الباحث القرآني
﴿فاسْتَجَبْنا لَهُ﴾ دُعاءَهُ ﴿ووَهَبْنا لَهُ يَحْيى﴾ وقَدْ مَرَّ بَيانُ كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ ﴿وأصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ﴾ أيْ أصْلَحْناها لِلْمُعاشَرَةِ بِتَحَسُّنِ خُلُقِها وكانَتْ سَيِّئَةَ الخُلُقِ طَوِيلَةَ اللِّسانِ كَما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وعَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ ومُحَمَّدٍ ابْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ وعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أوْ أصْلَحْناها لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بَرَدِّ شَبابِها إلَيْها وجَعْلِها ولُودًا وكانَتْ لا تَلِدُ كَما رُوِيَ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ وقَتادَةَ، وعَلى الأوَّلِ تَكُونُ هَذِهِ الجُمْلَةُ عَطْفًا عَلى جُمْلَةِ (اسْتَجَبْنا ) لِأنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَدْعُ بِتَحْسِينِ خُلُقِ زَوْجِهِ.
قالَ الخَفاجِيُّ: ويَجُوزُ عَطْفُها عَلى ﴿وهَبْنا﴾ وحِينَئِذٍ يَظْهَرُ عَطْفُهُ بِالواوِ لِأنَّهُ لِما فِيهِ مِنَ الزِّيادَةِ عَلى المَطْلُوبِ لا يُعْطَفُ بِالفاءِ التَّفْصِيلِيَّةِ، وعَلى الثّانِي العَطْفُ عَلى ﴿وهَبْنا﴾ وقَدَّمَ هِبَةَ يَحْيى مَعَ تَوَقُّفِها عَلى إصْلاحِ الزَّوْجِ لِلْوِلادَةِ لِأنَّها المَطْلُوبُ الأعْظَمُ، والواوُ لا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا فَلا حاجَةَ لِما قِيلَ: المُرادُ بِالهِبَةِ إرادَتُها، قالَ الخَفاجِيُّ: ولَمْ يَقُلْ سُبْحانَهُ: فَوَهَبْنا لِأنَّ المُرادَ الِامْتِنانُ لا التَّفْسِيرُ لِعَدَمِ الِاحْتِياجِ إلَيْهِ مَعَ أنَّهُ لا يَلْزَمُ التَّفْسِيرُ بِالفاءِ بَلْ قَدْ يَكُونُ العَطْفُ التَّفْسِيرِيُّ بِالواوِ انْتَهى، ولا يَخْفى ما فِيهِ فَتَدَبَّرْ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّهم كانُوا يُسارِعُونَ في الخَيْراتِ﴾ تَعْلِيلٌ لِما فُصِّلَ مِن فُنُونِ إحْسانِهِ المُتَعَلِّقَةِ بِالأنْبِياءِ المَذْكُورِينَ سابِقًا عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَضَمائِرُ الجَمْعِ لِلْأنْبِياءِ المُتَقَدِّمِينَ.
وقِيلَ: لِزَكَرِيّا وزَوْجِهِ ويَحْيى، والجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِما يُفْهَمُ مِنَ الكَلامِ مِن حُصُولِ القُرْبى والزُّلْفى والمَراتِبِ العالِيَةِ لَهم أوِ اسْتِئْنافٌ وقَعَ جَوابًا عَنْ سُؤالٍ تَقْدِيرُهُ ما حالُهم ؟ والمُعَوَّلُ عَلَيْهِ ما تَقَدَّمَ، والمَعْنى إنَّهم كانُوا يَجِّدُونَ ويَرْغَبُونَ في أنْواعِ الأعْمالِ الحَسَنَةِ وكَثِيرًا ما يَتَعَدّى أسْرَعَ بِفي لِما فِيهِ مِن مَعْنى الجِدِّ والرَّغْبَةِ فَلَيْسَتْ في بِمَعْنى إلى أوْ لِلتَّعْلِيلِ ولا الكَلامُ مِن قَبِيلِ.
يَجْرَحُ في عَراقِيبِها نُصَلِّي ﴿ويَدْعُونَنا رَغَبًا ورَهَبًا﴾ أيْ راغِبِينَ في نِعَمِنا وراهِبِينَ مِن نِقَمِنا أوْ راغِبِينَ في قَبُولِ أعْمالِهِمْ وراهِبِينَ مِن رَدِّها، فَرَغَبًا ورَهَبًا مَصْدَرانِ في مَوْضِعِ (p-88)الحالِ بِتَأْوِيلِهِما بِاسْمِ الفاعِلِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ مُضافٍ أيْ ذَوِي رَغَبٍ، ويَجُوزُ إبْقاؤُهُما عَلى الظّاهِرِ مُبالَغَةً، وجُوِّزَ أنْ يَكُونا جَمْعَيْنِ كَخَدَمٍ جَمْعُ خادِمٍ لَكِنْ قالُوا: إنَّ هَذا الجَمْعَ مَسْمُوعٌ في ألْفاظٍ نادِرَةٍ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونا نُصِبا عَلى التَّعْلِيلِ أيْ لِأجْلِ الرَّغْبَةِ والرَّهْبَةِ، وجَوَّزَ أبُو البَقاءِ نَصْبَهُما عَلى المَصْدَرِ نَحْوُ قَعَدْتُ جُلُوسًا وهو كَما تَرى.
وحُكِيَ في مَجْمَعِ البَيانِ أنَّ الدُّعاءَ رَغْبَةً بِبُطُونِ الأكُفِّ ورَهْبَةً بِظُهُورِها، وقَدْ قالَ بِهِ بَعْضُ عُلَمائِنا، والظّاهِرُ أنَّ الجُمْلَةَ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ ( يُسارِعُونَ ) فَهي داخِلَةٌ مَعَها في حَيِّزِ ( كانُوا )، وفي عَدَمِ إعادَتِها رَمْزٌ إلى أنَّ الدُّعاءَ المَذْكُورَ مِن تَوابِعِ تِلْكَ المُسارَعَةِ، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ ( يَدْعُونا ) بِحَذْفِ نُونِ الرَّفْعِ، وقَرَأ طَلْحَةُ (يَدْعُونّا ) بِنُونٍ مُشَدَّدَةٍ أدْغَمَ نُونَ الرَّفْعِ في نُونِ ضَمِيرِ النَّصْبِ، وقَرَأ (رَغْبًا ) (ورَهْبًا ) بِفَتْحِ الرّاءِ وإسْكانِ ما بَعْدَها و(رُغْبًا ) (ورُهْبًا ) بِالضَّمِّ والإسْكانِ ﴿وكانُوا لَنا خاشِعِينَ﴾ أيْ مُخْبِتِينَ مُتَضَرِّعِينَ أوْ دائِمِي الوَجَلِ، وحاصِلُ التَّعْلِيلِ أنَّهم نالُوا مِنَ اللَّهِ تَعالى ما نالُوا بِسَبَبِ اتِّصافِهِمْ بِهَذِهِ الخِصالِ الحَمِيدَةِ.
{"ayah":"فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَوَهَبۡنَا لَهُۥ یَحۡیَىٰ وَأَصۡلَحۡنَا لَهُۥ زَوۡجَهُۥۤۚ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰتِ وَیَدۡعُونَنَا رَغَبࣰا وَرَهَبࣰاۖ وَكَانُوا۟ لَنَا خَـٰشِعِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











