الباحث القرآني

﴿فَأوْجَسَ في نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى﴾ الإيجاسُ الإخْفاءُ والخِيفَةُ الخَوْفُ وأصْلُهُ خِوَفَةٌ قُلِبَتِ الواوُ ياءً لِكَسْرَةِ ما قَبْلَها، وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ خَوْفَةً بِفَتْحِ الخاءِ قُلِبَتِ الواوُ ياءً ثُمَّ كُسِرَتِ الخاءُ لِلتَّناسُبِ والأوَّلُ أوْلى. والتَّنْوِينُ لِلتَّحْقِيرِ أيْ أخْفى فِيها بَعْضَ خَوْفٍ مِن مُفاجَأةِ ذَلِكَ بِمُقْتَضى طَبْعِ الجِبِلَّةِ البَشَرِيَّةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الأمْرِ المَهُولِ وهو قَوْلُ الحَسَنِ، وقالَ مُقاتِلٌ: خافَ عَلَيْهِ السَّلامُ مِن أنْ يَعْرِضَ لِلنّاسِ ويَخْتَلِجَ في خَواطِرِهِمْ شَكٌّ وشُبْهَةٌ في مُعْجِزَةِ العَصا لِما رَأوْا مِن عِصِيِّهِمْ. وإضْمارُ خَوْفِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ مِن ذَلِكَ لِئَلّا تَقْوى نُفُوسُهم إذا ظَهَرَ لَهم فَيُؤَدِّي إلى عَدَمِ اتِّباعِهِمْ، وقِيلَ: التَّنْوِينُ لِلتَّعْظِيمِ أيْ أخْفى فِيها خَوْفًا عَظِيمًا، وقالَ بَعْضُهم: إنَّ الصِّيغَةَ لِكَوْنِها فِعْلَةً وهي دالَّةٌ عَلى الهَيْئَةِ والحالَةِ اللّازِمَةِ تُشْعِرُ بِذَلِكَ ولِذا اخْتِيرَتْ عَلى الخَوْفِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ويُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ والمَلائِكَةُ مِن خِيفَتِهِ﴾ ولا يَأْباهُ الإيجاسُ، وقِيلَ: يَأْباهُ والأوَّلُ هو الأنْسَبُ بِحالِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ إنْ كانَ خَوْفُهُ مِمّا قالَهُ الحَسَنُ والثّانِي هو الأنْسَبُ بِحالِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ إنْ كانَ خَوْفُهُ مِمّا قالَهُ مُقاتِلٌ، وقِيلَ: إنَّهُ أنْسَبُ أيْضًا بِوَصْفِ السِّحْرِ بِالعِظَمِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وجاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ وأيَّدَ بَعْضُهم كَوْنَ التَّنْوِينِ لِذَلِكَ بِإظْهارِ مُوسى وعَدَمِ إضْمارِهِ فَتَأمَّلْ، وقِيلَ: إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ سَمِعَ لَمّا قالُوا إمّا أنْ تُلْقِيَ إلَخِ ألْقُوا يا أوْلِياءَ اللَّهِ تَعالى فَخافَ لِذَلِكَ حَيْثُ يَعْلَمُ أنَّ أوْلِياءَ اللَّهِ تَعالى لا يُغْلَبُونَ ولا يَكادُ يَصِحُّ والنَّظْمُ الكَرِيمُ يَأْباهُ. وتَأْخِيرُ الفاعِلِ لِمُراعاةِ الفَواصِلِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب