الباحث القرآني

قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿يَعْلَمُ ما بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ﴾ لِأنَّهُ كالتَّفْسِيرِ لِذَلِكَ، ولَعَلَّ الأوَّلَ أوْلى، وهَذا تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ، وضَمِيرُ الجَمْعِ لِلْمُكَلَّفِينَ عَلى ما قِيلَ: أيْ يَعْلَمُ مُسْتَقْبَلَ أحْوالِهِمْ وماضِيَها، وعَنِ الحَسَنِ أوَّلُ أعْمالِهِمْ وآخِرُها، وعَنْ عَلِيِّ بْنِ عِيسى أنَّ الضَّمِيرَ لِرُسُلِ المَلائِكَةِ والنّاسِ والمَعْنى عِنْدَهُ يَعْلَمُ ما كانَ قَبْلَ خَلْقِ الرُّسُلِ وما يَكُونُ بَعْدَ خَلْقِهِمْ ﴿وإلى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ كُلِّها لا إلى غَيْرِهِ سُبْحانَهُ لا اشْتِراكًا ولا اسْتِقْلالًا لِأنَّهُ المالِكُ لَها بِالذّاتِ فَلا يُسْألُ جَلَّ وعَلا عَمّا يَفْعَلُ مِنَ الِاصْطِفاءِ وغَيْرِهِ كَذا قِيلَ، ويُعْلَمُ مِنهُ أنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي﴾ إلَخْ وكَذا وجْهُ الِارْتِباطِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ( يَعْلَمُ ) إلَخْ عَلى مَعْنى وإلَيْهِ تَعالى تَرْجِعُ الأُمُورُ يَوْمَ القِيامَةِ فَلا أمْرَ ولا نَهْيَ لِأحَدٍ سِواهُ جَلَّ شَأْنُهُ هُناكَ فَيُجازِي كُلًّا حَسْبَما عُلِمَ مِن أعْمالِهِ ولَعَلَّهُ أوْلى مِمّا تَقَدَّمُ ويُمْكِنُ أنْ يُقالَ هو مُرْتَبِطٌ بِما ذُكِرَ لَكِنْ عَلى طَرْزٍ آخَرَ وهو أنْ يَكُونَ إشارَةً إلى تَعْمِيمٍ آخَرَ لِلْعِلْمِ أيْ إلَيْهِ تَعالى تَرْجِعُ الأُمُورُ كُلُّها لِأنَّهُ سُبْحانَهُ هو الفاعِلُ لَها جَمِيعًا بِواسِطَةٍ وبِلا واسِطَةٍ أوْ بِلا واسِطَةٍ في الجَمِيعِ عَلى ما يَقُولُهُ الأشْعَرِيُّ فَيَكُونُ سُبْحانَهُ عالِمًا بِها. ووَجْهُ ذَلِكَ عَلى ما قَرَّرَهُ بَعْضُهم أنَّهُ تَعالى عالِمٌ بِذاتِهِ عَلى أتَمِّ وجْهٍ وذاتُهُ تَعالى عِلَّةٌ مُقْتَضِيَةٌ لِما سِواهُ والعِلْمُ التّامُّ بِالعِلَّةِ أوْ بِجِهَةِ كَوْنِها عِلَّةً يَقْتَضِي العِلْمَ التّامَّ بِمَعْلُولِها فَيَكُونُ عِلْمُهُ تَعالى بِجَمِيعِ ما عَداهُ لازِمًا لِعِلْمِهِ بِذاتِهِ كَما أنَّ وُجُودَ ما عَداهُ تابِعٌ لِوُجُودِ ذاتِهِ سُبْحانَهُ وفي ذَلِكَ بَحْثٌ طَوِيلٌ عَرِيضٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب