الباحث القرآني

﴿وعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ﴾ أيْ عَمَلَ الدِّرْعِ وأصْلُهُ كُلُّ ما يُلْبَسُ، وأنْشَدَ ابْنُ السِّكِّيتِ: ؎البِسْ لِكُلِّ حالَةٍ لَبُوسَها إمّا نَعِيمُها وإمّا بُؤْسُها وقِيلَ: هو اسْمٌ لِلسِّلاحِ كُلِّهِ دِرْعًا كانَ أوْ غَيْرَهُ، واخْتارَهُ الطَّبَرْسِيُّ وأنْشَدَ لِلْهُذَلِيِّ يَصِفُ رُمْحًا:(p-77) ؎ومَعِيَ لَبُوسٌ لِلْبَئِيسِ كَأنَّهُ ∗∗∗ رَوْقٌ بِجَبْهَةِ ذِي نِعاجٍ مَحْفِلِ قالَ قَتادَةُ: كانَتِ الدُّرُوعُ قَبْلَ ذَلِكَ صَفائِحَ فَأوَّلُ مَن سَرَدَها وحَلَقَها داوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَجَمَعَتِ الخِفَّةَ والتَّحْصِينَ، ويُرْوى أنَّهُ نَزَلَ مَلَكانِ مِنَ السَّماءِ فَمَرّا بِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقالَ أحَدُهُما لِلْآخَرِ: نِعْمَ الرَّجُلُ داوُدُ إلّا أنَّهُ يَأْكُلُ مِن بَيْتِ المالِ فَسَألَ اللَّهَ تَعالى أنْ يَرْزُقَهُ مِن كَسْبِهِ فَألانَ لَهُ الحَدِيدَ فَصَنَعَ مِنهُ الدِّرْعَ، وقُرِئَ (لُبُوسَ ) بِضَمِّ اللّامِ ( لَكم ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ صِفَةً لِلَبُوسٍ، وجَوَّزَ أبُو البَقاءِ تَعَلُّقَهُ بِعَلَّمْنا أوْ بِصَنْعَةٍ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِتُحْصِنَكُمْ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِعَلَّمْنا أوْ بَدَلُ اشْتِمالٍ مِن ( لَكم ) بِإعادَةِ الجارِّ مُبَيِّنٌ لِكَيْفِيَّةِ الِاخْتِصاصِ والمَنفَعَةِ المُسْتَفادَةِ مِن لامِ ( لَكم ) والضَّمِيرُ المُسْتَتِرُ لِلَبُوسٍ، والتَّأْنِيثُ بِتَأْوِيلِ الدِّرْعِ وهي مُؤَنَّثٌ سَماعِيٌّ أوْ لِلصَّنْعَةِ. وقَرَأ جَماعَةٌ (لِيُحْصِنَكم ) بِالياءِ التَّحْتِيَّةِ عَلى أنَّ الضَّمِيرَ لِلَبُوسٍ أوْ لِداوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ قِيلَ أوِ التَّعْلِيمِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ لِلَّهِ تَعالى عَلى سَبِيلِ الِالتِفاتِ، وأُيِّدَ بِقِراءَةِ أبِي بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ (لِنُحْصِنَكم ) بِالنُّونِ، وكُلُّ هَذِهِ القِراءاتِ بِإسْكانِ الحاءِ والتَّخْفِيفِ. وقَرَأ الفَقِيمِيُّ عَنْ أبِي عَمْرٍ و، وابْنِ أبِي حَمّادٍ عَنْ أبِي بَكْرٍ بِالياءِ التَّحْتِيَّةِ وفَتْحِ الحاءِ وتَشْدِيدِ الصّادِ، وابْنُ وثّابٍ والأعْمَشُ بِالتّاءِ الفَوْقِيَّةِ والتَّشْدِيدِ ﴿مِن بَأْسِكُمْ﴾ قِيلَ أيْ مِن حَرْبِ عَدُوِّكم، والمُرادُ مِمّا يَقَعُ فِيها، وقِيلَ الكَلامُ عَلى تَقْدِيرِ مُضافٍ أيْ مِن آلَةِ بَأْسِكم كالسَّيْفِ ﴿فَهَلْ أنْتُمْ شاكِرُونَ﴾ أمْرٌ وارِدٌ صُورَةَ الِاسْتِفْهامِ لِما فِيهِ مِنَ التَّقْرِيعِ بِالإيماءِ إلى التَّقْصِيرِ في الشُّكْرِ والمُبالَغَةِ بِدَلالَتِهِ عَلى أنَّ الشُّكْرَ مُسْتَحِقُّ الوُقُوعِ بِدُونِ أمْرٍ فَسَألَ عَنْهُ هَلْ وقَعَ ذَلِكَ الأمْرُ اللّازِمُ الوُقُوعَ أمْ لا
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب