الباحث القرآني
﴿لِيَشْهَدُوا﴾ مُتَعَلِّقٌ بِيَأْتُوكَ، وجَوَّزَ أبُو البَقاءِ تَعَلُّقَهُ بِأذِّنْ. أيْ (p-145)لِيَحْضُرُوا ﴿مَنافِعَ﴾ عَظِيمَةَ الخَطَرِ كَثِيرَةَ العَدَدِ فَتَنْكِيرُها وإنْ لَمْ يَكُنْ فِيها تَنْوِينٌ لِلتَّعْظِيمِ والتَّكْثِيرِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ لِلتَّنْوِيعِ أيْ نَوْعًا مِنَ المَنافِعِ الدِّينِيَّةِ والدُّنْيَوِيَّةِ، وتَعْمِيمُ المَنافِعِ بِحَيْثُ تَشْمَلُ النَّوْعَيْنِ مِمّا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، فَقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أنَّهُ قالَ في الآيَةِ: مَنافِعُ في الدُّنْيا ومَنافِعُ في الآخِرَةِ فَأمّا مَنافِعُ الآخِرَةِ فَرِضْوانُ اللَّهِ تَعالى وأمّا مَنافِعُ الدُّنْيا فَما يُصِيبُونَ مِن لُحُومِ البُدْنِ في ذَلِكَ اليَوْمِ والذَّبائِحِ والتِّجاراتِ، وخَصَّ مُجاهِدٌ مَنافِعَ الدُّنْيا بِالتِّجارَةِ فَهي جائِزَةٌ لِلْحاجِّ مِن غَيْرِ كَراهَةٍ إذا لَمْ تَكُنْ هي المَقْصُودَةَ مِنَ السَّفَرِ، واعْتُرِضَ بِأنَّ نِداءَهم ودَعْوَتَهم لِذَلِكَ مُسْتَبْعَدٌ، وفِيهِ نَظَرٌ، عَلى أنَّهُ إنَّما يَتَأتّى عَلى ما جَوَّزَهُ أبُو البَقاءِ، وعَنِ الباقِرِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ تَخْصِيصُ المَنافِعِ بِالأُخْرَوِيَّةِ، وفي رِوايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ تَخْصِيصُها بِالدُّنْيَوِيَّةِ والتَّعْمِيمُ أوْلى ( لَهم ) في مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِمَنافِعَ أيْ مَنافِعَ كائِنَةً لَهم ﴿ويَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ﴾ عِنْدَ النَّحْرِ ﴿فِي أيّامٍ مَعْلُوماتٍ﴾ أيْ مَخْصُوصاتٍ وهي أيّامُ النَّحْرِ كَما ذَهَبَ إلَيْهِ جَماعَةٌ مِنهم أبُو يُوسُفَ ومُحَمَّدٌ عَلَيْهِما الرَّحْمَةُ وعِدَّتُها ثَلاثَةُ أيّامٍ يَوْمُ العِيدِ ويَوْمانِ بَعْدَهُ عِنْدَنا وعِنْدَ الثَّوْرِيِّ وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ لِما رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وعَلِيٍّ وابْنِ عُمَرَ وابْنِ عَبّاسٍ. وأنَسٍ وأبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم أنَّهم قالُوا: أيّامُ النَّحْرِ ثَلاثَةٌ أفْضَلُها أوَّلُها، وقَدْ قالُوهُ سَماعًا لِأنَّ الرَّأْيَ لا يَهْتَدِي إلى المَقادِيرِ، وفي الأخْبارِ الَّتِي يُعَوَّلُ عَلَيْها تَعارُضٌ فَأخَذْنا بِالمُتَيَقَّنِ وهو الأقَلُّ، وقالَ الشّافِعِيُّ والحَسَنُ وعَطاءٌ: أرْبَعَةُ أيّامٍ يَوْمُ العِيدِ وثَلاثَةٌ بَعْدَهُ لِقَوْلِهِ ﷺ «: «أيّامُ التَّشْرِيقِ كُلُّها أيّامُ ذَبْحٍ»» وعِنْدَ النَّخَعِيِّ وقْتُ النَّحْرِ يَوْمانِ، وعِنْدَ ابْنِ سِيرِينَ يَوْمٌ واحِدٌ، وعِنْدَ أبِي سَلَمَةَ وسُلَيْمانَ بْنِ يَسارٍ الأضْحى إلى هِلالِ المُحَرَّمِ ولَمْ نَجِدْ في ذَلِكَ مُسْتَنَدًا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. واسْتُدِلَّ بِذِكْرِ الأيّامِ عَلى أنَّ الذَّبْحَ لا يَجُوزُ لَيْلًا، قالَ أبُو حَيّانَ: وهو مَذْهَبُ مالِكٍ وأصْحابِ الرَّأْيِ انْتَهى. والمَذْكُورُ في كُتُبِ الأصْحابِ أنَّهُ يَجُوزُ الذَّبْحُ إلّا أنَّهُ يُكْرَهُ لِاحْتِمالِ الغَلَطِ في ظُلْمَةِ اللَّيْلِ.
وأمّا الِاسْتِدْلالُ عَلى عَدَمِ الجَوازِ بِذِكْرِ الأيّامِ فَكَما تَرى، وقِيلَ الأيّامُ المَعْلُوماتُ عَشْرُ ذِي الحِجَّةِ وإلَيْهِ ذَهَبَ أبُو حَنِيفَةَ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ والحَسَنِ وإبْراهِيمَ وقَتادَةَ ولَعَلَّ المُرادَ بِذِكْرِ اسْمِهِ تَعالى عَلى هَذا ما قِيلَ حَمْدُهُ وشُكْرُهُ عَزَّ وجَلَّ وعَلى الأوَّلِ قَوْلُ الذّابِحِ: بِسْمِ اللَّهِ واللَّهُ أكْبَرُ عَلى ما رُوِيَ عَنْ قَتادَةَ، وذُكِرَ أنَّهُ يُقالُ مَعَ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ مِنكَ ولَكَ عَنْ فُلانٍ، وسَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى قَوْلٌ آخَرُ. ورَجَّحَ كَوْنُهُ بِمَعْنى الشُّكْرِ بِأنَّهُ أوْفَقُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿عَلى ما رَزَقَهم مِن بَهِيمَةِ الأنْعامِ﴾ . واخْتارَ الزَّمَخْشَرِيُّ أنَّ الذِّكْرَ عَلى بَهِيمَةِ الأنْعامِ أوْ مُطْلَقًا عَلى ما يَقْتَضِيهِ ظاهِرُ كَلامِ بَعْضِهِمْ كِنايَةً عَنِ النَّحْرِ، وذَكَرَ أنَّهُ دَلَّ بِذَلِكَ عَلى المَقْصُودِ الأصْلِيِّ مِنَ النَّحْرِ وما يُمَيِّزُهُ عَنِ العاداتِ. وأوْمَأ فِيهِ إلى أنَّ الأعْمالَ الحَجِّيَّةَ كُلَّها شُرِّعَتْ لِلذِّكْرِ. وأنَّهُ قِيلَ: ﴿عَلى ما رَزَقَهُمْ﴾ إلى آخِرِهِ تَشْوِيقًا في التَّقَرُّبِ بِبَهِيمَةِ الأنْعامِ المُرادِ بِها الإبِلُ والبَقَرُ والضَّأْنُ والمَعْزُ إلى الرّازِقِ وتَهْوِينًا عَلَيْهِمْ في الإنْفاقِ مَعَ ما في ذَلِكَ مِنَ الإجْمالِ والتَّفْسِيرِ، وظَرْفِيَّةُ الأيّامِ المَعْلُوماتِ عَلى القَوْلِ بِأنَّها عَشْرُ ذِي الحِجَّةِ لِلنَّحْرِ بِاعْتِبارِ أنَّ يَوْمَ النَّحْرِ مِنها، وقَدْ يُقالُ مِثْلُ ذَلِكَ عَلى تَقْدِيرِ إيفاءِ الذِّكْرِ عَلى ما يَتَبادَرُ مِنهُ ﴿فَكُلُوا مِنها﴾ التِفاتٌ إلى الخِطابِ والفاءُ فَصِيحَةٌ أيْ (p-146)فاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ تَعالى عَلى ضَحاياكم فَكُلُوا مِن لُحُومِها، والأمْرُ لِلْإباحَةِ بِناءً عَلى أنَّ الأكْلَ كانَ مَنهِيًّا عَنْهُ شَرْعًا. وقَدْ قالُوا: إنَّ الأمْرَ بَعْدَ المَنعِ يَقْتَضِي الإباحَةَ، ويَدُلُّ عَلى سَبْقِ النَّهْيِ قَوْلُهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ««كُنْتُ نَهَيْتُكم عَنْ أكْلِ لُحُومِ الأضاحِي فَكَلُّوا مِنها وادَّخِرُوا»» وقِيلَ لِأنَّ أهْلَ الجاهِلِيَّةِ كانُوا يَتَحَرَّجُونَ فِيهِ أوْ لِلنَّدْبِ عَلى مُواساةِ الفُقَراءِ ومُساواتِهِمْ في الأكْلِ مِنها، وهَذا عَلى ما قالَ الخَفاجِيُّ مَذْهَبُ أبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ.
﴿وأطْعِمُوا البائِسَ﴾ أيِ الَّذِي أصابَهُ بُؤْسٌ أيْ شِدَّةٌ، وعَنْ مُجاهِدٍ وعِكْرِمَةَ تَفْسِيرُهُ بِالَّذِي يَمُدُّ كَفَّيْهِ إلى النّاسِ يَسْألُ ﴿الفَقِيرَ﴾ أيِ المُحْتاجَ، والأمْرُ لِلنَّدْبِ عِنْدَ الإمامِ عَلِيٍّ ذَكَرَهُ الخَفاجِيُّ أيْضًا، ويُسْتَحَبُّ كَما في الهِدايَةِ أنْ لا يَنْقُصَ ما يُطْعِمُ عَنِ الثُّلُثِ لِأنَّ الجِهاتِ الأكْلُ والإطْعامُ الثّابِتانِ بِالآيَةِ والِادِّخارُ الثّابِتُ بِالحَدِيثِ فَتُقَسَّمُ الأُضْحِيَّةُ عَلَيْها أثْلاثًا وقالَ بَعْضُهم: لا تَحْدِيدَ فِيما يُؤْكَلُ أوْ يُطْعَمُ لِإطْلاقِ الآيَةِ، وأوْجَبَ الشّافِعِيَّةُ الإطْعامَ وذَهَبَ قَوْمٌ إلى أنَّ الأكْلَ مِنَ الأُضْحِيَّةِ واجِبٌ أيْضًا. وتَخْصِيصُ البائِسِ الفَقِيرِ بِالإطْعامِ لا يَنْفِي جَوازَ إطْعامِ الغَنِيِّ، وقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلى الجَوازِ بِالأمْرِ الأوَّلِ لِإفادَتِهِ جَوازَ أكْلِ الذّابِحِ ومَتى جازَ أكْلُهُ وهو غَنِيٌّ جازَ أنْ يُؤْكِلَهُ غَنِيًّا
{"ayah":"لِّیَشۡهَدُوا۟ مَنَـٰفِعَ لَهُمۡ وَیَذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِیۤ أَیَّامࣲ مَّعۡلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِیمَةِ ٱلۡأَنۡعَـٰمِۖ فَكُلُوا۟ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُوا۟ ٱلۡبَاۤىِٕسَ ٱلۡفَقِیرَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق