الباحث القرآني
﴿ذَلِكَ﴾ فَصْلٌ لِلْخِطابِ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ومَن عاقَبَ﴾ شُرُوعٌ في قِصَّةٍ أُخْرى لِأُولَئِكَ السّادَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿والَّذِينَ هاجَرُوا﴾ الآيَتَيْنِ اهَـ.
وتُعُقِّبَ بِأنَّ الآيَةَ تَقْتَضِي ابْتِداءً ثُمَّ جَزاءً ثُمَّ بَغْيًا ثُمَّ جَزاءً والقِصَّةُ لَمْ تَدُلَّ عَلَيْهِ إلّا أنْ يُجْعَلَ ما بَيْنَهم مِنَ التَّعادِي مُعاقَبَةً بِالمِثْلِ ويُجْعَلَ البَغْيُ مُناواتَهم لِقِتالِ المُسْلِمِينَ في الشَّهْرِ الحَرامِ وهو خِلافُ الظّاهِرِ، وأمّا المُوافَقَةُ لِتَأْلِيفِ النَّظْمِ فَعَلى ما ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أبْيَنُ لِأنَّهُ لَمّا ذَكَرَ حالَ المَقْتُولِينَ مِنهم والمَيِّتِينَ مِنهم قِيلَ الأمْرُ ذَلِكَ فِيما يَرْجِعُ إلى حالِ الآخِرَةِ وفِيما يَرْجِعُ إلى حالِ الدُّنْيا إنَّهم لَهُمُ المَنصُورُونَ لِأنَّهم بَيْنَ مُعاقِبٍ وعافٍ وكِلاهُما مَنصُورانِ أمّا الأوَّلُ فَنَصًّا وأمّا الثّانِي فَمِن فَحْوى الخِطابِ أعْنِي مَفْهُومَ المُوافَقَةِ، وفِيهِ وعِيدٌ شَدِيدٌ لِلْباغِي وأنَّهُ مَخْذُولٌ في الدّارَيْنِ مَسْلُوكٌ في قَرْنٍ مَن كانَ في مِرْيَةٍ حَتّى أتَتْهُ السّاعَةُ أوِ العَذابِ اهَـ، وهو كَلامٌ رَصِينٌ، ولا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهم: إنَّهُ أتى بِذَلِكَ لِلِاقْتِضابِ فَتَأمَّلْ، وعَنِ الضَّحّاكِ أنَّ الآيَةَ مَدَنِيَّةٌ وهي في القِصّاصِ والجِراحاتِ.
واسْتَدَلَّ بِها الشّافِعِيُّ عَلى وُجُوبِ رِعايَةِ المُماثِلَةِ في القِصّاصِ، وعِنْدَنا لا قَوَدَ إلّا بِالسَّيْفِ كَما جاءَ في الخَبَرِ والمُرادُ بِهِ السِّلاحُ وخَبَرُ «مَن غَرَّقَ غَرَّقْناهُ ومَن حَرَّقَ حَرَّقْناهُ» لَمْ يَصِحَّ وبِتَسْلِيمِ صِحَّتِهِ مَحْمُولٌ عَلى السِّياسَةِ، ويَنْبَغِي أنْ يُعْلَمَ أنَّ المُعاقَبَةَ بِالمَثَلِ عَلى الإطْلاقِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ فَإنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُعاقَبُ بِنَحْوِ يا زانِي وقَدْ قالُوا: إنَّهُ إذا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فَقالَ لا بَلْ أنْتَ زانٍ حُدَّ هو والقائِلُ الأوَّلُ فَلْيُحْفَظْ ( ذَلِكَ ) إشارَةً إلى النُّصْرَةِ المَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَيَنْصُرَنَّهُ﴾ وما فِيهِ مِن مَعْنى البُعْدِ لِلْإيذانِ بِعُلُوِّ رُتْبَتِهِ، وقِيلَ لِعَدَمِ ذِكْرِ المُشارِ إلَيْهِ صَرِيحًا، ومَحَلُّهِ الرَّفْعُ عَلى الِابْتِداءِ وخَبَرُهُ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿بِأنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ ويُولِجُ النَّهارِ في اللَّيْلَ﴾ والباءُ فِيهِ سَبَبِيَّةٌ، والسَّبَبُ ما دَلَّ عَلَيْهِ ما بَعْدُ بِطْرِيقِ اللُّزُومِ أيْ ذَلِكَ النَّصْرُ كائِنٌ لِسَبَبِ أنَّ اللَّهَ تَعالى شَأْنُهُ قادِرٌ عَلى تَغْلِيبِ بَعْضِ مَخْلُوقاتِهِ عَلى بَعْضٍ والمُداوَلَةُ بَيْنَ الأشْياءِ المُتَضادَّةِ ومِن شَأْنِهِ ذَلِكَ.
وعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِإدْخالِ أحَدِ المَلَوَيْنِ في الآخَرِ بِأنْ يَزِيدَ فِيهِ ما يَنْقُصُ مِنَ الآخَرِ كَما هو الأوْفَقُ بِالإيلاجِ أوْ بِتَحْصِيلِ أحَدِهِما في مَكانِ الآخَرِ كَما قِيلَ لا بِأنْ يَجْعَلَ بَيْنَ كُلِّ نَهارَيْنِ لَيْلًا وبَيْنَ كُلِّ لَيْلَيْنِ نَهارًا كَما قَدْ تُوُهِّمَ لِكَوْنِهِ أظْهَرَ المَوادِّ وأوْضَحَها أوْ كائِنٌ بِسَبَبِ أنَّهُ تَعالى خالِقُ اللَّيْلِ والنَّهارِ ومَصْرِفُهُما فَلا يَخْفى ما يَجْرِي فِيهِما عَلى أيْدِي عِبادِهِ مِنَ الخَيْرِ والشَّرِّ والبَغْيِ والِانْتِصارِ كَما قِيلَ، وعَلى الأوَّلِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ﴾ بِكُلِّ المَسْمُوعاتِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها ما يَقُولُ المُعاقِبُ ﴿بَصِيرٌ﴾ بِكُلِّ المُبْصِراتِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها ما يَقَعُ مِنهُ مِنَ الأفْعالِ مِن تَتِمَّةِ الحُكْمِ لا بُدَّ مِنهُ إذْ لا بُدَّ لِلنّاصِرِ مِنَ القُدْرَةِ عَلى نَصْرِ المَظْلُومِ ومِنَ العِلْمِ بِأنَّهُ كَذَلِكَ، وعَلى الثّانِي هو تَتْمِيمٌ وتَأْكِيدٌ والأوَّلُ أوْلى، وقِيلَ: لا يَبْعُدُ أنْ يَكُونَ المَعْنى ذَلِكَ النَّصْرَ بِسَبَبِ تَعاقُبِ اللَّيْلِ والنَّهارِ وتَناوُبِ الأزْمانِ والأدْوارِ (p-191)إلى أنْ يَجِيءَ الوَقْتُ الَّذِي قَدَّرَهُ المَلِكُ الجَبّارُ لِانْتِصارِ المَظْلُومِ وغَلَبَتِهِ، وفِيهِ أنَّهُ لا مُحَصِّلَ لَهُ ما لَمْ يُلاحِظْ قُدْرَةَ الفاعِلِ لِذَلِكَ، وقِيلَ: يَجُوزُ أنْ تَكُونَ الإشارَةُ إلى الِاتِّصافِ بِالعَفْوِ والغُفْرانِ أيْ ذَلِكَ الِاتِّصافُ بِسَبَبِ أنَّهُ تَعالى لَمْ يُؤاخِذِ النّاسَ بِذُنُوبِهِمْ فَيَجْعَلُ اللَّيْلَ والنَّهارَ سَرْمَدًا فَتَتَعَطَّلُ المَصالِحُ، وفِيهِ أنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ لا يُناسِبُ السِّياقَ غَيْرُ ظاهِرٍ لا سِيَّما إذا لُوحِظَ عَطْفُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وأنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ عَلى مَدْخُولِ الباءِ فِيما قَبْلُ،
{"ayah":"ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ یُولِجُ ٱلَّیۡلَ فِی ٱلنَّهَارِ وَیُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِی ٱلَّیۡلِ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِیعُۢ بَصِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











