الباحث القرآني
﴿وإذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا﴾ عَطْفٌ عَلى ( يَعْبُدُونَ ) وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ، وصِيغَةُ المُضارِعِ لِلدَّلالَةِ عَلى الِاسْتِمْرارِ التَّجَدُّدِيِّ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿بَيِّناتٍ﴾ حالٌ مِنَ الآياتِ أيْ واضِحاتِ الدَّلالَةِ عَلى العَقائِدِ الحَقَّةِ والأحْكامِ الصّادِقَةِ أوْ عَلى بُطْلانِ ما هم عَلَيْهِ مِن عِبادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعالى ﴿تَعْرِفُ في وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أيْ في وُجُوهِهِمْ، والعُدُولُ عَلى نَحْوِ ما تَقَدَّمَ، والخِطابُ إمّا لِسَيِّدِ المُخاطَبِينَ ﷺ أوْ لِمَن يَصِحُّ أنْ يُعَرَّفَ كائِنًا مَن كانَ ﴿المُنْكَرَ﴾ أيِ الإنْكارُ عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ، والمُرادُ عَلامَةُ الإنْكارِ أوِ الأمْرُ المُسْتَقْبَحُ مِنَ التَّجَهُّمِ والبُسُورِ والهَيْئاتِ الدّالَّةِ عَلى ما يَقْصِدُونَهُ وهو الأنْسَبُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا﴾ (p-200)أيْ يَثِبُونَ ويَبْطِشُونَ بِهِمْ مِن فَرْطِ الغَيْظِ والغَضَبِ لِأباطِيلَ أخَذُوها تَقْلِيدًا، ولا يَخْفى ما في ذَلِكَ مِنَ الجَهالَةِ العَظِيمَةِ، وكانَ المُرادُ أنَّهم طُولَ دَهْرِهِمْ يُقارِبُونَ ذَلِكَ وإلّا فَقَدَ سَطَوْا في بَعْضِ الأوْقاتِ بِبَعْضِ الصَّحابَةِ التّالِينَ كَما في البَحْرِ، والجُمْلَةُ في مَوْقِعِ الحالِ مِنَ المُضافِ إلَيْهِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ مِنَ الوُجُوهِ عَلى أنَّ المُرادَ بِها أصْحابُها ولَيْسَ بِالوَجْهِ.
وقَرَأ عِيسى بْنُ عُمَرَ «يُعْرَفُ» بِالبِناءِ لِلْمَفْعُولِ «المُنْكَرُ» بِالرَّفْعِ ﴿قُلْ﴾ عَلى وجْهِ الوَعِيدِ والتَّقْرِيعِ ﴿أفَأُنَبِّئُكُمْ﴾ أيْ أُخاطِبُكم أوْ أتَسْمَعُونَ فَأُخْبِرَكم ﴿بِشَرٍّ مِن ذَلِكُمُ﴾ الَّذِي فِيكم مِن غَيْظِكم عَلى التّالِينَ وسَطْوِكم عَلَيْهِمْ أوْ مِمّا أصابَكم مِنَ الضَّجَرِ بِسَبَبِ ما تُلِي عَلَيْكم ﴿النّارُ﴾ أيْ هو أوْ هي النّارُ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ والجُمْلَةُ جَوابٌ لِسُؤالٍ مُقَدَّرٍ كَأنَّهُ قِيلَ: ما هُوَ؟ وقِيلَ هو مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وعَدَها اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وهو عَلى الوَجْهِ الأوَّلِ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ.
وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ وإبْراهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ الأعْشى وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما ( النّارُ ) بِالنَّصْبِ عَلى الِاخْتِصاصِ، وجُمْلَةُ ( وعَدَها ) إلَخْ مُسْتَأْنَفَةٌ أوْ حالٌ مِن ( النّارُ ) بِتَقْدِيرِ قَدْ أوْ بِدُونِهِ عَلى الخِلافِ، ولَمْ يُجَوِّزُوا في قِراءَةِ الرَّفْعِ الحالِيَّةَ عَلى الإعْرابِ الأوَّلِ إذْ لَيْسَ في الجُمْلَةِ ما يَصِحُّ عَمَلُهُ في الحالِ. وجُوِّزَ في النَّصْبِ أنْ يَكُونَ مِن بابِ الِاشْتِغالِ وتَكُونُ الجُمْلَةُ حِينَئِذٍ مُفَسِّرَةً. وقَرَأ ابْنُ أبِي إسْحاقَ وإبْراهِيمُ بْنُ نُوحٍ عَنْ قُتَيْبَةَ «النّارِ» بِالجَرِّ عَلى الإبْدالِ مِن شَرٍّ، وفي الجُمْلَةِ احْتِمالا الِاسْتِئْنافِ والحالِيَّةِ، والظّاهِرُ مَعْنًى أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ في «وعَدَها» هو المَفْعُولُ الثّانِي والأوَّلُ المَوْصُولُ أيْ وعَدَ الَّذِينَ كَفَرُوا إيّاها، والظّاهِرُ لَفْظًا أنْ يَكُونَ المَفْعُولُ الأوَّلُ والثّانِي المَوْصُولَ كَأنَّ النّارَ وُعِدَتْ بِالكُفّارِ لِتَأْكُلَهم ﴿وبِئْسَ المَصِيرُ﴾ النّارُ ﴿يا أيُّها النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ﴾ أيْ بُيِّنَ لَكم حالٌ مُسْتَغْرِبَةٌ أوْ قِصَّةٌ بَدِيعَةٌ رائِقَةٌ حَقِيقَةٌ بِأنْ تُسَمّى مَثَلًا وتَسِيرُ في الأمْصارِ والأعْصارِ، وعُبِّرَ عَنْ بَيانِ ذَلِكَ بِلَفْظِ الماضِي لِتَحَقُّقِ الوُقُوعِ، ومَعْنى المَثَلِ في الأصْلِ المِثْلُ ثُمَّ خُصَّ بِما شُبِّهَ بِمَوْرِدِهِ مِنَ الكَلامِ فَصارَ حَقِيقَةً ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِما ذُكِرَ، وقِيلَ المَثَلُ عَلى حَقِيقَتِهِ ( وضُرِبَ ) بِمَعْنى جَعَلَ أيْ جُعِلَ لِلَّهِ سُبْحانَهُ شَبَهٌ في اسْتِحْقاقِ العِبادَةِ وحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الأخْفَشِ، والكَلامُ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ إلى آخِرِهِ بَيانٌ لِلْمَثَلِ وتَفْسِيرٌ لَهُ عَلى الأوَّلِ وتَعْلِيلٌ لِبُطْلانِ جَعْلِهِمْ مَعْبُوداتِهِمُ الباطِلَةَ مَثَلًا لِلَّهِ تَعالى شَأْنُهُ في اسْتِحْقاقِ العِبادَةِ عَلى الثّانِي، ومِنهم مَن جَعَلَهُ عَلى ما ذَكَرْنا وعَلى ما حُكِيَ عَنِ الأخْفَشِ تَفْسِيرًا إمّا عَلى الأوَّلِ فَلِلْمَثَلِ نَفْسِهِ بِمَعْناهُ المَجازِيِّ وإمّا عَلى الثّانِي فَلِحالِ المَثَلِ بِمَعْناهُ الحَقِيقِيِّ، فَإنَّ المَعْنى جَعْلُ الكُفّارِ لِلَّهِ مَثَلًا فاسْتَمِعُوا لِحالِهِ وما يُقالُ فِيهِ، والحَقُّ الَّذِي لا يُنْكِرُهُ إلّا مُكابِرٌ أنَّ تَفْسِيرَ الآيَةِ بِما حُكِيَ فِيهِ عُدُولٌ عَنِ المُتَبادَرِ.
والظّاهِرُ أنَّ الخِطابَ في
{"ayah":"وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتُنَا بَیِّنَـٰتࣲ تَعۡرِفُ فِی وُجُوهِ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱلۡمُنكَرَۖ یَكَادُونَ یَسۡطُونَ بِٱلَّذِینَ یَتۡلُونَ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتِنَاۗ قُلۡ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرࣲّ مِّن ذَ ٰلِكُمُۚ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق