاقِ بِفَعْلالٍ كَعِلْباءَ وحِزْباءَ وهو مُلْحَقٌ بِقِرْطاسٍ وسَرْداحٍ وهَمْزَتُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ واوٍ أوْ ياءٍ لِأنَّ الإلْحاقَ يَكُونُ بِهِما، وقالَ أبُو البَقاءِ: هَمْزَةُ سِيناءَ بِالكَسْرِ أصْلٌ مِثْلُ حِمْلاقٍ ولَيْسَتْ لِلتَّأْنِيثِ إذْ لَيْسَ في الكَلامِ مِثْلَ حَمْراءَ والياءُ أصْلٌ إذْ لَيْسَ في الكَلامِ سَناءٍ، وجَوَّزَ بَعْضُهم أنْ يَكُونَ فَيْعالًا كَدِيماسٍ، وقَرَأ الأعْمَشُ «سِينا» بِالفَتْحِ والقَصْرِ، وقُرِئَ «سَناءُ» بِالكَسْرِ والقَصْرِ فَألِفُهُ لِلتَّأْنِيثِ إنْ لَمْ يَكُنْ أعْجَمِيًّا، والمُرادُ بِهَذِهِ الشَّجَرَةِ شَجَرَةُ الزَّيْتُونِ وتَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ مِن بَيْنِ سائِرِ الأشْجارِ لِاسْتِقْلالِها بِمَنافِعَ مَعْرُوفَةٍ. وقَدْ قِيلَ هي أوَّلُ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ بَعْدَ الطُّوفانِ وتُعَمَّرُ كَثِيرًا، فَفي التَّذْكِرَةِ أنَّها تَدُومُ ألْفَ عامٍ ولا تَبْعُدُ صِحَّتَهُ لَكِنَّ عِلَلَهُ بِقَوْلِهِ: لِتَعَلُّقِها بِالكَوْكَبِ العالِي وهو بَعِيدُ الصِّحَّةِ. وفي تَفْسِيرِ الخازِنِ قِيلَ تَبْقى ثَلاثَةَ آلافِ سَنَةً وتَخْصِيصُها بِالوَصْفِ بِالخُرُوجِ مِنَ الطُّورِ مَعَ خُرُوجِها مِن سائِرِ البِقاعِ أيْضًا وأكْثَرُ ما تَكُونُ في المَواضِعِ الَّتِي زادَ عَرْضُها عَلى مَيْلِها واشْتَدَّ بَرْدُها وكانَتْ جَبَلِيَّةً ذا تُرْبَةٍ بَيْضاءَ أوْ حَمْراءَ لِتَعْظِيمِها أوْ لِأنَّهُ المَنشَأُ الأصْلِيُّ لَها. ولَعَلَّ جَعْلَهُ لِلتَّعْظِيمِ أوْلى فَيَكُونُ هَذا مَدْحًا لَها بِاعْتِبارِ مَكانِها. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ مَدْحًا لَها بِاعْتِبارِ ما هي عَلَيْهِ في نَفْسِها، والباءُ لِلْمُلابَسَةِ والمُصاحَبَةِ مِثْلِها في قَوْلِكَ: جاءَ بِثِيابِ السَّفَرِ وهي مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِن ضَمِيرِ الشَّجَرَةِ أيْ تُنْبِتُ مُلْتَبِسَةٌ بِالدُّهْنِ وهو عُصارَةُ كُلِّ ما فِيهِ دَسَمٌ، والمُرادُ بِهِ هُنا الزَّيْتُ ومُلابَسَتُها بِهِ بِاعْتِبارِ مُلابَسَةِ ثَمَرِها فَإنَّهُ المَلابِسُ لَهُ في الحَقِيقَةِ. وجَوَّزَ أنْ تَكُونَ الباءُ مُتَعَلِّقَةً بِالفِعْلِ مَعِدِيَّةً لَهُ كَما في قَوْلِكَ: ذَهَبْتُ بِزَيْدٍ كَأنَّهُ قِيلَ: تَنْبُتُ الدُّهْنَ بِمَعْنى تَتَضَمَّنُهُ وتُحَصِّلُهُ، ولا يَخْفى أنَّ هَذا وإنْ صَحَّ إلّا أنَّ إنْباتَ الدُّهْنِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ في الِاسْتِعْمالِ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو وسَلامٌ وسَهْلٌ ورُوَيْسٌ والجَحْدَرِيُّ «تُنْبِتُ» بِضَمُ التّاءِ المُثَنّاةِ مِن فَوْقُ وكَسْرِ الباءِ عَلى أنَّهُ مِن بابِ الأفْعالِ، وخَرَجَ ذَلِكَ عَلى أنَّهُ مِن أنْبَتَ بِمَعْنى نَبَتَ فالهَمْزَةُ فِيهِ لَيْسَتْ لِلتَّعْدِيَةِ وقَدْ جاءَ كَذَلِكَ في قَوْلِ زُهَيْرٍ: ؎رَأيْتُ ذَوِي الحاجاتِ حَوْلَ بُيُوتِهِمْ قِطَّيْنا لَهم حَتّى إذا أنْبَتَ البَقْلَ وأنْكَرَ ذَلِكَ الأصْمَعِيُّ وقالَ: إنَّ الرِّوايَةَ في البَيْتِ نَبْتٌ بِدُونِ هَمْزَةٍ مَعَ أنَّهُ يُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ هَمْزَةً أنْبُتُ فِيهِ إنْ كانَتْ لِلتَّعْدِيَةِ بِتَقْدِيرِ مَفْعُولٍ أيْ أنْبَتَ البَقْلُ ثَمَرَهُ أوْ ما يَأْكُلُونَ، ومِنهم مَن خَرَجَ ما في الآيَةِ عَلى ذَلِكَ وقالَ: التَّقْدِيرُ تُنْبِتُ زَيْتُونَها بِالدُّهْنِ، والجارُّ والمَجْرُورُ عَلى هَذا في مَوْضِعِ الحالِ مِنَ المَفْعُولِ أوْ مِنَ الضَّمِيرِ (p-23)المُسْتَتِرِ في الفِعْلِ وقِيلَ: الباءُ زائِدَةٌ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تُلْقُوا بِأيْدِيكم إلى التَّهْلُكَةِ﴾ [البَقَرَةُ: 195] ونِسْبَةُ الإنْباتِ إلى الشَّجَرَةِ بَلْ وإلى الدُّهْنِ مَجازِيَّةٌ قالَ الخَفاجِيُّ: ويُحْتَمَلُ تَعْدِيَةُ أنْبُتُ بِالباءِ لِمَفْعُولٍ ثانٍ. وقَرَأ الحَسَنُ والزَّهْرِيُّ وابْنُ هُرْمُزَ «تُنْبِتُ» بِضَمِّ أوَّلِهِ وفَتْحِ ما قَبْلَ آخِرِهِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ والجارُّ والمَجْرُورُ في مَوْضِعِ الحالِ، وقَرَأ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ «تُنْبِتُ» مِنَ الأفْعالِ «الدُّهْنِ» بِالنَّصْبِ وقَرَأ سُلَيْمانُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ والأشْهَبُ «بِالدِّهانِ» جَمْعُ دُهْنٍ كَرِماحٍ جَمْعُ رُمْحٍ، وما رَوَوْا مِن قِراءَةِ عَبْدِ اللَّهِ تُخْرِجُ الدُّهْنَ وقِراءَةُ أُبَيٍّ تُثْمِرُ بِالدُّهْنِ مَحْمُولٌ عَلى التَّفْسِيرِ ما في البَحْرِ لِمُخالَفَتِهِ سَوادِ المُصْحَفِ المُجَمَعِ عَلَيْهِ ولِأنَّ الرِّوايَةَ الثّابِتَةَ عَنْهُما كَقِراءَةِ الجُمْهُورِ. ﴿وصِبْغٍ لِلآكِلِينَ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى الدُّهْنِ، ومُغايَرَتُهُ لَهُ الَّتِي يَقْتَضِيها العَطْفُ بِاعْتِبارِ المَفْهُومِ وإلّا فَذاتُهُما واحِدَةٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ المُفَسِّرِينَ، وقَدْ جاءَ كَثِيرًا تَنْزِيلُ تَغايُرِ المَفْهُومَيْنِ مَنزِلَةَ تَغايُرِ الذّاتَيْنِ، ومِنهُ قَوْلُهُ: ؎إلى المَلِكِ القَرِمِ وابْنُ الهُمامِ ∗∗∗ ولَيْثُ الكَتِيبَةِ في المُزْدَحِمِ والمَعْنى تَنْبُتُ بِالشَّيْءِ الجامِعِ بَيْنَ كَوْنِهِ دُهْنٌ يُدْهَنُ بِهِ ويُسْرَجُ مِنهُ وكَوْنُهُ إدامًا يَصْبُغُ فِيهِ الخُبْزُ أيْ يَغْمِسُ لِلِائْتِدامِ قالَ في المَغْرِبِ يُقالُ: صَبَغَ الثَّوْبَ بِصَبْغٍ حَسَنٍ وصَبّاغٍ ومِنهُ الصَّبْغُ والصَّبّاغُ مِنَ الإدامِ لِأنَّ الخُبْزَ يَغْمِسُ فِيهِ ويُلَوَّنُ بِهِ كالخَلِّ والزَّيْتِ، وظاهِرُ هَذا اخْتِصاصُهُ بِكُلِّ إدامٍ مائِعٍ وبِهِ صَرْحٌ في المِصْباحِ. وصَرَّحَ بَعْضُهم بِأنَّ إطْلاقَ الصَّبْغِ عَلى ذَلِكَ مَجازٌ، ولَعَلَّ في كَلامُ المَغْرِبِ نَوْعُ إشارَةٍ إلَيْهِ ورَوِيٍّ عَنْ مُقاتِلٍ أنَّهُ قالَ: الدُّهْنُ الزَّيْتُ والصَّبْغُ الزَّيْتُونُ وعَلى هَذا يَكُونُ العَطْفُ مِن عَطْفِ المُتَغايِرَيْنِ ذاتًا وهو الأكْثَرُ في العَطْفِ، ولا بُدَّ أنْ يُقالَ عَلَيْهِ: إنَّ الصَّبْغَ الإدامُ مُطْلَقًا وهو ما يُؤْكَلُ تَبَعًا لِلْخُبْزِ في الغالِبِ مائِعًا كانَ أمْ جامِدًا والزَّيْتُونُ أكْثَرُ ما يَأْكُلُهُ الفُقَراءُ في بِلادِنا تَبَعًا لِلْخُبْزِ والأغْنِياءُ يَأْكُلُونَهُ تَبَعًا لِنَحْوِ الأُرْزِ وقَلَّما يَأْكُلُونَهُ تَبَعًا لِلْخُبْزِ، وأنا مَشْغُوفٌ بِهِ مُذُّ أنا يافِعٌ فَكَثِيرًا ما آكُلُهُ تَبَعًا واسْتِقْلالًا، وأمّا الزَّيْتُ فَلَمْ أرَ في أهْلِ بَغْدادَ مَنِ اصْطَبَغَ مِنهُ وشَذَّ مَن أكَلَ مِنهم طَعامًا وهو فِيهِ وأكْثَرُهم يَعْجَبُ مِمَّنْ يَأْكُلُهُ ومَنشَأُ ذَلِكَ قِلَّةُ وجُودِهِ عِنْدَهم وعَدَمُ الفَهْمِ لَهُ فَتَعافُهُ نُفُوسُهُمْ، وقَدْ كُنْتُ قَدِيمًا تَعافُهُ نَفْسِي وتَدْرِيجًا ألِفَتْهُ والحَمْدُ لِلَّهِ تَعالى، فَقَدْ كانَ ﷺ يَأْكُلُهُ. وصَحَّ «أنَّهُ ﷺ طُبِخَ لَهُ لِسانَ شاةٍ بِزَيْتٍ فَأكَلَ مِنهُ». وأخْرَجَ أبُو نَعِيمٍ في الطِّبِّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «كُلُوا الزَّيْتَ وادَّهِنُوا بِهِ فَإنَّهُ شِفاءٌ مِن سَبْعِينَ داءً مِنها الجُذامُ»» وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ في الأطْعِمَةِ عَنْ عُمْرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ مَرْفُوعًا ««كُلُوا الزَّيْتَ وادْهِنُوا بِهِ فَإنَّهُ يَخْرُجُ مِن شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ»» لَكِنْ قالَ بَعْضُهُمْ: هَذا الأمْرُ لِمَن قَدَرَ عَلى اسْتِعْمالِهِ ووافَقَ مِزاجَهُ وهو كَذَلِكَ فَلا اعْتِراضَ عَلى مَن لَمْ يُوافِقْ مِزاجَهُ في عَدَمِ اسْتِعْمالِهِ بَلِ الظّاهِرُ حُرْمَةُ اسْتِعْمالِهِ عَلَيْهِ إنْ أضَرَّ بِهِ كَما قالُوا بِحُرْمَةِ اسْتِعْمالِ الصَّفْراوِيِّ لِلْعَسَلِ ولا فَرْقَ في ذَلِكَ بَيْنَ الأكْلِ والِادِّهانِ فَإنَّ الادِّهانَ بِهِ قَدْ يَضُرُّ كالأكْلِ، قالَ ابْنُ القَيِّمِ: الدُّهْنُ في البِلادِ الحارَّةِ كالحِجازِ مِن أسْبابِ حِفْظِ الصِّحَّةِ وإصْلاحِ البَدَنِ وهو كالضَّرُورِيِّ لِأهْلِها وأمّا في البِلادِ البارِدَةِ فَضارٌّ وكَثْرَةُ دَهْنِ الرَّأْسِ بِالزَّيْتِ فِيها فِيهِ خَطَرٌ عَلى البَصَرِ انْتَهى. وقَرَأ عامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ «وصِباغًا» وهو بِمَعْنى صَبْغٍ كَما مَرَّتْ إلَيْهِ الإشارَةُ ومِنهُ دَبْغٌ ودَبّاغٌ ونُصْبُهُ بِالعَطْفِ عَلى مَوْضِعِ ﴿بِالدُّهْنِ﴾ وفي تَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ وقَرَأ عامِرُ بْنُ عَبْدِ قِيسٍ ومَتاعًا لِلْآكِلِينَ وهو مَحْمُولٌ عَلى التَّفْسِيرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب