الباحث القرآني
﴿وجَعَلْناهم أئِمَّةً﴾ يُقْتَدى بِهِمْ في أُمُورِ الدِّينِ ﴿يَهْدُونَ﴾ أيِ الأُمَّةَ إلى الحَقِّ ﴿بِأمْرِنا﴾ لَهم بِذَلِكَ وإرْسالِنا إيّاهم حَتّى صارُوا مُكَمِّلِينَ ﴿وأوْحَيْنا إلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْراتِ﴾ لِيَتِمَّ الكَمالُ بِانْضِمامِ العَمَلِ إلى العِلْمِ، وأصْلُهُ عَلى ما ذَهَبَ إلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ ومَن تابَعَهُ أنْ يُفْعَلَ الخَيْراتُ بِبِناءِ الفِعْلِ لِما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ ورَفْعِ الخَيْراتِ عَلى النِّيابَةِ عَنِ الفاعِلِ ثُمَّ فِعْلًا الخَيْراتُ بِتَنْوِينِ المَصْدَرِ ورَفْعِ الخَيْراتِ أيْضًا عَلى أنَّهُ نائِبُ الفاعِلِ لِمَصْدَرِ المَجْهُولِ ثُمَّ فِعْلَ الخَيْراتِ بِحَذْفِ التَّنْوِينِ وإضافَةِ المَصْدَرِ لِمَعْمُولِهِ القائِمِ مَقامَ فاعِلِهِ، والدّاعِي كَما قِيلَ إنَّ ﴿فِعْلَ الخَيْراتِ﴾ بِالمَعْنى المَصْدَرِيِّ لَيْسَ مُوحًى إنَّما المُوحى أنْ يَفْعَلَ، ومَصْدَرُ المَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ والحاصِلُ بِالمَصْدَرِ كالمُتَرادِفَيْنِ، وأيْضًا الوَحْيُ عامٌّ لِلْأنْبِياءِ المَذْكُورِينَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ وأُمَمِهِمْ فَلِذا بُنِيَ لِلْمَجْهُولِ.
وتَعَقَّبَ ذَلِكَ أبُو حَيّانَ بِأنَّ بِناءَ المَصْدَرِ لِما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَأجازَ ذَلِكَ الأخْفَشُ والصَّحِيحُ مَنعُهُ، وما ذُكِرَ مِن عُمُومِ الوَحْيِ لا يُوجِبُ ذَلِكَ هُنا إذْ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَصْدَرُ مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ ومُضافًا مِن حَيْثُ المَعْنى إلى ظاهِرٍ مَحْذُوفٍ يَشْمَلُ المُوحى إلَيْهِمْ وغَيْرَهم أيْ فِعْلَ المُكَلَّفِينَ الخَيْراتِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُضافًا إلى المُوحى إلَيْهِمْ أيْ أنْ يَفْعَلُوا الخَيْراتِ وإذا كانُوا قَدْ أُوحِيَ إلَيْهِمْ ذَلِكَ فَأتْباعُهم جارُونَ مُجْراهم في ذَلِكَ ولا يَلْزَمُ اخْتِصاصُهم بِهِ انْتَهى.
وانْتُصِرَ لِلزَّمَخْشَرِيِّ بِأنَّ ما ذَكَرَهُ بَيانٌ لِأمْرٍ مُقَرَّرٍ في النَّحْوِ والدّاعِي إلَيْهِ أمْرانِ ثانِيهُما ما ذُكِرَ مِن عُمُومِ الوَحْيِ الَّذِي اعْتُرِضَ عَلَيْهِ والأوَّلُ سالِمٌ عَنِ الِاعْتِراضِ ذَكَرَ أكْثَرَ ذَلِكَ الخَفاجِيُّ ثُمَّ قالَ: الظّاهِرُ أنَّ المَصْدَرَ هُنا لِلْأمْرِ كَضَرْبَ الرِّقابِ، وحِينَئِذٍ فالظّاهِرُ أنَّ الخِطابَ لِلْأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَيَكُونُ المُوحى قَوْلُ اللَّهِ تَعالى افْعَلُوا الخَيْراتِ، وكانَ ذَلِكَ لِأنَّ الوَحْيَ مِمّا فِيهِ مَعْنى القَوْلِ كَما قالُوا فَيَتَعَلَّقُ بِهِ لا بِالفِعْلِ إلّا أنَّهُ قِيلَ يَرُدُّ عَلَيْهِ ما أُشِيرَ أوَّلًا إلَيْهِ مِن أنَّ ما ذُكِرَ لَيْسَ مِنَ الأحْكامِ المُخْتَصَّةِ بِالأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ولا يَخْفى أنَّ الأمْرَ فِيهِ سَهْلٌ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ المُرادُ شَرَعْنا لَهم فِعْلَ ذَلِكَ بِالإيحاءِ إلَيْهِمْ فَتَأمَّلْ، والكَلامُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإقامَ الصَّلاةِ وإيتاءَ الزَّكاةِ﴾ عَلى هَذا الطِّرْزِ، وهو كَما قالَ غَيْرُ واحِدٍ مِن عَطْفِ الخاصِّ عَلى العامِّ دَلالَةً عَلى فَضْلِهِ وإنافَتِهِ، وأصْلُ ( إقامَ ) إقْوامٌ فَقُلِبَتْ واوُهُ ألِفًا بَعْدَ نَقْلِ حَرَكَتِها لِما قَبْلَها وحُذِفَ إحْدى ألِفَيْهِ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، والأكْثَرُ تَعْوِيضُ التّاءِ عَنْها فَيُقالُ إقامَةٌ وقَدْ تُتْرَكُ التّاءُ إمّا مُطْلَقًا كَما ذَهَبَ (p-72)إلَيْهِ سِيبَوَيْهِ والسَّماعُ يَشْهَدُ لَهُ، وإمّا بِشَرْطِ الإضافَةِ لِيَكُونَ المُضافُ سادًّا مَسَدَّها كَما ذَهَبَ إلَيْهِ الفَرّاءُ وهو كَما قالَ أبُو حَيّانَ مَذْهَبٌ مَرْجُوحٌ، والَّذِي حَسَّنَ الحَذْفَ هُنا المُشاكَلَةُ، والآيَةُ ظاهِرَةٌ في أنَّهُ كانَ في الأُمَمِ السّالِفَةِ صَلاةٌ وزَكاةٌ وهو مِمّا تَضافَرَتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ إلّا أنَّهُما لَيْسا كالصَّلاةِ والزَّكاةِ المَفْرُوضَتَيْنِ عَلى هَذِهِ الأُمَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ عَلى نَبِيِّها أفْضَلُ الصَّلاةِ وأكْمَلُ التَّحِيَّةِ ﴿وكانُوا لَنا﴾ خاصَّةً دُونَ غَيْرِنا ﴿عابِدِينَ﴾ لا يَخْطُرُ بِبالِهِمْ غَيْرُ عِبادَتِنا كَأنَّهُ تَعالى أشارَ بِذَلِكَ إلى أنَّهم وفُّوا بِعَهْدِ العُبُودِيَّةِ بَعْدَ أنْ أشارَ إلى أنَّهُ سُبْحانَهُ وفّى لَهم بِعَهْدِ الرُّبُوبِيَّةِ
{"ayah":"وَجَعَلۡنَـٰهُمۡ أَىِٕمَّةࣰ یَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا وَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡهِمۡ فِعۡلَ ٱلۡخَیۡرَ ٰتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِیتَاۤءَ ٱلزَّكَوٰةِۖ وَكَانُوا۟ لَنَا عَـٰبِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق