الباحث القرآني

﴿ولُوطًا﴾ قِيلَ هو مَنصُوبٌ بِمُضْمَرٍ يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿آتَيْناهُ﴾ أيْ وآتَيْنا لُوطًا آتَيْناهُ والجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلى ﴿وهَبْنا لَهُ﴾ جَمَعَ سُبْحانَهُ إبْراهِيمَ ولُوطًا في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ونَجَّيْناهُ ولُوطًا﴾ ثُمَّ بَيَّنَ ما أنْعَمَ بِهِ عَلى كُلٍّ مِنهُما بِالخُصُوصِ وما وقَعَ في البَيْنِ بَيانٌ عَلى وجْهِ العُمُومِ. والطَّبَرْسِيُّ جَعَلَ المُرادَ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ( وكُلًّا ) إلَخْ أيْ كُلًّا مِن إبْراهِيمَ ووَلَدَيْهِ إسْحاقَ. ويَعْقُوبَ جَعَلْنا إلَخْ فَلا انْدِراجَ لِلُوطٍ عَلَيْهِ السَّلامُ هُناكَ ولَهُ وجْهٌ، وأمّا كَوْنُ المُرادِ وكُلًّا مِن إسْحاقَ ويَعْقُوبَ فَلا وجْهَ لَهُ ويَحْتاجُ إلى تَكْلِيفِ تَوْجِيهِ الجَمْعِ فِيما بَعْدَهُ، وقِيلَ بِأذْكُرُ مُقَدَّرًا وجُمْلَةُ ﴿آتَيْناهُ﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ ﴿حُكْمًا﴾ أيْ حِكْمَةً، والمُرادُ بِها ما يَجِبُ فِعْلُهُ أوْ نُبُوَّةً فَإنَّ النَّبِيَّ حاكِمٌ عَلى أُمَّتِهِ أوِ الفَصْلَ بَيْنَ الخُصُومِ في القَضاءِ، وقِيلَ حِفْظُ صُحُفِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وفِيهِ بُعْدٌ ﴿وعِلْمًا﴾ بِما يَنْبَغِي عِلْمُهُ لِلْأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ﴿ونَجَّيْناهُ مِنَ القَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الخَبائِثَ﴾ قِيلَ أيِ اللُّواطَةَ، والجَمْعُ بِاعْتِبارِ تَعَدُّدِ المَوادِّ، وقِيلَ المُرادُ الأعْمالُ الخَبِيثَةُ مُطْلَقًا إلّا أنَّ أشْنَعَها اللُّواطَةُ، فَقَدْ أخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ بَشِيرٍ. والخَطِيبُ، وابْنُ عَساكِرَ عَنِ الحَسَنِ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَشْرُ خِصالٍ عَمِلَتْها قَوْمُ لُوطٍ بِها أُهْلِكُوا إتْيانُ الرِّجالِ بَعْضَهم بَعْضًا ورَمْيُهم بِالجَلاهِقِ والخَذْفِ ولَعِبُهم بِالحَمامِ وضَرْبُ الدُّفُوفِ وشُرْبُ الخُمُورِ وقَصُّ اللِّحْيَةِ وطُولُ الشّارِبِ والصَّفْرُ والتَّصْفِيقُ ولِباسُ الحَرِيرِ وتَزَيَّدَها أُمَّتِي بِخُلَّةِ إتْيانِ النِّساءِ بَعْضَهُنَّ بَعْضًا»» . وأُسْنِدَ ذَلِكَ إلى القَرْيَةِ عَلى حَذْفِ المُضافِ وإقامَةِ المُضافِ إلَيْهِ مَقامَهُ فالنَّعْتُ سَبَبِيٌّ نَحْوُ جاءَنِي رَجُلٌ زَنى غُلامُهُ، ولَوْ جُعِلَ الإسْنادُ مَجازِيًّا بِدُونِ تَقْدِيرٍ أوِ القَرْيَةُ مَجازًا عَنْ أهْلِها جازَ، واسْمُ القَرْيَةِ سَدُومٌ، وقِيلَ: كانَتْ قُراهم سَبْعًا فَعَبَّرَ عَنْها بِبَعْضِها لِأنَّها أشْهَرُها. وفي البَحْرِ أنَّهُ عَبَّرَ عَنْها بِالواحِدَةِ لِاتِّفاقِ أهْلِها عَلى الفاحِشَةِ ويُرْوى أنَّها كُلَّها قُلِبَتْ إلّا زَغَرَ لِأنَّها كانَتْ مَحَلَّ مَن آمَنَ بِلُوطٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، والمَشْهُورُ قَلْبُ الجَمِيعِ. ﴿إنَّهم كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ﴾ أيْ خارِجِينَ عَنِ الطّاعَةِ غَيْرَ مُنْقادِينَ لِلُوطٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، والجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِتَعْمَلَ الخَبائِثَ، وقِيلَ: لَنَجَّيْناهُ وهو كَما تَرى
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب