الباحث القرآني

﴿والَّذِينَ سَعَوْا في آياتِنا﴾ أيْ بَذَلُوا الجُهْدَ في إبْطالِها فَسَمَّوْها تارَةً سِحْرًا وتارَةً (p-172)شِعْرًا وتارَةً أساطِيرَ الأوَّلِينَ. وأصْلُ السَّعْيِ الإسْراعُ في المَشْيِ ويُطْلَقُ عَلى الإصْلاحِ والإفْسادِ يُقالُ: سَعى في أمْرِ فُلانٍ إذا أصْلَحَهُ أوْ أفْسَدَهُ بِسَعْيِهِ فِيهِ ﴿مُعاجِزِينَ﴾ أيْ مُسابِقِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ والمُرادُ بِمُسابَقَتِهِمْ مُشاقَّتُهم لَهم ومُعارَضَتُهم فَكُلَّما طَلَبُوا إظْهارَ الحَقِّ طَلَبَ هَؤُلاءِ إبْطالَهُ، وأصْلُهُ مِن عاجَزَهُ فَأعْجَزَهُ وعَجَّزَهُ إذا سابَقَهُ فَسَبَقَهُ فَإنَّ كُلًّا مِنَ المُتَسابِقَيْنِ يُرِيدُ إعْجازَ الآخَرِ عَنِ اللَّحاقِ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍ و والجَحْدَرِيُّ وأبُو السَّمّالِ والزَّعْفَرانِيُّ «( معجزّين)» بِالتَّشْدِيدِ أيْ مُثَبِّطِينَ النّاسَ عَنِ الإيمانِ. وقالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ: ناسِبِينَ المُسْلِمِينَ إلى العَجْزِ كَما تَقُولُ: فَسَقْتُ فُلانًا إذا نَسَبْتَهُ إلى الفِسْقِ وهو المُناسِبُ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالعَذابِ﴾ وقَرَأ ابْنُ الزُّبَيْرِ «مُعْجِزِينَ» بِسُكُونِ العَيْنِ وتَخْفِيفِ الزّايِ مِن أعْجَزَكَ إذا سَبَقَكَ فَفاتَكَ، قالَ صاحِبُ اللَّوامِحِ: والمُرادُ هُنا ظانِّينَ أنَّهم يُعْجِزُونَنا وذَلِكَ لِظَنِّهِمْ أنَّهم لا يُبْعَثُونَ، وفُسِّرَ ( مُعاجِزِينَ ) في قِراءَةِ الجُمْهُورِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، والوَصْفُ عَلى جَمِيعِ القِراءاتِ حالٌ مِن ضَمِيرِ ( سَعَوْا ) ولَيْسَتْ مُقَدَّرَةً عَلى شَيْءٍ مِنها كَما يَظْهَرُ لِلْمُتَأمِّلِ ﴿أُولَئِكَ﴾ المَوْصُوفُونَ بِما ذُكِرَ ﴿أصْحابُ الجَحِيمِ﴾ أيْ مُلازِمُو النّارِ الشَّدِيدَةِ التَّأجُّجِ، وقِيلَ هو اسْمُ دَرَكَةٍ مِن دَرَكاتِ النّارِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب