الباحث القرآني

﴿الَّذِينَ إنْ مَكَّنّاهم في الأرْضِ أقامُوا الصَّلاةَ وآتَوُا الزَّكاةَ وأمَرُوا بِالمَعْرُوفِ ونَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ﴾ وصْفٌ لِلَّذِينِ أُخْرِجُوا مَقْطُوعٌ أوْ غَيْرُ مَقْطُوعٍ. وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ بَدَلًا، والتَّمْكِينُ السَّلْطَنَةُ ونَفاذُ الأمْرِ، والمُرادُ بِالأرْضِ جِنْسُها، وقِيلَ مَكَّةُ، والمُرادُ بِالصَّلاةِ الصَّلاةُ المَكْتُوبَةُ وبِالزَّكاةِ الزَّكاةُ المَفْرُوضَةُ وبِالمَعْرُوفِ التَّوْحِيدُ وبِالمُنْكَرِ الشِّرْكُ عَلى ما رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ. ولَعَلَّ الأوْلى في الأخِيرَيْنِ التَّعْمِيمُ، والوَصْفُ بِما ذُكِرَ كَما رُوِيَ عَنْ عُثْمانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ ثَناءٌ قَبْلَ بَلاءٍ يَعْنِي أنَّ اللَّهَ تَعالى أثْنى عَلَيْهِمْ قَبْلَ أنْ يُحْدِثُوا مِنَ الخَيْرِ ما أحْدَثُوا قالُوا: وفِيهِ دَلِيلٌ عَلى صِحَّةِ أمْرِ الخُلَفاءِ الرّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم أجْمَعِينَ وذَلِكَ عَلى ما في الكَشْفِ لِأنَّ الآيَةَ مَخْصُوصَةٌ بِالمُهاجِرِينَ لِأنَّهُمُ المُخْرَجُونَ بِغَيْرِ حَقٍّ والمُمَكَّنُونَ في الأرْضِ مِنهُمُ الخُلَفاءُ دُونَ غَيْرِهِمْ فَلَوْ لَمْ تَثْبُتِ الأوْصافُ الباقِيَةُ لَزِمَ الخُلْفُ في المَقالِ تَعالى اللَّهُ سُبْحانَهُ عَنْهُ لِدَلالَتِهِ عَلى أنَّ كُلَّ مُمْكِنٍ مِنهم يَلْزَمُهُ التَّوالِي لِعُمُومِ اللَّفْظِ، ولَمّا كانَ التَّمْكِينُ واقِعًا تَمَّ الِاسْتِدْلالُ دُونَ نَظَرٍ إلى اسْتِدْعاءِ الشَّرْطِيَّةِ الوُقُوعِ كالكَلامِ المَقْرُونِ بِلَعَلَّ وعَسى مِنَ العُظَماءِ فَإنَّ لُزُومَ التّالِي مُقْتَضى اللَّفْظِ لا مَحالَةَ ولَمّا وقَعَ المُقَدَّمُ لَزِمَ وُقُوعُهُ أيْضًا، وفي ثُبُوتِ التّالِي ثُبُوتُ حَقِّيَّةِ الخِلافَةِ البَتَّةَ وهي وارِدَةٌ عَلى صِيغَةِ (p-165)الجَمْعِ المُنافِيَةِ لِلتَّخْصِيصِ بِعَلِيٍّ وحْدَهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ، وعَنِ الحَسَنِ وأبِي العالِيَةِ هم أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ والأوْلى عَلى هَذا أنْ يُجْعَلَ المَوْصُولُ بَدَلًا مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَن يَنْصُرُهُ﴾ كَما أعْرَبَهُ الزَّجّاجُ، وكَذا يُقالُ عَلى ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُمُ المُهاجِرُونَ والأنْصارُ والتّابِعُونَ، وعَلى ما رُوِيَ عَنْ أبِي نُجَيْحٍ أنَّهُمُ الوُلاةُ. وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ المَقامَ لا يَقْتَضِي إلّا الأوَّلَ ﴿ولِلَّهِ﴾ خاصَّةً ﴿عاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ فَإنَّ مَرْجِعَها إلى حُكْمِهِ تَعالى وتَقْدِيرِهِ فَقَطْ، وفِيهِ تَأْكِيدٌ لِلْوَعْدِ بِإعْلاءِ كَلِمَتِهِ وإظْهارِ أوْلِيائِهِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب