الباحث القرآني
﴿أُولَئِكَ﴾ إشارَةٌ إلى المُؤْمِنِينَ بِاعْتِبارِ اتِّصافِهِمْ بِما ذَكَرَ مِنَ الصِّفاتِ وإيثارِها عَلى الإضْمارِ لِلْإشْعارِ بِامْتِيازِهِمْ بِها عَنْ غَيْرِهِمْ ونُزُولِهِمْ مَنزِلَةَ المُشارِ إلَيْهِمْ حِسًّا، وما فِيهِ مِن مَعْنى البُعْدِ لِلْإيذانِ بِعُلُوِّ طَبَقَتِهِمْ وبُعْدَ دَرَجَتِهِمْ في الفَضْلِ والشَّرَفِ أيْ أُولَئِكَ المَنعُوتُونَ بِالنُّعُوتِ الجَلِيلَةِ المَذْكُورَةِ ﴿هُمُ الوارِثُونَ﴾ أيِ الأحِقّاءُ أنْ يُسَمَّوْا وُرّاثًا دُونَ مَن عَداهم مِمَّنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِتِلْكَ الصِّفاتِ مِنَ المُؤْمِنِينَ، وقِيلَ: مِمَّنْ ورِثَ رَغائِبَ الأمْوالِ والذَّخائِرِ وكَرائِمِها.
﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ﴾ صِفَةٌ كاشِفَةٌ أوْ عَطْفُ بَيانٍ أوْ بَدَلٌ، وإيّا ما كانَ فَفِيهِ بَيانٌ لِما يَرِثُونَهُ وتَقْيِيدٌ لِلْوِراثَةِ بَعْدَ إطْلاقِها تَفْخِيمًا لَها وتَأْكِيدًا، والفِرْدَوْسُ أعْلى الجِنانِ،
أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ والتِّرْمِذِيُّ وقالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ «أنَّ الرَّبِيعَ بِنْتَ نُضَيْرٍ أتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وكانَ ابْنُها الحارِثُ بْنُ سُراقَةَ أُصِيبَ يَوْمَ بَدْرٍ أصابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَقالَتْ: أخْبِرْنِي عَنْ حارِثَةَ فَإنْ كانَ أصابَ الجَنَّةَ احْتَسَبْتُ وصَبَرْتُ وإنْ كانَ لَمْ يَصُبِ الجَنَّةَ اجْتَهَدْتُ في الدُّعاءِ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إنَّها جَنانٌ في جَنَّةٍ وإنَّ ابْنَكِ أصابَ الفِرْدَوْسَ الأعْلى والفِرْدَوْسُ رَبْوَةُ الجَنَّةِ وأوْسَطُها وأفْضَلُها»»
وعَلى هَذا لا إشْكالَ في الحَصْرِ عَلى ما أشَرْنا إلَيْهِ أوَّلًا فَإنَّ غَيْرَ المُتَّصِفِ بِما ذَكَرَ مِنَ الصِّفاتِ وإنْ دَخَلَ الجَنَّةَ لا يَرِثُ الفِرْدَوْسَ الَّتِي هي أفْضَلُها، وبِتَقْدِيرِ إرْثِهِ إيّاها فَهو لَيْسَ حَقِيقًا بِأنْ يُسَمّى وارِثًا لِما أنَّ ذَلِكَ إنَّما يَكُونُ في الأغْلَبِ بَعْدَ كَدٍّ ونَصْبٍ، وإرْثُهم إيّاها مِنَ الكُفّارِ حَيْثُ فَوَّتُوها عَلى أنْفُسِهِمْ لِأنَّهُ تَعالى خَلَقَ لِكُلٍّ مَنزِلًا في الجَنَّةِ ومَنزِلًا في النّارِ.
أخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ ماجَّةَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وغَيْرُهم عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «ما مِنكم مِن أحَدٍ إلّا ولَهُ مَنزِلانِ مَنزِلٌ في الجَنَّةِ ومَنزِلٌ في النّارِ فَإذا ماتَ فَدَخَلَ النّارَ ورِثَ أهْلُ الجَنَّةِ مَنزَلَهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الوارِثُونَ﴾»»
وقِيلَ الإرْثُ اسْتِعارَةٌ لِلِاسْتِحْقاقِ وفي ذَلِكَ مِنَ المُبالَغَةِ ما فِيهِ لِأنَّ الإرْثَ أقْوى أسْبابِ المُلْكِ، واخْتِيرَ الأوَّلُ لِأنَّهُ تَفْسِيرُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى ما صَحَّحَهُ القُرْطُبِيُّ ﴿هم فِيها﴾ أيْ في الفِرْدَوْسِ وهو عَلى ما ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ مِمّا يُؤَنَّثُ ويُذَكَّرُ.
وذَكَرَ بَعْضُهم أنَّ التَّأْنِيثَ بِاعْتِبارِ أنَّهُ اسْمٌ لِلْجَنَّةِ أوْ لِطَبَقَتِها العُلْيا، وقَدْ تَقَدَّمَ لَكَ تَمامُ الكَلامِ في الفِرْدَوْسِ.
﴿خالِدُونَ﴾ لا يَخْرُجُونَ مِنها أبَدًا، والجُمْلَةُ إمّا مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِما قَبْلَها وإمّا حالٌ مُقَدَّرَةٌ مِن فاعِلِ ﴿يَرِثُونَ﴾ أوْ مَفْعُولَةٌ كَما قالَ أبُو البَقاءِ إذْ فِيها ذُكِرَ كُلٌّ مِنهُما، ومَعْنى الكَلامِ لا يَمُوتُونَ ولا يَخْرُجُونَ مِنها.
{"ayahs_start":10,"ayahs":["أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡوَ ٰرِثُونَ","ٱلَّذِینَ یَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ"],"ayah":"ٱلَّذِینَ یَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











